الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: سرديات رمضانية.. وقائع ومواقع

مصطفى المنوزي: سرديات رمضانية.. وقائع ومواقع مصطفى المنوزي
ثلاث وقائع أثارت اهتمام الرأي العام الوطني، وتستحق نوعا من القراءة السيميائية: 
- الحالة الفزيائية والمعنوية التي كان عليها السيد رئيس الحكومة وهي تقتضي من الناحية الإنسانية إيجاد صيغة إستعجالية لإنقاذه من الوضع الحرج الذي كان عليه عزيز أخنوش  ويؤدي صلاته بصعوبة شديدة، والتي يفترض فيها أنها تشترط الخشوع والتركيز. فمن باب الضرورة تبيح المحظورة كان ينبغي عدم التعسف في الإنضباط لطقوس البروتوكول، فليس المرض عيبا أو جريمة حتى يتم التغاضي عنه أو ستره. فعاهل البلاد يعلن عن كل نأمة وإحساس في هذا الصدد ، ويا ما اشتغلت آلية بلاغات الديوان الملكي لتنير المواطنين بوضعيته الصحية دون حرج، وهذا مفيد في جميع الحالات، على خلاف ما كان عليه الأمر في الماضي، فالحديث عن مرض الملك من الطابوهات وينتمي إلى خانة "كل ما من شأنه" . ولست ادري لماذا ركز عليه المخرج بالذات لأن الصورة ذاعت وحصل التفاعل معها بكثير التعاطف الخفي وقليل من التشفي المعلن تشهيرا ضمنيا ومضرا بالحدث نفسه وبطبيعتها الخاصة وشوش على المقام.
- الواقعة الثانية تتعلق بالطريقة المهذبة التي نبه بها ولي العهد وزير الأوقاف السيد أحمد التوفيق، والتي سال بصددها مداد غزير، وما يهمني دائما للتأكيد على عدم تماثل العهود والأشخاص، هو واقعة محاولة الفقيد النقيب المعطي الإقتراب من الملك الراحل الحسن وهم ينزلون أدراج السلاليم. فدفعه بقوة وزير القصور الملكية التشريفات والأوسمة آنذاك الجنرال حفيظ العلوي، وتسبب له ذلك كسر في رجله . والذي أثار حفيظتي هو تركيز بعض الإعلام على مدة تولي الوزير الصوفي صاحب جارات أبي موسى دون محتوى مقاربته. وهو الذي عينه الملك سنة 2002 ، خلفا للوزير السابق الذي كان مكلفا  بتدبير الشأن الديني خلال الفترة الحرجة التي عاشها المغرب منذ فبراير 1984 والتي مهدت لتسويات إدماج الحركات الإسلامية  ضمن بنيات السلطة العمومية، على حساب الحركة التقدمية ووجودها ومصيرها، وانتهت عشية أحداث 16 ماي 2003 في ظل حكومة إدريس جطو . وكلنا يتذكر  مسيرة الدارالبيضاء التي تمت التعبئة لها بموارد الدولة وعملائها الدينيين من أجل مناهضة خطة إدماج المرأة المغربية، تلك الخطة التي تبنتها  حكومة التناوب التوافقي ، وكانت سببا غير مباشرا لإجهاضها ، إلى جانب عوامل أخرى مرتبطة بالإشراف على مسلسل الإنصاف والمصالحة. وبقية التداعيات معروفة في العلاقة مع الحكومات اللاحقة، وربيع الحكومات الإسلامية والإستفتاء على الدستور والمخطط التشريعي . 
- الواقعة الثالثة وتتعلق بإنتخاب  لجنة العدل والتشريع لوزير سابق لا زالت ملفات متابعته محل نظر أمام القضاء، ولست أدري ما الهدف من هذه الواقعة المثيرة. صحيح أن قرينة البراءة هي الأصل، اعتمادها  يمنع الإدانة قبل الأوان، ولكن في نفس الآن تشرعن،  كمؤشر يتنافى ومبدأ عدم الإفلات من العقاب، لنوع من الحصانة وتشوش على نزاهة التحقيق القضائي وعدم التأثير على مجرياته. فهل الأمر يتعلق بتوريط للجهة الحزبية أو المالية التي ينتمي إليها.
إنها وقائع  تبدو عادية ولكنها كثيفة الرمزية وبليغة الدلالات، وفي حاجة إلى مزيد من التأمل، خاصة وأن كثيرا من مؤسسات الحكامة والإستشارة تتطلب تجويد تدبيرها أخلاقاتيا ( إيتيقيا ) أو تفعيلها مؤسستيا وواقعيا في إنتظار دمقرطتها .