الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

البدالي صافي الدين: الفساد يشعل نار الأسعار

البدالي صافي الدين: الفساد يشعل نار الأسعار البدالي صافي الدين
لا زالت أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر ولم تفلح الحكومة في التحكم في موجة ارتفاعها، رغم رسالة رئيسها أخنوش إلى بعض وزراء حكومته، وفي مقدمتهم وزير الداخلية ووزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية ووزير الاقتصاد والتجارة ووزير المالية، من أجل تكثيف المراقبة على أسعار المواد الغذائية والمواد المصنعة.
لكنه استثنى أسعار المحروقات التي هي رأس" البلاوي" كما يقول إخواننا في مصر، فبالرغم من كل الخطابات الحكومية، التي دائما ما تكون تشعل النار بذل إطفائها، لطمأنة المغاربة بأنها قادمة للحد من ارتفاع الأسعار، فإن تلك الخرجات المتناقضة لأعضاء الحكومة لم تمنع من ارتفاع أسعار المواد من خضر وفواكه وحبوب، حيث ارتفع ثمن الطماطم إلى أعلى درجة ومثله مثل البصل والبطاطس وغيرها من عدس وحمص وفاصوليا وفول. السؤال المطروح إذن: ما هو سبب عجز الحكومة في التحكم في الأسعار والحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة؟
إن الجواب على هذا السؤال يحيلنا على طبيعة الحكومة وعلى عنوان عملها وبرامجها.
إن الحكومة التي وصفت نفسها بحكومة الكفاءات وبالحكومة الاجتماعية تأكد للشعب المغربي بأنها ليست كذلك، لأنها وجدت نفسها مقيدة بالمصالح الشخصية وبالدفاع عن مصالح لوبيات الفساد ونهب المال العام وعلى الإقطاعيين الجدد. فأصبح عنوانها هو "حكومة حماية الفساد".
وبدا ذلك في بداية مشوارها الحكومي التحكمي، حيث نصبت نفسها المدافع القوي على الفساد والمفسدين، واتخذ وزير العدل وهبي على عاتقه هذه المهمة، من خلال عزمه التضييق على جمعيات حماية المال العام وإلى طمأنة المتابعين قضائيا في جرائم الأموال بناء على شكايات جمعيات حماية المال العام ،مما أدى إلى تنامي مظاهر الفساد والرشوة ونهب المال العام والافلات من العقاب وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، الشيء الذي شجع على عملية احتكار المواد الغذائية والمصنعة وشجع على المضاربات في الخضر وفي الفواكه وفي اللحوم الحمراء و الدواجن و الأسماك و البيض والتوابل .
إن هذه الفوضى في الأسعار، كان من ورائها الفساد الإداري والسياسي الذي ترعاه الحكومة منذ توليها تدبير الشأن العام للبلاد، لأن الفساد لا يمكن تحديده في مجال معين أو في قطاع من القطاعات الحكومية بل يصيب كل المؤسسات العمومية وشبه العمومية والقطاع الخاص.
وإن نتائج سياسة عدم القطع مع الفساد في جميع المؤسسات والإدارات جعل وظائف هذه الأخيرة تشوبها شبهة التواطؤ وعدم القيام بالدور المنوط بها.
ذلك بأن وزارة الفلاحة لا تملك خريطة وطنية ولا استراتيجية معلومة، تحدد من خلالها نقاط الإنتاج الفلاحي ونوعية الإنتاج وتقدر مستوى الإنتاج وسعره في الأسواق الوطنية، كما لم تكن على بينة تامة من عملية التصدير ومدى قانونيته للحد من تهريب المنتجات الوطنية من خضر وفواكه وغيرها وفي نفس الوقت تحرص على الواردات لحماية المنتوج الوطني بالإضافة الى ذلك نتساءل عن دور الغرف الفلاحية من حيث تأطير الفلاحين ومن حيث البحث عن سبل خلق توازن بين العرض والطلب .فهل الغرف الفلاحية وجدت كريع مالي وسياسي فقط؟، وهذا درب من دروب الفساد الذي ينخر القطاع الفلاحي، (المخطط الأخضر نموذجا).
ونتساءل ايضاً عن دور وزارة التجارة الذي يجب أن يتجلى في إحصاء ومراقبة كل المنتجات المحلية والوطنية والمستوردة وجعل الغرف التجارية في صلب عملية التأطير والمراقبة وتأهيل التجار بكل فئاتهم والحرفيين وتنظيم الأسواق اليومية والأسبوعية.
أم وجدت هذه الغرف فقط من اجل استنزاف ميزانية الدولة في الرحلات والتنقلات غير المبررة وغير المفيدة وفي استهلاك المحروقات؟
إن الفساد هو السبب الرئيس في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في البلاد، لأنه أصاب كل مؤسسات الرقابة والتتبع، محليا وجهويا ووطنيا.
لذلك وجد الفساد ضالته في الاحتكار وفي تهريب المواد الغذائية الى دول جنوب الصحراء، مما شجع على ارتفاع الأسعار حتى أصبحت نارها مشتعلة والحكومة عاجزة على إطفائها.