السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

لا تتركوا البوليس والدرك لوحدهم أمام تسونامي الجريمة !

لا تتركوا البوليس والدرك لوحدهم أمام تسونامي الجريمة ! عبد الرحيم أريري
لو جمعنا عدد «صطافيطات» الأمن الوطني التي تنقل المعتقلين إلى مخافر الشرطة بالدار البيضاء كل سنة ووضعنا الواحدة وراء الأخرى، لحصلنا كل سنة على مسافة بطول 70 كلم (طول هيكل فاركَونيت يقارب ستة أمتار)، أي ما يعادل المسافة بين مدينتي مريرت والحاجب أو بين مدينتي وزان وشفشاون، إذ في كل سنة يتم اعتقال حوالي 118.000 فرد في إطار الحراسة النظرية بالدار البيضاء لوحدها بسبب جرائم مختلفة.
 
هذا الرقم يثير الفزع، لأن عدد الموقوفين يمثل 3.5 في المائة من مجموع سكان الدار البيضاء. بمعنى أنه من أصل مائة بيضاوي هناك أربعة أفراد تقريبا يحملون جينات إجرامية (سرقة - الاتجار في المخدرات - نصب - اغتصاب...إلخ). وهو ما يطرح سؤالا على كافة المسؤولين باختلاف مستوياتهم (الحكومية والبرلمانية والحزبية والأمنية والقضائية والجمعوية والجامعية والدينية)، للقيام بوقفة لمعرفة سبب انزلاق الدار البيضاء، وبالتالي الخوف من أن تنتقل البيضاء من «العتبة المقبولة إجراميا» إلى «العتبة الأمريكو-شمالية» أو إلى «العتبة الأمريكولاتينية» في الإجرام في حالة ما إذا ترك الحبل على الغارب.
 
مشروعية القلق تكمن في أن هذا الرقم يخفي بدوره رقما مفزعا، يتجلى في أنه من مجموع 118 ألف موقوف في إطار الحراسة النظرية، نجد أن 94 ألف شخص تم توقيفهم في حالة تلبس، أي ما يمثل 79 % من مجموع الموقوفين، وهو ما يشكل 2.8 في المائة من مجموع سكان «كازا».
 
طبعا الأرقام التي أوردناها تبقى جزئية، لأنها لا تخص سوى إدارة الأمن الوطني، في شخص والي الأمن بالبيضاء عبد الله الوردي الذي سبق وكشف عن هذه المعطيات منذ مدة. وبالتالي لا نتوفر على معطيات بشأن الإجرام بالمناطق الخاضعة لنفوذ الدرك الملكي، الذي لم يصدر بعد أرقامه بعد لإخبار الرأي العام بالواقع بضواحي البيضاء.
 
لكن إذا قمنا بإسقاط متسرع باحتساب عدد سكان ضاحية الدار البيضاء الخاضعة للدرك الملكي مقارنة مع مجموع سكان المدينة، سنجد أن الدرك يشرف على حوالي 700 ألف نسمة، أي 21 في المائة من المجموع العام، وبالتالي قد نحصل على عدد يقارب 23 ألف موقوف من طرف الدرك الملكي في السنة (طبعا مع كامل التحفظ لأنه مجرد إسقاط وليس رقما رسميا صادر عن جهاز الدرك)، وبالتالي سنكون أمام عدد مهول من الموقوفين في إطار الحراسة النظرية بكامل تراب البيضاء يصل إلى 141 ألف شخص (تراب الأمن الوطني والدرك الملكي معا)، أي ما يمثل 4.2 في المائة من المجموع العام لساكنة الدار البيضاء!
 
فهل سبب ارتفاع منحنى الجريمة هو البطالة؟ أم سوء التنشئة بالمدرسة والأسرة؟ أم أن سبب تصاعد هذه الأرقام مرتبط بتفكك المجتمع وتدمير نسقه القيمي؟
لماذا تستقيل كل الأطراف المعنية من أسرة وأحزاب وحكومة وبرلمان وجماعات ترابية ومساجد عن لعب دورها الوقائي؟
هل ترك البوليس والدرك وحراس السجن لوحدهم في مواجهة تسونامي الجريمة بالدار البيضاء هو الحل لتطويق الظاهرة؟

 
ففي مدينة تفتح سجونها ومخافرها بالأمن والدرك لاستقبال 32 «صطافيت» يوميا (وحوالي 11.700 صطافيت سنويا) محملة بالمعتقلين، بدل أن تفتح أبواب مختبرات بحثها أو أبواب مسابحها وملاعبها ومعاملها للشباب لتفجير شحناتهم السلبية أو لإنتاج المعرفة والثـروة، على المسؤولين الأربعة الأوائل بالدار البيضاء (العمدة ووالي الجهة ورئيس الجهة ورئيس مجلس العمالة) أن لا يرف لهم جفن حتى يتم تجفيف منابع هذه الأرقام الصادمة.