الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

البراق شادي عبد السلام: البرتغال بداية الطريق

البراق شادي عبد السلام: البرتغال بداية الطريق البراق شادي عبد السلام
الأسود الاطلسية تواجه بحارة البرتغال في دور الربع النهائي لكأس العالم قطر 2022، هي مباراة فاصلة في التاريخ الرياضي المغربي الذي سطره بمداد من الذهب المنتخب المغربي، جامعة ملكية وفريقا ومدربا وطاقم تقني بالإضافة للعنصر المحوري بتشكيلة المنتخب المغربي في هذه الرحلة المونديالية المتمثل في الدعم المنقطع النظير للمغرب ملكا وشعبا.

قبل بداية الرحلة وبالعودة للتعليقات والتصريحات والتحليلات والتدوينات التي واكبت تغيير المدرب "الوحيد" حاليلوزيتش وفي إطار النقاش الصحي وتبادل وجهات النظر كانت لدى قسم منا شكوك جماعية في قدرة المايسترو وليد الركراكي لإدارة دفة منتخب يضم لاعبين كبار من نجوم العالم يمارسون في أكبر الدوريات العالمية، نعم كانت لدى عدد ليس بالهين مؤاخذات على زياش والمزراوي وآخرون..
نعم في وقت من الأوقات ومع توالي الإنتكاسات والخيبات تشكلت لدى قسم منا صورة نمطية بأن المنتخب المغربي لن يستطيع تجاوز الإنتصار في المباريات الثلاث للدور الأول والإكتفاء بتجميل الواقع عبر عبارات منتقاة من قاموس لا يناسب تاريخنا العريق مثل  هزيمة مشرفة أو تعادل صعب..

اليوم بعد الأداء الخرافي لمنتخب الأسود في مبارياته والروح القتالية الإستثنائية التي أظهرها الأسود في الميدان والكوتشينغ الإحترافي الذي لمسناه في أداء وليد الركراكي في المونديال بخلق توافقات مرضية داخل الفريق وبإمكانيات هائلة في التواصل بلغة جميلة وعبارات عادية لامست قلوب المغاربة جميعا نفضنا الغبار على تاريخ الأمة المغربية المليئ  بالإنتصارات والملاحم.

من جهة أخرى لا يمكن فصل ما يسطره المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022 عن "سلسلة الذهب " للإنتصارات التي حققها ويحققها المغرب في جميع المجالات والميادين في تناغم مستدام وتكامل منسجم  بين الرؤية الملكية المتبصرة لمغرب الغذ والتطلعات المشروعة لمغرب الجرأة و التمكين.
 
عبارة "عاش الملك" التي وثقتها مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الإجتماعي للجماهير المغربية المحتفلة والمتذوقة لحلاوة  النصر ومتعة الإعتزاز والإفتخار بالإنتماء لوطن ينتصر ومسيرات المغاربة الأحرار بمئات الآلاف التي شاهدناها بمختلف المدن والقرى والمداشر ملتحفين علم الدولة العلوية المجيدة الراية المغربية الحمراء بنجمتها الخضراء الخماسية كرد شعبي صاعق على مروجي ثقافة الإنكسار وروح الهزيمة التي يحاول ضعاف النفوس وفاقدوا المبادرة الإيجابية نشرها بين فئات الشعب المغربي خدمة لأجندات تستهدف النيل من الشخصية المغربية قوية الشكيمة وعالية الهمة وصادقة الإنتماء.
إلتحام الجماهير المغربية مع قائد الأمة في يوم فرحة الملك والشعب كانت صفعة مدوية في وجوه الأغبياء والبؤساء ومفتقدي الروح الوطنية ورسالة إلى العابثين بثوابت الأمة ومحترفي التضليل والكذب بأن اللحمة الدائمة والأبدية بين المؤسسة الملكية القيادة التاريخية الوحيدة لنضال الشعب المغربي عبر العصور وجماهير الشعب هي عصية على العابثين والمتربصين، ليقدم شحنة إيجابية كبرى 
للفريق الوطني.
المباراة القادمة مع " برازيل أوروبا " ومنتخب القوة الكروية الضاربة  "قادة إفريقيا " و"أسود الأطلس" ستكون مختلفة سواء في طريقة اللعب المنتظرة أو نتائجها و تداعياتها على الفريقين، المنتخب المغربي لديه أقوى خط دفاعي في العالم أثار إعجاب كل المتتبعين والمراقبين بتنظيمه المحكم وقدرته على تطويع منصات هجومية رهيبة بشكل بطولي يقودها مودريتش و لوكاكو و طوريس ، و ذلك عن طريق غلق مفاتيح اللعب والإنتشار المحكم في الميدان والبناء الهجومي من الخلف والتسرب إلى مربع عمليات الخصم مع الحفاظ على بوليصة تأمين دفاعية كافية في الخطوط الخلفية للحفاظ على نظافة الشباك المغربي.
إستراتيجية اللعب التي يعتمدها المدرب البرتغالي سانتوس تختلف بشكل كبير على أسلوب التيكي تاكا الإسباني المعتمد على الإستحواذ واللعب الإستعراضي وإنهاك الخصم بالتمريرات قبل الإجهاز عليه بسلسلة تهديف متواترة تفقد الخصم توازنه.

