Wednesday 1 October 2025
كتاب الرأي

عزيز الداودي:لا تدعوا غصن الزيتون يسقط من أيادي الشباب

عزيز الداودي:لا تدعوا غصن الزيتون يسقط من أيادي الشباب عزيز الداودي
ما يقع اليوم من احتقان غير مسبوق في العديد من المدن والقرى المغربية، التي كانت إلى عهد قريب تنعم بالأمن والاستقرار، يسائل ضمير الوسائط الاجتماعية من هيئات سياسية ومدنية، قبل أن يسائل ضمائر مدبري الشأن العام والترابي.

ولا يختلف اثنان في أن مطالب الشباب مطالب مشروعة وتستوجب من الحكومة حلّها على وجه الاستعجال. فلا يُعقل أن تفتقد المستوصفات والمستشفيات العمومية إلى الممرضين والأطباء والمستلزمات الطبية لإسعاف المرضى. ولا يُعقل أن ينتظر المريض سنتين لإجراء عملية جراحية، وفي غياب الأسرة قد يلقى حتفه في أية لحظة.

ولا يُعقل أن تتم تصفية المدرسة العمومية لإتاحة الفرصة فقط لمن يملكون الإمكانيات لتدريس أبنائهم في المدارس الخصوصية. ولا يُعقل أن تناهز تكلفة الفساد وحدها 50 مليار درهم سنوياً، بما يعنيه ذلك من ضياع فرص التنمية.

ولا يُعقل أن يستفز وزير العدل السواد الأعظم من المواطنين وهو يصرّح: "ولدي باه ما باس عليه، قراه أب الفلوس وعندو زوج إجازات من مونريال"، ثم يسير على نهجه العديد من الوزراء. وحتى بنكيران لم يخجل من نفسه وصرّح غير ما مرة بأن الدولة يجب أن ترفع يدها عن التعليم والصحة، وهذه هي النتيجة. كما لم يخجل الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، من قوله: "إلى ما حققناش البرنامج الانتخابي، اجريو علينا بالحجر". والأدهى أن العديد من المنتخبين المتورطين في الفساد المالي والإداري لم يستحيوا من الترشح مرة ثانية وثالثة بنفس الأسلوب القائم على شراء أصوات الناخبين.

وفي المقابل، لم تجد الحكومة عناء في تمرير القانون التكبيلي للإضراب، وفي المصادقة على قانون المسطرة الجنائية ضداً على الفرقاء الاجتماعيين. وكانت النتيجة أن اندلعت احتجاجات شعبية، دعا لها مجهولون، خرجت عن السيطرة وخلفت ضحايا من المواطنين ومن القوات العمومية، التي لا تختلف معاناة أفرادها عن معاناة باقي المواطنين في افتقادهم إلى مرافق عمومية تضمن الحد الأدنى من العيش الكريم.
 
الخلاصة: إن الاحتجاج والتظاهر السلمي حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة، غير أنه لا يجب أن تكون تكلفة الاحتجاج هي الإجهاز على أقدس الحقوق وهو الحق في الحياة، ولا أن تكون نتيجته، وتحت أي مبرر كان، تخريب الممتلكات الخاصة والعامة.