الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي :المملكة المغربية فخر الانتماء

الحسين بكار السباعي :المملكة المغربية فخر الانتماء الحسين بكار السباعي
تقود الدولة سياسات اجتماعية هدفها توفير الرعاية الاجتماعية لمختلف فئات الشعب وسياسات اقتصادية للنهوض بأوضاع الاستثمار وتشجيع المبادرات وحماية الانتاج الوطني امام تدفق السلع والبضائع الأجنبية التي اضحت تنافس كل ما صنع بالبلد .
وامام هذه الخطوات تخرج نظريات ومخططات واستراتيجيات، وفي خضم زوبعتها نجد المواطن الذي يتحمل فشل حكومات لم تستوعب قط الدروس والعبر الا القليل من مسؤولينا ممن رحم ربك، لنسائها جميعا عن خطواتها الشجاعة في رعاية المواطن ومواطن ما وراء البحار، الذي هاجر أو هجر غصبا من وطنه ووضع ملكاته وقدراته لخدمة بلد آخر وشعب آخر....
من الغريب ألا يبحث المسؤولون أسباب هجرة الأدمغة وأزمة الكفاءات العلمية والرياضية والفكرية وحتى العصاميين منهم من حولوا المستحيل الى انجازات عظيمة طبعا في غير وطنهم الأصل.
لنجد هم وللأسف، كتفوا بإعطاء الإحصائيات والأرقام أو الفخر والتباهي أمام كل نبأ وخبر عن نبوغ نساء ورجال الوطن في السياسة والاقتصاد والطب والرياضة والاختراعات وغيرها، ويفوتنهم أن هذا النبوغ كان عليه أن يكون داخل الوطن ولصالح وطن، أضحى طائرة محجوزة المقاعد لا مكان فيها لأبناء عموم الشعب.
ولسنوات عديدة مضت اعتدنا أن نسمع ونشاهد "باعتزاز" شهادة الغربيين في وطننا، وكأننا نحتاج إليها حتى نعرف قيمة الوطن وقيمة الانتماء إليه، وفي خضم البحث عن اسباب هذا الاعتزاز نقف على مختلف التفاعلات الناظمة بين الأمم والحضارات، لنميز بين أمرين مسألة التبادل والتواصل والتفاعل والأخذ والمراجعة وكل اساليب الحوار والنقد، وبين مسألة الاستيلاب بما تعنيه من انبهار بالآخر وتقليده والانصهار في ثقافته .
والمسألة الأولى عزيزي المتلقي هي التي لخصها قوله عز وجل: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، الآية الكريمة التي افتتح بها منظمو منافسات كأس العالم بقطر الحوار التاريخي الذي جمع شاب عربي مسلم في وضعية إعاقة، شاب بحمولته الثقافية ومرجعيته الدينية، شاب تخطى معيقات النجاح رغم توافر محفزاته ولم يستسلم بل آمن بقدره ومشيئة الله في خلقه، ليشكل صورة رمزية لأنظمتنا وشعوبنا التي يراها الآخر على انها انظمة معوقة ناقصة في حين انها لو انتبهت لذاتها لوجدت انها تمتلك مالا يمتلكه الآخر.
هنا وفي هذا المشهد الرائع تظهر صورة الغربي الذي افترش الارض في حوار مع الشاب العربي مع المستقبل العربي امام الغرب أمام نظام عالمي جديد يلوح في الأفق.
في خضم المنافسات نقف على صورة أكثر من رائعة، بل يعجز معها معجم المصطلحات ايجاد كلمة لوصفها.
صورة منتخب مغربي عربي وامازيغي وأفريقي، اعطا اكبر عنوان للتحدي، حتى أن التحدي خجل من نفسه امام اصرار الركراكي وفريقه على تحقيق حلم أمة وقارة ادش العالم، بل اسال معه الغزير من التعليقات والاوصاف.
لقد فزنا كما قال الكثير من الاعلاميين الكبار بالعالم بينما غيرنا سيفوز بالكأس .
فزنا بقلوب العالم وفي خضم هذا النصر اعطينا دروسا كبيرة لأنفسنا اولا وللآخر ثانيا ، لضرورة اهتمامنا بالإنسان وكرامة الانسان وتكوينه وتعليمه وحمايته ضد كل اشكال الانحراف والاستيلاب ، ضد روتيني اليومي والطوطاوية والتفاهة وعدم الانصاف وعدم تملفئ الفرص وسرقة حتى الحق في الحلم والتميز والكفاءة .
لنسائل مرة اخرى لماذا حقق الكثير من مغاربة العالم تميزهم وبرزوا في مجالات عديدة بل منهم من يشارك في صنع سياسات بلد تربطه به وثيقة رسمية تشهد حمله لجنسية ثانية .
الوطن يا سادة، ليس فقط بطاقة تعريف او جواز سفر، الوطن عطاء متبادل وتضحية وايمان بالمسؤولية وتفان في حماية سيادته والدفاع عنه، الوطن اعتراف بالمواطن وبقدراته وعطاءاته كفيما كانت او اختلف، الوطن حق المواطن في ثروات بلاده و في العيش الكريم ومحاسبة الفاسدين والمستبدين .
الوطن ان نبني الانسان أولا قبل الجدران، انسان يعتز بفخر الانتماء اليه اينما حل وهاجر، لأنه لا محالة عائد مهما طال الرحيل ...
 
ذ/ الحسين بكار السباعي /محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان