الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

رشيد لبكر: بيان الأغلبية مخجل وموقفها من قضية وهبي كان متوقعا

رشيد لبكر: بيان الأغلبية مخجل وموقفها من قضية وهبي كان متوقعا رشيد لبكر يتوسط الوزير وهبي (يمينا) وعزيزأخنوش (يسارا)
أصدرت فرق الأغلبية الحكومية بلاغا، على إثر فورة الشعب المغربي ضد فضيحة الوزير وهبي. وأكدت الأغلبية على أن التضامن الحكومي هو "مسألة راسخة ولن يزعزعه أعداء النجاح". 
في هذا الإطار وجهت جريدة
"أنفاس بريس" أسئلتها لفعاليات سياسية وجمعوية ومدنية، تمحورت حول معنى انحياز الأغلبية الحكومية ورئيسها إلى جانب الوزير وهبي بخصوص فضيحة امتحان المحاماة؟ ومن هم أعداء النجاح الذين يقصدهم البلاغ؟ ولماذا تحدى بلاغ الأغلبية الحكومية تسونامي الأصوات المطالبة بمحاسبته على الفضيحة؟
في هذا الإطار حاورت
"أنفاس بريس" رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة:
 
اعتبر مراقبون أن بلاغ الأغلبية الحكومية الذي جاء على إثر فورة الشعب المغربي ضد فضيحة الوزير وهبي، (اعتبر) شيكا على بياض. خصوصا حين أكد البلاغ على_ أن التضامن الحكومي "مسألة راسخة ولن يزعزعه أعداء النجاح" ما رأيك؟.
اعتقد أن الأمر عادي جدا بالنظر إلى طبيعة الرهانات المعلقة على العمل السياسي ببلادنا، حيث السياسة َمرتهنة بالمصلحة أولا ولا علاقة لها لا بالمبادئ ولا بالأخلاق، لدينا نماذح كثيرة جدا غير فيها الزعيم الحزبي موقفه من الشرق إلى الغرب بمجرد تغير الموقع، ولم يكن لهذا التغيير علاقة لا بالمبدأ ولا بالمرجعية، ولن ندخل في التفاصيل حتى لا يظن أننا نستهدف أحدا بنقاشنا، ويمكن، على سبيل الاستئناس مثلا، الرجوع إلى الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامج " مع الرمضاني" الذي استضاف فيه الزعيم وهبي، للوقوف على نموذج تطبيقي و واضح لما نقول، حيث يمكن الوقوف من خلال المتابعة على عرض واف وشاف يشرح فيها الزعيم الحزبي الكيفية التي يعطي من خلالها الحق لنفسه في تغيير مواقعه بكل حرية ودون أدنى حرج او حياء من المبادئ والمواقف التي كان يتشدق بها، مثلما حصل في مواقفه من سي اخنوش قبل وبعد الاستوزار،  لدرجة يصعب عليك التصديق بأن هذا هو الشخص ذاته الذي كان يتكلم عن شخص زعيم الأحرار قبل أن يتولى هذا الأخير رآسة الحكومة ...مشكلة الفاعل السياسي في المغرب، أنه يعاني من  سكيزوفرين معقد له تداعيات خطيرة على سلوكه وعلى سمعة الحزب الذي يمثله ويتكلم باسمه، وعوض الاعتراف بمرضه نجده يكابر ويجابه، والأخطر انه يقوم بتصريف هذه السلوكيات في وجه المواطنين ثم ينتظر  تصديق حديثه إليهم إبان الانتخابات وكأنهم بلا ذاكرة، ليأتي بعد ذلك، من يتساءل عن أسباب العزوف السياسي وعن عدم الإقبال على صناديق الاقتراع؟  من غير المعقول في اعتقادي ، طرح مثل هذا السؤال وكلنا يعلم ان العزوف مجرد تحصيل حاصل، لذلك، وفي ضوء هذا المنطق وأمام تشبث الجميع ببريق المناصب وسلطة الحكم، لم نكن ننتظر من الاغلبية سلك  طريق آخر غير إصدار مثل هذا البيان البارد والمخجل، فعوض أن تنشغل  بالسؤال حول (من فعل ماذا) في قضية امتحان الاهلية لولوج مهنة المحاماة، واستجلاء الحقيقة، فضلت السير في الطريق الأسلم بناء على قاعدة كم من حاجة قضيناها بتركها، أي التزام الصمت والتجاهل إلى أن  تمر العاصفة، ولكل حادث حديث.. لذلك جاء موقفها  بالشكل الذي ورد  في سؤالك، وقد كان متوقعا رغم اعتقادي بأن  هذا الموقف سيبقي مرتهنا بقرارات مراكز أخري في الدولة التي  لها منطقها الخاص وترتيباتها الخاصة في التعامل مع مثل هذه القضايا. 