المدرب فيرديناند سانتوس يعتمد  على إستراتيجية إمتلاك الكرة و الإنتشار الجيد في وسط الملعب من خلال تحريك خط الوسط عبر التمريرات القصيرة والعرضية وتصعيد الضغط من الجناحين الأيمن والأيسر وخلخلة الدفاعات بالعديد من المهاجمين الوهميين القادمين خلف الآلة الهجومية كريستيانو رونالدو كمهاجم صريح في المقدمة مما يسهل إختراق خطوط الدفاع والوصول المفاجئ لمربع العمليات و تسجيل الهدف، وذلك عن طريق الإعتماد بشكل أساسي على خطة  4-2-3-1 مع القدرة على الإنزياح بشكل سلس إلى خطة 4-3-3 في الميدان بهدف زيادة الضغط الهجومي وتخفيف ضغط المراقبة اللصيقة المعتادة على كريستيانو رونالدو ،في وقت يلعب خط الوسط دوره في الإسناد لخط الدفاع وتأمين نصف ملعبه من خطر المرتدات الهجومية القاتلة.

بكشف سريع لمباريات المنتخب البرتغالي في المونديال نجد أن خط الدفاع يعيش أزمة هوية حقيقية وإرتباك دائم حتى في حالات الإجتياح الهجومي بقيادة كريستيانو رونالدو.

الواجبات الدفاعية للفريق البرتغالي تبقى متواضعة ويكرس هذا الوضع أكثر إفتقار الحارس دييغو كوستا للخبرة الكافية وغياب التركيز مما أدى لإستقبال شباكه لأكثر من 5 أهداف في هذا المونديال.

المدرب سانتوس في مايخص ترتيب خطوط  الدفاع فإنه يفضل اللعب بأسلوب دفاعي منخفض الكتلة وذلك بتحريك هذه الخطوط بشكل تراكمي  لضييق المساحة أمام الخصم في وقت الهجوم  وفسح المجال أمام الأطراف لإعتراض الهجمات المرتدة.

هذا الوضع يمكن أن يفتح شوارع حقيقية أمام الظهير الأيمن أشرف حكيمي و الأيسر نوصير مزراوي من أجل تقديم الإسناد في الضغط الهجومي العالي التردد في حالة الهجمات المرتدة الخاطفة وذلك بالإعتماد على قوة و تكامل وصلابة القوة الهجومية المغربية ممثلة في حكيم زياش وسفيان بوفال وعز الدين أوناحي وتكسير قوة الهجوم البرتغالي و تضييق المساحات المتقدمة أمامه.

وليد الركراكي كمدرب له تجربة مهنية محترمة وبالماريس إحترافي مشرف كلاعب ومدرب إستطاع إبعاد عناصر المنتخب المغربي على الضغوطات النفسية وكل محاولة للتأثير على معنويات الفريق بخلق جو تنافسي صحي ورياضي أكدته الصور في إنسجام تام بين الطاقم التقني واللاعبين فيما بينهم وهذا مؤشر على أن المباراة اليوم سيلعبها الأسود في جو به الكثير من الثقة المتبادلة وروح التضحية والهارمونيكا الإيجابية.

