الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

المحامي حاميدين: رسالة إلى النقيب فجار

المحامي حاميدين: رسالة إلى النقيب فجار رضوان حاميدين
منذ اندلاع الشرارة الاولى لجبهة رفض المحامون للمقتضيات الضريبية المجحفة وغير الدستورية، ارتأيت عدم الخوض كتابة في مواجهة بعض الأقلام المأجورة الرافضة لمثل هذا النوع من النضال المبني على المقاطعة، واكتفيت بالعمل الميداني داخل دهاليز المحاكم.
إلا أنني اليوم صدمت من بعض الأسطر التي خطها محام ينتمي لهيئة الجديدة، فرضت علي الأعراف والتقاليد أن ألقبه بصفة نقيب، وإن كانت هذه الصفة لا تلتصق إلا بالشريف النقي المنافح عن الأعراف والتقاليد، والذي وقع الإجماع على استحقاقه للوصف، وليس على من جاءت به أمواج زوبعة عابرة إلى شاطئ الوصف.
أقول أني صعقت من هول الصدمة عندما قرأت تلك السطور التي تحاول أن تجعل من محاميي المغرب، وخاصة قلعة الدار البيضاء جزءا من أطروحة انفصالية، مفادها أن من يرفض المشاركة في مؤتمر الداخلة ينطبق عليه وصف الانفصال، وأن من يتحكم في الحراك المهني هم أحزاب أو جماعات لديها حسابات مع الدولة، قياسا على كلام وزير، يجمع الكل أنه من مخلفات الأنظمة الدكتاتورية البائدة، والذي رمت به نفس الزوبعة العابرة في نفس شاطىء الوصف ايضا.
[  ] إن ما جاء به النقيب السابق خطاب خطير، إن لم نقل الأخطر على الاطلاق والذي صنف شريحة واسعة من المحامون بل السواد الأعظم منهم، صنفهم في خانة الانفصال بسبب دفاعهم عن حق المواطن أولا في عدالة حقيقية وحقهم في عدالة ضريبية تحترم أبجديات المساواة ونصوص الدستور.
إن ما وصلت إليه العقول المتحجرة الرافضة لسماع صوت غير صدى صوتها والدفع إلى تخوين الحراك المهني على غرار مجموعة من المطالب الشعبية، التي تم مجابهتها بمنطق الانفصال يجعلنا نتساءل حقيقة عن طريقة تفكير بعض العقول، وهل تدفع في اتجاه لحمة هذا الوطن أم تحاول زعزعة استقراره في كل مناسبة؟
إن مقاطعة المؤتمر لم تأت من منظور مكان الانعقاد، ولكنها كانت من منطق أن الجهة المنظمة تحاول إقحام الوطنية، لسحق مهنة المحاماة بعلة ان كل من لم يشارك في المؤتمر هو داع للانفصال.. وهذا كلام خطير لا يمكن أن يصدر من فم عاقل، أو واع بمستقبل البلد وتحدياته المستقبلية.
أما وطنية المحامين فلا أحد يستطيع أن يزايد عليها، ولتذكير العقول القاصرة أخبركم أن المحامون قاطبة من كل أرجاء الوطن، وبحلول جائحة كوفيد اقتطعوا من المبالغ المرصودة لتأمينهم عن الصحة وتوفير التقاعد، وقدموها قربانا للوطن والمواطنين، كما أنهم وفي عز الحجر الصحي عندما دقت مراكز تحاقن الدم ناقوس الخطر تراصت صفوف المحامين للتبرع بالدم بعد نداء هيآتهم، وكانت طوابير المتبرعين منهم تبقى مصطفة طيلة اليوم، وذلك قربانا أيضا للوطن والمواطنين.
اما عندما هاجم فئران البوليساريو منطقة الكركرات فقد كان المحامون أول من شد الرحال إلى المعبر، لمساندة الجيش ورفع معنوياته وبعث رسالة مفادها أن رسالة المحاماة تجعل من أولوياتها وحدة الوطن، بل والرقي بالوطن وجعله في قمة البلدان.
في كل تلك المحطات لم نسمع دبيب الأصوات التي تخرج اليوم لمهاجمة أسمى رسالة في الوجود هي رسالة المحاماة.
أما ما جاء على لسانكم من كون المقتضيات الضريبية هي مكسب للمحامين فقد تكون كذلك، إذا فرضنا أن جميع المحامين يمارسون نشاطا فلاحيا كبيع الأبقار والأغنام مثلا،  ويستطيعون تهريب أرباحهم بعلة أن النشاط الفلاحي معفى من مجموعة من الضرائب، ويمكن تهريب ناتج أي ملف على أنه بيع لعجل أو لخروف..

ذ. رضوان حاميدين ، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء