السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

تبع لسان الوزير الكذاب حتى لباب البرلمان!!

تبع لسان الوزير الكذاب حتى لباب البرلمان!! عبد الرحيم أريري
إليكم أسطع مثال على أكاذيب الوزراء والمنتخبين والولاة والمدراء، وهي الأكاذيب التي تزيد من نفور المواطن من المؤسسات الموكول إليها تدبير الشأن العام، سواء كانت مؤسسات حكومية أو برلمانية أو جماعية أو إدارية أو ترابية:
بعد قرار بناء مسجد الحسن الثاني في أواخر الثمانينات من القرن 20 بالدار البيضاء، قررت السلطات ترحيل سكان المحج الملكي (10 آلاف أسرة). ولهذا الغرض خلقت السلطات مدينة النسيم بجنوب غرب الدار البيضاء على مساحة 350 هكتار على أساس أن تكون مدينة النسيم مكتملة بحلول الألفية الثالثة.
لكن للأسف، كان ذاك السقف الزمني مجرد حيلة من طرف الحكومة لاغتصاب الأراضي من مالكيها لإنجاز مشاريع عقارية تجارية، بدليل أن المحج الملكي لم يتم إنجازه، والسكان لم يتم ترحيلهم، ومدينة النسيم أضحت مجرد مدينة أشباح (لا مرافق ولا ساحات عمومية ولا حديقة ولا أسواق ولا إنارة ولا نظافة ولاطرق تربطها بالأحواض السكنية المجاورة...إلخ.).
ففي عام 1991 خلقت الحكومة شركة بنكية لتتولى إنجاز مدينة النسيم، وبعد ثلاث سنوات انتبه المشرع أن قراره غير صائب، فقرر عام 1994 إحداث شركة صوناداك خوفا من اصطدام الشركة البنكية مع صندوق التجهيز الجماعي  FEC بالموازاة مع ذلك تم استصدار قرار لنزع ملكية الأراضي (350 هكتارا) بمبرر المنفعة العامة وفوض المشرع القرار للوكالة الحضرية للدار البيضاء.
من 1991 إلى 1998 ظل الجمود سيد الموقف لأن الشركة المكلفة بإنجاز مدينة النسيم اسمها صوناداك والأرض التي ستقام عليها المدينة كان ينبغي أن تدرج في اسم الوكالة الحضرية مما عطل إجراءات الحيازة، إذ لتشتري صوناداك الأرض بثمن محدد كمنفعة عامة كانت المحافطة العقارية تشترط أن تكون الأرض في اسم المشتري.
في 1998، استرجع المشرع وعيه القانوني وصحح غلطته بجعل عمليات شراء الأراضي تتم في اسم صوناداك وليس الوكالة الحضرية. لأن الوزير القوي آنذاك (إدريس البصري) كان وصيا على الوكالة الحضرية وعلى صوناداك، اختلطت عليه الأمور مما أثر على المونطاج المالي للعملية ككل.
1998-2001: كانت هي الفترة المشرقة لما كان محمد السعيدي مديرا عاما لشركة صوناداك، إذ تم شراء حوالي 220 هكتار في اسم الشركة، وهي الحيازة التي لم تتم إضافة أي عقار عليها رغم تعاقب عدة مدراء على الشركة منذ2002  إلى اليوم، اللهم مساحة صغيرة لم تتجاوز هكتارين. بالنظر إلى أن الشركة ستدخل مرحلة السبات منذ عام 2002.
بين 2002 و2005 عينت السلطات النعيمي، وضخت الدولة 50 مليار في ميزانية صوناداك ومع ذلك لم تشهد مدينة النسيم أي إشراقات.
بين نهاية 2005 والنصف الأول من عام 2006 عينت السلطات مديرا جديدا في شخص الليث وهي الفترة التي عرفت فيها صوناداك اختناقا رهيبا وتم الحكم على مدينة النسيم بالإعدام بعدما «تجرجرت» الشركة في المحاكم منذ تلك الفترة إلى اليوم، فتعطلت مدينة النسيم وتم إقبار أحلام الملاكين الأصليين وأحلام السكان.
بعد عام ونصف (تحديدا في النصف الثاني من عام 2007) جاء مدير جديد لصوناداك - في شخص الحسني - الذي قضى خمسة أعوام على رأس المؤسسة دون أن يتمكن من حل أي ملف عالق، اللهم ما يتعلق بتدخله لتصفية ملفات "الكريدي" العالقة بين سكان المدينة القديمة المرحلين والقرض العقاري والسياحي.
في عام 2008 ستقوم الدولة بمحاولة غسل العار وتبييض سمعتها عبر التحايل على الرأي العام بالقول إن صندوق الإيداع والتدبير سيشتري صوناداك ويحول النسيم إلى «حدائق بابل»، فإذا بصندوق الإيداع والتدبير يهرف على رصيد النسيم العقاري و«يفزع» سكان المدينة القديمة إلى مدينة الرحمة عبر شراء 1500  شقة لترحيلهم إلى هناك.
في عام 2013، بعد تناسل فضائح صندوق الإيداع والتدبير و«جرجرة» مسؤوليه بالمحاكم إثر فضيحة الحسيمة (ملف أنس العلمي ومن معه)، ستقوم الحكومة بتعيين العشفوبي مديرا جديدا لصوناداك مكلفا بإحياء مشروع المحج الملكي وتهيئة مدينة النسيم. لكن لم تتمكن الشركة من إنجاز "ولو شي حفرة واحدة".
منذ تلك الفترة إلى الآن، في الوقت الذي ظلت الدولة تحول سنويا  مليارين لصوناداك لأداء الأجور وكراء المقر!
الإنجاز الوحيد الذي تم هو إقدام شركة الدار البيضاء للتهيئة على حفر وإعداد مجرى واد بوسكورة عبر إنجاز قنوات، دون أن يواكب ذلك إنجاز قناطر لفك العزلة عن سكان مدينة النسيم والحي الصناعي ليساسفة خاصة بعد أن قامت شركة الدار البيضاء للتهيئة بإغلاق المعبر اليتيم الذي كان يربط بين النسيم والحي الصناعي عبر نادي FCC وصيدلية العمرة في الوقت الذي كانت ملزمة بتوسيع تلك القنطرة لتسهيل تنقلات المواطنين.
النتيجة ها هي ماثلة أمامنا: حوالي 70 ألف نسمة تقطن حاليا بمدينة النسيم في عزلة أبدية وبدون مرافق، ولم يرتكبوا أي جريمة سوى أنهم اختاروا السكن في مشروع رخصته الدولة وزكته الدولة وأشرفت عليه الدولة.
فهل بعد هذا السرد يحق أن نثق في رئيس حكومة أو وزير أو وال أو عمدة أو مدير مؤسسة عمومية؟!