المنتخب المغربي يدخل هذه المباراة وعينه على فتح مخازن البرتغال الذهبية والعبور إلى مباراة نصف النهاية ومابعد نصف النهاية وكتابة التاريخ الجديد لكرة القدم الإفريقية والعربية، وسط إحتضان جماهيري من مختلف الشعوب العربية الأمازيغية الإفريقية، حيث أن هذا المنتخب إستطاع "لم الشمل" العربي و الإفريقي بفضل إستماتة اللاعبين و الدعم المنقطع النظير من الشعوب.
 
في زاوية أخرى من العالم الموازي لاحظنا حالة الإنكار الشديدة وعدم تصديق الواقع والصدمة السيكولوجية البئيسة التي يعيشها الإعلام الجزائري البئيس ومشغليه إزاء حدث تاريخي مغاربي وإفريقي وعربي وعالمي كبير  يتمثل في صعود المنتخب المغربي إلى دور ربع النهاية حيث كشف هذا الحدث للعالم الوجه الحقيقي للإعلام المأجور الغبي الغير مهني والفاقد للرؤية الإستراتيجية المصاب ب"متلازمة الإنكار Syndrome negata" والإنكار في علم نفس السلوك البشري، هو إختيار الشخص أو مجموعة بشرية  لإنكار الواقع كطريقة لتجنب حقيقة غير مريحة نفسيا. إن مذهب الإنكار هو في الأساس عمل غير عقلاني يمنع المصادقة على تجربة أو حدث تاريخي عندما يرفض الشخص أو المجموعة قبول واقع يمكن التحقق منه تجريبيًا و تاريخيا عاش الشعب البرتغالي هذه المتلازمة بعد الهزيمة المدوية في معركة المخازن وإنهيار الإمبراطورية البرتغالية و مقتل الإمبراطور سباستيان في المعركة حيث عرفت في ذلك الوقت ظهور " السيباستيانيزم " كرد ينكر ويرفض هذه الحقيقة ويرفض تصديق وفاة سيباستيان وهزيمة البرتغال في معركة عيكرية فقدت فيها جيشها وأسطولها.

الإعلام الجزائري أظهر بالملموس كمية الحقد المجاني وتزييف الوقائع وغياب المهنية التي تنخر جسده العليل.
في الجانب الآخر من القصة أظهرت مقاطع فيديو وتصريحات من أماكن مختلفة من الجزائر كيف أن الشعب الجزائري الشقيق يدعم المنتخب المغربي في المقاهي والمنازل رغم أنف إعلام التضليل و الكذب.
الرد المغربي الأصيل المتجذر من تقاليد مغربية عريقة ضاربة جذورها في التاريخ كان في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش 29 يوليوز 2019، ليقدم درسا في الأدب والأخلاق الرفيعة والروح الإنسانية الصادقة مذكرا ب: " مظاهر الحماس والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا بصدق وتلقائية دعما للمنتخب الجزائري خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة، ومشاطرتهم للشعب الجزائري مشاعر الفخر والاعتزاز بالتتويج المستحق بها، وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا. "..///  إنتهى الإقتباس.

اليوم بإذن المولى القدير وبالروح القتالية التي سيظهرها رجال المغرب في الميدان سيعبر المنتخب المغربي بحلم الشعب المغربي للوصول إلى نصف النهائي وتحقيق النصر على البرتغال و قطع دابر مروجي الإنهزامية و العدمية.

الإنتصار في موقعة البرتغال هو بداية الطريق لإستكمال العمل النوعي الذي يقوم به السيد فوزي لقجع على رأس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من أجل بناء منظومة كروية إحترافية وتجاوز نواقص حقيقية تعيشها كرة القدم المغربية في مستويات النوادي والفرق مرتبطة بالحكامة التنظيمية والتسيير العبثي والتطاحنات الإدارية والصراعات الإسبرطية التي هوت بفرق تاريخية لها أمجاد كروية إلى صنف الهواة وفرق الأحياء.
و أكيد جدا سيكون هذا الحدث الكروي و الرياضي دافعا أمام الفاعل  الرياضي لتحمل مسؤوليته التاريخية لإحداث التغيير المنشود و المستحق و تنزيل الرؤية الملكية المتبصرة لتأهيل المشهد الرياضي المغربي من أجل ضمان إستدامة هذه النتائج.