الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمّد هرار: ماذا بعد إنجاز أسود الأطلس رغم ظلم التّحكيم و"الفار" ؟

محمّد هرار: ماذا بعد إنجاز أسود الأطلس رغم ظلم التّحكيم و"الفار" ؟ محمّد هرار
لقد كتب أسود الأطلس بتألّقهم في مونديال قطر، تاريخا يساعد على نسيان الخيبات التي جرّأت الآخر على رؤيتنا قصارا لا نستطيع تخطّي حاجز التّصفيات الأوّليّة في مستوى المجموعات. تاريخ سيظل شعلة متوقدة في عقول الأجيال المتلاحقة تحذّرهم النّكوص والرّجوع إلى مستوى المجموعات. لقد غيّرت المغرب الهدف وطوّرته من تجاوز دور المجموعات، إلى بلوغ المربّع الذّهبي والمرابطة فيه إلى حين، بهدف اقتناص الذّهبي. فالكأس ليست حكرا على غيرنا، كما أنّ اللعب وجماله والإبداع فيه ليس موقوفا على غيرنا.
لقد أبدع الأسود على المستوى الفرديّ وعلى المستوى الجماعي لعبا، وأبدعوا جميعا أخلاقا؛ فلم يعد الحديث عن الكرة ولا عن فنّيات لاعبيها فقط، بل بات الحديث عن الأخلاق وعن العائلة وعن دَور الأمّ وقيمتها في العائلة، حتّى رأوا ربّما دُور العجزة عندهم جريمة اقتُرفت في حقّ آبائهم وأمّهاتهم.
لقد ألهبت انتصارات أسود الأطلس الميادين في المغرب من طنجة إلى الكويرة، وفي جميع أطراف العالم العربيّ والإسلاميّ، وفي القارّة السّمراء؛ بل وفي العالم الفسيح الذي يرابط في كلّ زاوية منه مسلم يرجو الخير والتّفوّق للمسلمين على اختلاف ألوانهم وألسنتهم، ويسعد أيّما سعادة برؤيتهم قدوة لغيرهم، متميّزين بتحضّرهم وأخلاقهم الكريمة، وحسن سلوكهم وتواضعهم لله تعالى..
لا شكّ أنّ المغاربة جميعا سواسية كأسنان المشط، لا فروق بينهم؛ غير أنّ انتماء (90 %) من عناصر المنتخب إلى مغاربة العالم، يجعل الجالية المغربية المقيمة بالخارج فخورة أكثر بما قدّمت وهيّأت ودعمت، ولا سيّما بما التزمت بالأصول والدّين وأعراف المغرب الحبيب.
تأهل المنتخب المغربي في منديال قطر 2022 إلى دور الستّة عشر للمرّة الثّانية في تاريخه الكرويّ بعد منديال 1986، فلعب مباراة قويّة ضدّ الجارة إسبانيا، تمكّن من الانتصار فيها، ثمّ تأهّل لأوّل مرّة في تاريخه وتاريخ العرب والأفارقة، إلى دور ربع النّهائي؛ فكانت مباراته ضدّ البرتغال أحد أقوى المنتخبات في العالم المصنّفين للفوز بالكأس في قطر، معبّرة عن قيمته وعن معنى التّعلّق بأسباب النّجاح، ليجد نفسه بعد الفوز على البرتغال، ضمن فرق المربّع الذّهبي؛ كرواتيا وفرنسا والأرجنتين.
اهتزّ العالم بأسره للحدث فانطلق المنصفون يتحدّثون عن أبطال المغرب أبطال العرب والأفارقة والمسلمين بما يليق بهم، ملاحظين أنّ القارّة العجوز ما انتعش المستوى فيها إلّا بأبناء أفريقيا، مشيرين دون إحراج إلى أنّ فرنسا على وجه الخصوص، بات فريقها أفريقيّا.
لقد رفّع الأسود السّقف وزينوه، وعلى الجميع أن يرفعوا رؤوسهم ويتعلّقوا بالأعلى؛ فإنّه ما عاد يجدر بهم العمل على اجتياز دور المجموعات في المستقبل. وجب على الجميع مواصلة الطّريق باعتماد برمجة هادفة وخارطة طريق جديدة تُستكمل بها الجهود المبذولة.
وأمّا أسود الأطلس الأبطال العمالقة؛ فقد نالوا بما أبلوا من بلاء حسن وبما قدموا، استقبالا أسطوريا، من الشعب المغربي، ومن ملك البلاد خصيصا في القصر الملكي العامر بالعاصمة الرباط. فقد شرّفوا كرة القدم العربيّة والإفريقيّة والإسلاميّة ورفعوا راية العرب والأفارقة والمسلمين بين الأمم في منديال قطر 2022. وقد بات الجميع ينتظر منهم قريبا، نتائج باهرة في كأس إفريقيا، مطلع العام القادم 2023 بحول الله وقوته. وهو ما يتمناه كل مغربي فخور مُحب لوطنه.