السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

العسري: الاحتجاجات الوطنية على غلاء المعيشة دليل على أن الصمت لن يطول

العسري: الاحتجاجات الوطنية على غلاء المعيشة دليل على أن الصمت لن يطول جمال العسري ومشهد من تظاهرة سابقة ضد غلاء الأسعار
إشكال كبير تشهده الساحة المغربية باستغراب، ففي الوقت الذي يحكم المغرب ائتلاف من ثلاثة أحزاب هي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، يطرح السؤال أين الأحزاب الأخرى لماذا صمتها؟ اين احتجاجاتها وتنديدها ضد غلاء الأسعار!!؟ ثم إلى متى تركن الحكومة إلى مشجب التبريرات!؟؟.
"أنفاس بريس" ناقشت الموضوع مع جمال العسري القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد الذي وافانا بالورقة التالية:
 
ارتفعت درجة الاحتقان بالشارع المغربي ، مع ارتفاع لهيب الأسعار والذي وصل للخضر حيث ارتفعت أثمنتها لدرجة فاقت التصور وفاقت معها القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة فبالأحرى الطبقات الفقيرة والمعوزة ،كل هذا يحدث في عهد ما سمي ظلما وبهتانا بالمغرب الأخضر وفي عهد حكومة رفعت شعار الدولة الاجتماعية ،حكومة مكونة من ثلاثة أحزاب نص ميثاق تأسيسها على الدفاع عن القطاعات الاجتماعية، وها نحن اليوم نرى أين أوصلنا هذان الشعاران : شعار المغرب الأخضر و شعار الدولة الاجتماعية ، فلا "الخضرة" أصبحت في متناول المواطن ، ولا القطاعات الاجتماعية صمدت في وجه حكومة البطرونا ،في الوقت الذي التزمت الأحزاب الثلاثة جانب الصمت ، وكأنها تتلذذ بمعاناة وآلام الشعب
إن كان هذا دورا لأحزاب الثلاثة المكونة للحكومة، فما قول وما فعل باقي الأحزاب المغربية البالغ عددها أزيد من ثلاثين حزبا ؟؟
بداية تنبغي الإشارة إلى أن هذه الأحزاب ليست على قلب واحد ولا على قالب واحد، لذا من الصعب إصدار حكم واحد وموحد يسري على موقف هذه الأحزاب جميعها.. هناك أحزاب لا تظهر إلا مع ظهور هلال الانتخابات ولا يسمع صوتها ولا حتى نسمع بها إلا مع الانتخابات لتخلد للكمون والسبات الطويل بعدها وهذه الأحزاب رفع عنها القلم!!
وهناك أحزاب اليمين أو الأحزاب المعروفة باسم أحزاب الإدارة سواء بمعنى تبعيتها للإدارة أو لأن ولادتها كانت على يد الإدارة ،هذه الأحزاب سواء أكانت في سرب الحكومة أو خارج الحكومة ،لا يمكنها إلا أن تدندن وتغني على إيقاع كورال الحكومة ، فيستحيل أن ترى منها دعوات للاحتجاج أوالتظاهر أو الخروج للشارع مهما كانت درجة قساوة الأوضاع على المواطن ،نعم قد تصرخ وقد تحتج وقد تضرب على الميكروفون و لكن داخل البرلمان وفقط داخل البرلمان !!و خاصة خلال حصص الجلسات المنقولة على شاشة التلفزة ، وعليه لا يمكن انتظار أي احتجاج أو دعوة للاحتجاج من هذه الأحزاب " أحزاب الإدارة " مهما تدهورت أوضاع المواطن ،وهناك ما يسمى بالأحزاب الوطنية ،أو أحزاب الحركة الوطنية ،واحد منها مشارك في الحكومة الحالية وأقصد به حزب الاستقلال و من موقعه هذا لا يمكن إلا أن يطبل مع الثلاثي المكونة لها ، فيما الحزبان الآخران " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " و" التقدم و الاشتراكية " يصعب عليها بعد مرور أقل من سنة على خروجهما من الحكومة أن يسترجعا الحيوية التي كانا عليها إبان ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي !؟ أيام كانا في المعارضة و أيام كان الاتحاد اتحادا قبل أن يتم ترويضه وتنتزع مخالبه من - النقابة، الشبيبة ، اتحاد كتاب المغرب ... -وقبل أن يرفع شعار المقاعد تهمنا ليصبح حزبا أليفا بأعضاء غريب عليه الشارع نضالات الشارع وتضحيات القوات الشعبية، فيما حزب التقدم والاشتراكية يحاول التأقلم مع وضعه القديم الجديد، وضع المعارضة بعد أن نسي هذا الدور للعقود التي قضاها في الحكومة تبقى أحزاب اليسار الجديد ، الحزب الاشتراكي الموحد والنهج الديمقراطي العمالي و فيدرالية اليسار ، والتي ترفع ضمن ما ترفعه من شعارات مساندة النضالات الشعبية والنضال من أجل مغرب الحرية والكرامة و الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وهي تعمل بكل ما في وسعها من أجل الوقوف في وجه حكومة الباطرونا وقراراتها اللاشعبية واللاوطنية، ورغم ذلك تبقى نضالاتها و احتجاجاتها تقف في وجهها عوائق منها ما هو ذاتي و منها ما هو موضوعي ، فمثلا علينا أن لا ننسى ما حدث للحزب الاشتراكي الموحد من محاولات حثيثة لوأده و دفنه ،فكانت محاولات شقه وتصفيته عبر انشقاق سوق على أنه سيضع نهاية للحزب ، و كانت انطلاقة جديدة له ،ثم كان حصار الحزب ومنعت أمينته العامة من ممارسة مهامها الدستورية داخل قبة البرلمان الذي لم تعد له إلا بنضالات واسعة لمناضلاته ومناضليه ، ثم ها هو الحصار الإعلامي المضروب عليه ، ومع ذلك يظل الحزب ومناضليه في قلب كل المعارك والنضالات الشعبية التي تتفجرهنا وهناك و داخل هذه الفئة أوتلك ، أما حزبا الفيدرالية والنهج فعلينا أن لا ننسى أنهما لم يخرجا من مؤتمريهما إلا قبل أسابيع ، وجميعنا يعلم ماعاناه النهج من حصار لعقد مؤتمره والفيدرالية هي في مرحلة يمكن القول عنها بمرحلة التأسيس الثاني ،هذه الظروف الذاتية تجعل هذه الأحزاب التي ينتظر منها المواطن المغربي أن تقف بجانبه وتقود احتجاجاته وتسمع صوت آلامه ومعاناته كما كانت دوما تفعل والتاريخ القريب والمتوسط يشهد لها بذلك، كما أن هناك ظروفا موضوعية تؤخر قليلا الفعل النضالي المطلوب من هذه الهيآت. إلا أنه من الأكيد و مع ازدياد الاحتقان الاجتماعي وارتفاع لهيب الأسعار لن يترك من خيار لهذا الأحزاب الثلاثة ومعها باقي التنظيمات اليسارية الأخرى من خيار الاحتجاج ،واليوم ونحن نرى دعوات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و دعوات الجبهة الاجتماعية للاحتجاج و للتظاهر عبر مسيرات محلية في الصعيد الوطني يومي 19 و20 فبراير دليل على أن الصمت أكيد لن يطول، و أن أزمة المواطنة كمينة بأن تتجاوز هذه الأحزاب كل العوائق أي كان نوعها لتتواجد مع المواطن وبجانبه وهو يحتج على قتامة الأوضاع ، فهل تتدخل الحكومة لإطفاء النيران قبل أن يشتد لهيبها ؟؟؟