الأحد 19 مايو 2024
اقتصاد

بعد فشل المخطط الأخضر: هل تنظيم معرض الفلاحة بمكناس حلال أم حرام.. اقرأ جواب الأندلسي

 
 
بعد فشل المخطط الأخضر: هل تنظيم معرض الفلاحة بمكناس حلال أم حرام.. اقرأ جواب الأندلسي مشهد من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس وفي الإطار إدريس الأندلسي، خبير اقتصادي ومالي
يستعد المغرب كما هو معلوم  لتنظيم نسخة جديدة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس بداية ماي 2023. وذلك في سياق خاص جدا هذه السنة، قلة المعروض من المنتجات الفلاحية وبالتالي غلاء فاحش في الأسعار، ما جعل البعض يتساءل: هل نجح فعلا المخطط الأخضر في ضمان الأمن الغذائي للمغاربة؟ وهل تستطيع الفلاحة أن تفي باحتياجات المغاربة، في الحاضر وفي المستقبل؟
"أنفاس برس" اتصلت بإدريس الأندلسي، خبير اقتصادي ومالي، وأفادنا بالورقة التالية: 
 
 تحملت خزينة الدولة ثقل دعم القطاع الفلاحي منذ عشرات السنين دون أن يحدث تغيير كبير في آثاره على سوق الشغل والوضع بالعالم القروي وتحقيق اكتفاء ذاتي فعلي غذائي كما وعد بذلك مهندسو "المغرب الأخضر".
نهج المغرب سياسة السدود منذ الاستقلال وتم اللجوء إلى الاقتراض بالعملات الأجنبية  لتشييد شبكة من السدود.
 
أغلب هذه السدود موجهة للسقي  و بكميات كبيرة جدا. 85% من استعمال مياه هذه السدود تستفيد منها الأراضي السقوية وأغلبها عبارة عن استغلاليات كبرى ومتوسطة تستحوذ على الكثير من منح سنوية بالملايير عبر صندوق التنمية الفلاحية ولا تؤدي إلا مبالغ بسيطة في مجال الضريبة على الشركات لا يصل مردودها السنوي إلى 100 مليون درهم. فبالرغم من 30 سنة من الإعفاءات الضريبية  ورجوع  القطاع إلى لائحة الشركات الخاضعة للنظام الضريبي بشكل خفيف جدا ودون ضغط جبائي بالمقارنة مع القطاعات الأخرى،  لا  زالت الفلاحة في بلدنا تعرف اختلالات هيكلية. وتتلخص هذه الأخيرة في الأنظمة العقارية المتشتتة التي لاتضمن تنمية حقيقية واستمرار هشاشة مناصب الشغل في العالم القروي والتركيز المفرط على التصدير دون الوصول إلى توازن أو تحقيق فائض في الميزان التجاري الغذائي. يضاف إلى كل هذه المعضلات الإفراط في الإضرار بالتربة والاستعمال غير العقلاني للفرشة المائية. 

أما على صعيد الحكامة فيمكن القول أن تسويق المغرب الأخضر وبعده الجيل الأخضر كان ناجحا. تم وضع وسائل مالية ومؤسساتية كبيرة  وسطرت أهداف كبيرة، ولا زال الوضع الذي شخصته أسباب إطلاق "المغرب الأخضر" على حالها. 80% من إنتاجنا الفلاحي يأتي من الاستهلاكيات ويقتصر المكون المعيشي على إنتاج 20% في ظروف هشة. 

وللتذكير ركز مهندسو المغرب الأخضر سنة  2008 على الفلاحة التضامنية كركيزة ثانية وكثر الكلام على الشراكات لربط أراضي الفلاحين الصغار بالاستغلاليات الكبرى بهدف الرفع من مستوى الإنتاج وتحسين التدبير والمردودية. 
ويظل مشكل تقييم السياسات العمومية في بلادنا عائقا في وجه ضمان حكامة جيدة لكل القطاعات. 

التقييم في نظر كثير من التقنوقراط يتم تلخيصه في أرقام عن إنجازات بالأمتار والهكتارات وعدد رؤوس الماشية. وهذا مجرد قياس لمؤشرات كمية أغلبها مرتبط بوسائل الإنتاج  وليس بالآثار الإقتصادية والإجتماعية والبينية للسياسة العمومية. هل تحسن دخل الفلاح الصغير  وتحسنت ظروف عيشه وتحسن محيطه عبر تنمية تضمن الولوج إلى خدمات الماء و الكهرباء والصحة والنقل...هذه الأسئلة تغيب في التقارير الرسمية  وتحضر في التعبير اليومي لساكني العالم القروي وأغلبهم يشتغل بالفلاحة. ولحد الآن لا زال التقييم معضلة لا تساعد على إتخاذ القرار الملائم في مجال الإستثمار العمومي.  

من قرأ مطالب الفيدراليات الكبرى التي وجهتها لرئيس الحكومة لا يمكن إلا أن يشعر بصدمة كبيرة. التعبيرات المستعملة تعكس المسافة التي تفصلهم عن المساهمة في صياغة القرار رغم أن أغلبهم من "المدللين" و المستفيدين من سخاء الدولة من نفقات جبائية تجاوزت 2،9 مليار درهم في 2022 ومنح للتجهيز والاستغلال والإستفادة المفرطة من صندوق المقاصة الداعم لأسعار الغاز المفضل من طرف  أصحاب الاستهلاكيات، فإنهم يريدون المزيد من الكرم والمزيد من الأرباح . 

فبعد سنين من الكلام عن الإنجازات في مجال اللحوم الحمراء والخضر والفواكه، وبالرغم من آثار الوضع الدولي وأسعار الطاقة، لايمكن فهم المستوى العالي للأسعار كما لا يمكن فهم ضعف الدولة للقضاء على المضاربة الإجرامية و وصولنا إلى مرحلة استيراد اللحوم. 

وقد بين تأكيد الفيدراليات المختصة في التصدير على وجود سماسرة يشترون كميات كبيرة من الطماطم من السوق الداخلي لإعادة تصديرها في إتجاه دول إفريقيا جنوب الصحراء. ويكفي القول بأن بلادنا استوردت منتوجات غذائية تجاوزت عند نهاية  2022 مبلغ بلغ حوالي 87 مليار درهم مقابل صادرات في حدود حوالي 81 مليار درهم، مع العلم أن تكلفة هذه  الصادرات لا تحتسب ضمنها تكلفة تدهور التربة والفرشة المائية وتحملات صندوق المقاصة على مستوى مادة الغاز. صحيح أن فاتورة استيراد القمح ارتفعت بحوالي 9 مليار درهم  لكن صادراتنا من المواد الخام  والمصنعة الغذائية ارتفعت بما يزيد على 10،7 مليار درهم.