الاثنين 20 مايو 2024
اقتصاد

علي لطفي: بدل التفكير في معرض الفلاحة على الحكومة التفكير في ضمان الأمن الغذائي

 
 
علي لطفي: بدل التفكير في معرض الفلاحة على الحكومة التفكير في ضمان الأمن الغذائي علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل
في ظل أزمة غلاء الأسعار، وفشل المخطط الأخضر يستعد المغرب لتنظيم المعرض الفلاحي لمكناس.
"أنفاس بريس" اتصلت في هذا الشأن بالكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل علي لطفي الذي أجاب عن سؤال "ماذا جنينا من هذا المعرض الفلاحي بمكناس؟"، عبر الورقة التالية:
 
بالفعل أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عن تنظيمه لملتقى دولي فلاحي بمكناس من 2 إلى 7 ماي 2023، تحت شعار "الجيل الأخضر: لأجل سيادة غذائية مستدامة ".
فلا يمكن للمواطن المغربي الا أن يتساءل عن الجدوى من تنظيم ملتقى دولي للفلاحة بمكناس في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها المغرب على مستوى ندرة المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك من خضر وفواكه ولحوم.. وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، وفي ظل العجز الذي تعاني منه خزينة الدولة مما دفع رئيس الحكومة لتوجيه نداء الى وزرائه
لمزيد من التقشف، بعدما دعا رئيسها عزيز أخنوش وزراءه إلى ترشيد النفقات المتعلقة بالتسيير والمعدات وحصرها في النفقات الضرورية، كما حثهم على ضبط نفقات الموظفين خلال إعداد المقترحات المتعلقة بالبرمجة المتعلقة بالميزانيات الثلاث لسنوات 2024-2026، أم أن الأمر يتعلق فقط بنفقات الموظفين وفي كل ما يتعلق ب مناصب الشغل.
إعمالا بتوجيهات البنك الدولي؟ وليس بالمؤتمرات والملتقيات الدولية. فالفاتورة الغذائية على خزينة الدولة لازالت مرتفعة جدا باعتبار اننا نستورد ما يفوق 50 في المائة من حاجياتنا الغذائية والتي ستزداد بسبب المتغيرات المناخية وشح الأمطار. ويمكن أن تشهد الزراعة المغربية انخفاضا كبيرا في محصول الحبوب لهده السنة 2023. كذلك بسبب قلة الأمطار في نهاية شهر مارس وارتفاع درجات الحرارة، مما أثار مخاوف على محاصيل الحبوب مثل الشعير والقمح التي تحتاج إلى الامطار وينتظر المزارعون هطول الأمطار في شهر ابريل الجاري لإنقاذ محاصيلهم.
فإذا كان الموسم الفلاحي السابق ضعيف جدا ولم تتجاوز حصة الحبوب 34 مليونا قنطار، فإن توقعات الحكومة في قانون المالية لسنة 2023 من انتاج الحبوب وحددته في 75 مليون قنطار، قد أصبح محل تساؤل شائك وهدف ربما سيصعب تحقيقه، بسبب الظروف المناخية الحالية وربما سيتطلب الأمر المزيد من الواردات؟
لذلك فالمطلوب من الحكومة اليوم. ووزارة الفلاحة في ظل هذه الأزمة. ليس في هدر أموال الدولة من خلال تنظيم معارض وملتقيات دولية، لأن موضوع السياسة الفلاحية والأزمة التي تتخبط فيها بلادنا تقتضي فعلا وقفة تامل وتشخيص واقع الإصلاحات الزراعية والفلاحية بالمغرب!!؟ فمنذ سنين ونحن يتهموننا ببلاد فلاحي؟ والحقيقة ان الأمر غير ذلك. ما دمنا بلدا غارقا في التبعية. على هذا المستوى.
فما هي الأسباب الحقيقية في عدم تمكن بلادنا من انتاج محلي يغطي الحاجيات الغذائية الضرورية للمواطنين وبأسعار في متناول الطبقات الشعبية الواسعة وضمان الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي ؟؟في ظل عدة مخططات وعلى راسها المخطط الأخضر ..وما رصد له من أموال ضخمة ولم نسمع عن نتائجه شيء؟؟. باعتبار ان ازيد من 50 في المائة من حاجياتها الغذائية يتم استيرادها من الخارج فالاستثمار في القطاع الزراعي لا يواكب التطور الديمغرافي للسكان ولا ارتفاع أسعار السلة الغذائية. وتنوع النظام الغذائي وتزايد الحاجيات الغذائية للسكان ..وعلى العكس من ذلك فإن الاستثمار في هذا المجال ظل موجها بنسبة كبيرة منه الى الأسواق الأوروبية والخارجية التي اعتادت على استنزاف خيراتنا دون مقابل دي قيمة حقيقية حتى على المستوى السياسي...