كيف تلقيت هذا البلاغ، وهل أجابت الأغلبية الحكومية على انتظارات الشعب المغربي بخصوص فضيحة الوزير وهبي؟
لم  يكن رد الأغلبية في مستوي انتظارات المواطنين كما أشرت وبالتالي لم يفاجئني، إذ من المعلوم ان المحافظة على التوازنات هي أولي أولويات  في عقيدة  الأغلبية ببلادنا، فلا شيء يسمو على بقاءها في الحكم، ثم لا بد من توضيح شيء مهم حتى لا ينحرف النقاش عن مساره الصحيح، أويظن ظان بأن هناك من يخطط لتحميل الاغلبية أشياء فوق طاقتها كما يروج لذلك بعض العدميين، فنحن لحد الساعة لا نصف هذا الامتحان بالفضيحة ولا بغيره،  وليس هذا هو مطلب المحتجين اصلا ، بل طلبهم هو تعيين لجنة محايدة من طرف الوزارة المعنية، تكون مهمتها إجراء تحقيق نزيه في كل الشوائب التي يتهم بها مسار هذا الامتحان والتحقق من  صحة ما يشاع حوله، وصولا  بالتالي إلى بناء قناعة تامة تنفي  الإشاعات او تؤكدها بالبراهين الدامغة وليس بالادعاءات، من هذا الجانب او ذاك، ساعتها فقط يمكن الحديث عن وجود او عدم وجَود فضيحة، هذا في اعتقادي هو لب الإشكال، وهو ليس صعبا  "إلا علي الذي فيه شيء من حتى"، مع الأسف، الأغلبية لم تشأ الدخول في معمعة هذا الملف، وآثرت الحفاظ على تماسكها، لاسيما أن البام مكون استراتجي في التحالف الحكومي القائم، ولا أظنها  مستعدة  إلى التخلي عن هذا التحالف في ظل الغزل الكبير الذي يبديه زعيم البام لغريم الأمس الأحراز. الجميع اذن يراهن على الزمن لطي صفحة هذه المباراة مثلما تم فعله مع قضايا أخرى ولا شك سيكون لهذا الأمر ما بعده، فالدولة، كما قلت، لها اسلوبها الخاص وستظهر نتائجه  في الوقت المناسب، إذ لكل شيء ترتيبات وهي لا تستعجل باستعجال أحد منا. 

كيف تفسر انحياز الحكومة ورئيسها إلى جانب الوزير وهبي بدل أن تحاسبه على فضيحة طرحت أكثر من علامة استفهام؟
ربما أجبت فيما تقدم عن هذا الجواب، فالسيد اخنوش  رفع منذ بداية حملته الانتخابية، َوحتى وهو يقود سفينة الائتلاف الحكومي رفع شعار "المعقول" وحزبه يردد دئما بأنه "حزب اولاد الناس". وعليه، فمن المفروض أن يبادر إلى تفعيل هذه الشعارات على أرض الواقع، عبر الدعوة إلى فتح تحقيق نزيه بخصوص ما يثار حول هذه المباراة ضد كل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح ومستقبل أولاد الناس، من الجانبين طبعا، فنحن هنا لا نحابي أحدا وليس هدفنا الانتصار لفئة علي اخرى، بل غايتنا تحقيق العدل وإظهار الحقيقة وإنفاذ القانون على الجميع، صونا لسمعة البلاد ضد المتربصين بنجاحاتها، الهدف اذن هو المعقول ولاشيء غير المعقول، ومعناه " اللي يستحق شي حاجة ياخذها" بدون محسوبية ولا زبونية ولا "وجهيات" ودون أي تمييز طبقي، فالقانون عام ومجرد ويجب أن يكون تطبيقه كذلك. من جهة أخرى، يتعين  على السي أخنوش بحكم صلاحياته الحكومية، الاعتذار باسم كل مكونات الحكومة   عن التصريحات العنصرية و المشينة واللامسؤولة الصادرة في حق الشعب من طرف وزير يشغل قطاعا في الحكومة التي يرأسها، علما انها ليست المرة الأولى  التي يطلق فيها هذا الوزير العنان للسانه بلا حسيب ولا رقيب، وهذا في حد ذاته  خطر على مصداقية وسمعة بل وشرف الحكومة، فلا يمكن للوزير، أي وزير، أن يكون فوق المحاسبة.
 
في اعتقادكم من هم أعداء النجاح الذين أشار إليهم بلاغ الأغلبية الحكومية؟
أنا بدوري أطرح نفس السؤال،  والأغلبية هي التي يجب ان تجيب عليه في الحقيقة. ولكن لا أعتقد أنها قادرة على الجواب، ليس لضعف ولكن لأنها هي ذاتها تائهة ولا تعرف الجواب.  فهي من جهة، غاضبة ومنزعجة من تصريح الوزير، ولكنها في الوقت ذاته، محرجة ولا تستطيع نقذه او الاصطفاف ضده حفاظا علي تماسك مكوناتها، لذلك هي لا تملك إلا أن تعلن تضامنها معه ولو كان هذا التضامن ضد قناعة عدد من مكوناتها.  يبدو الأمر وكانه نوع من المقايضة البئيسة مع الأسف...كان الحري بها الحرص علي إرضاء  الشعب وليس الوزير. اذا كانت فعلا حريصة على إعطاء المعنى للسياسة، فالمصداقية والمعقول لا يتماشيان مع قاعدة انصر اخاك ظالما أومظلوما، وليس كل من طالب بفتح تحقيق قضائي حول قضية ما هو عدو للنجاح .. لماذا يصلح القضاء اذن؟  هذا هراء!!.
 
ألا يحمل بلاغ الحكومة ضمنيا تحد وإبحار ضد تسونامي الأصوات التي طالبت بمحاسبة الوزير وهبي على الفضيحة التي أضحت مادة دسمة بمنابر الإعلام الدولي؟.
الحكومة تعلم أكثر من غيرها بأن هذه الاصوات، هي التي رفعتها الي الحكومة وبوأتها الصدارة، وهي التي  تستطيع إسقاطها كذلك... الحكومة اتت لخدمة الشعب، لخدمة اولاد الناس بالمعقول وبالجدية وليس برفع التحدي ضدهم ومعاكسة التيار... التاريخ لا يرحم وصفحاته مفتوحة تدون كل شيء، وللحكومة الاختيار في ملئه بما تشاء.
 
رشيد لبكر/ استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة شعيب الدكالي بالجديدة