ان القطاع الزراعي هو مصدر رئيسي للغذاء. والأغذية اما مباشرة او بعد تصنيعها، وتستحوذ السلة الغذائية، على ازيد من 45 في المائة من متوسط دخل الأسر المغربية في الشهر، علما ان متوسط الدخل الفردي في المجتمع المغربي ظل متواضعا الى ضعيف ويصعب معه الحديث عن إشباع حاجاتهم الغذائية!
لذلك كان على الحكومة ووزارة الفلاحة بدل المعارض لتبذير أموال خزينة الدولة في ظل الأزمة وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني ، التفكير في سياسة فلاحية جديدة ومخططات تضع القطاع الزراعي كأولوية لتحقيق الأمن الغذائي للسكان وتقليص الفجوة الغذائية ومحاربة سوء التغذية ، تأخذ بعين الاعتبار التطورات الديمغرافية والمتغيرات المناخية بالمغرب؛ فرغم تشغيل القطاع الفلاحي لـ 40% من الساكنة النشيطة، فانه يبقى شغلا موسميا وان القطاع الفلاحي لا يساهم إلا ب 16.6% من الناتج المحلي الإجمالي ،وتشكل الحبوب والخضر والفواكه ومنتجات الصيد البحري جزءا كبيرا منها موجه للتصدير واحيانا بأسعار بخسة!!
ان ما يقع اليوم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية سببه فشل السياسات الفلاحية في اصلاح زراعي حقيقي وضعف استعمال التكنولوجيا الحديثة لدى أوسع الفئات الفلاحية الصغار والمتوسطين وغلاء الأسمدة رغم ان أكبر بلد مصدر للأسمدة الفوسفاتية ، واهمال الفلاحين الصغار والمتوسطين وتركهم فريسة المضاربين وغياب دعم وتشجيع الفلاحين الصغار مقارنة مع أوجه الدعم السخي للفلاحين الكبار وتعاونياتهم بل حتى المنتجات الحيوانية لم تعد تواكب نمو السكان وحاجاتهم ، وهو ما نشاهده اليوم بخصوص استيراد الأبقار من البرازيل وارتفاع أسعار اللحوم فضلا عن تشجيع زحف الإسمنت على الأراضي الفلاحية الخصبة ، وتنامي ظاهرة الهجرة القروية الى درجة ان نسبة سكان المدن أصبحت تعادل ساكنة البوادي بعد ان كانت المدن لا تمثل الا 30 في المائة ..إن تحسين الأداء ورفع الإنتاج والاستغلال الأمثل للموارد الزراعية.
ان السيادة الغذائية ليست مجرد شعار للاستهلاك في المعارض والملتقيات الفلاحية ،بل استثمار فلاحي و زراعي وحيواني حقيقي يقوي ويرفع من الإنتاج ،ويحسن الجودة ويضمن الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي لكافة المواطنين ويهتم بإصلاح الأراضي الزراعية وإدخال آليات التكنولوجية الحديثة في تدبير مياه السقي ،ويحافظ على الثروة المائية واستعمالها بشكل أفضل ويشجع الفلاحين الصغار والمتوسطين للتقليص من معدل البطالة في البادية ، والحد من الهجرة القروية وتقليص الفجوة الغذائية، باعتماد أسعار في متناول القدرة الشرائية للمغاربة ومحاربة المضاربين وتجار الأزمات ..
فالأولوية اليوم ليس في تبذير أموال الدولة في الملتقيات والمناظرات دون فائدة تذكر، لا على المواطنين في تخفيض الأسعار ولا على الفلاحين الصغار والمتوسطين لا قدر الله سيعانون سنة أخرى من الجفاف وضعف المحاصيل الزراعية ولا على الثروة الحيوانية... بل في التفكير الجماعي في بناء سياسية فلاحية بديلة ومستدامة تعتمد على التكنلوجيا الحديثة في السقي و البدور والاسمدة ومراقبة الجودة .. تأخذ بعين الاعتبار مخرجات النموذج التنموي الجديد، لتحقيق الأمن الغذائي وتخصيص أموال المعرض لدعم الفلاحين الصغار والمتوسطين المتضررين ولبناء مستودعات جهوية واقليمية قادرة على توفير" المخزون الاستراتيجي "للمواد الغذائية الأساسية الذي أوصى به جلالة الملك ..