الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد حعفر: هل كان الملك سيدعو ضيوف القمة العربية لفندق شيراتون لو كانت القمة بالرباط؟!

سعيد حعفر: هل كان الملك سيدعو ضيوف القمة العربية لفندق شيراتون لو كانت القمة بالرباط؟! سعيد حعفر
دعوة تبون لقادة الدول العربية، في نهاية حفل افتتاح القمة، للتوجه فورا لفندق شيراتون لتناول العشاء، يكشف عن عدم أصالة الدولة الجزائرية وعن عدم أصالة أعرافها وعن ضعف في البروتوكول الرئاسي.
الجزائر دائما تبحث عن هوية لأسباب تاريخية معروفة مرتبطة بتوالي الاستعمارات للجزائر وطول مدد هذه الاستعمارات خصوصا العثماني والفرنسي، ويشكل الأمر واحدا من عناصر ضعف الإجماع الوطني الداخلي والذي يعيق الوحدة الوطنية الداخلية، مما يدفع علبة الحكم في الجزائر لجعل الحكم العسكري عقيدة للدولة.
وبدون شك سيستمر هذا الوضع المتعب رغم كل محاولات الرئاسة والإعلام (الوجه المدني لجوهر الحكم العسكري) صناعة هوية ثقافية وتاريخية للجزائر عبر حرب استنزاف للجيران وخصوصا المملكة المغربية.
دعوة تبون لضيوف القمة للتوجه لشيراتون للعشاء يكشف عمق أزمة هوية عقل الدولة في الجزائر والذي يعتبر البروتوكول تجليا حاسما له، وهو أقرب إلى السبة في وجه النظام الجزائري ويعكس بالتالي طبيعة العرف الشعبي الجزائري.
في المغرب لا يمكن أن يقع الأمر نهائيا. مجرد عرس في بادية مغربي يمر بأعراف دقيقة في دعوة الضيوف والإعداد لأيام العرس. مجرد نسيان دعوة شخص أو أسرة يعتبر أهمالا غير مسموح به لا يغتفر.
عندما نصل إلى القمة حيث دار المخزن، الأعراف تصبح صارمة ومرعية والبروتوكول صارم، فهما يعكسان وجه الدولة وقد تمت رعايتهما منذ الأدارسة ومع العلويين أصبحا جزء من الحكم.
من يتذكر آخر فطور ملكي بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الإسبانية للمغرب، وقبله حفل عشاء على شرف ولي عهد الإمارات العربية المتحدة للمغرب سيتأكد كيف أن الأعراف والبروتوكول تعتبر امتداد للسياسة وللحكم.
في حالة السيد تبون الأمر مختلف كليا. عشاء، مجرد عشاء، الضيوف في فندق أجنبي يعكس بأمانة اغتراب الجزائريين من خلال اغتراب الحكم في الجزائر، وإذا أضيف وضع العشاء الغريب إلى وضع استعانة الرئيس ووزير الخارجية بالمساعدة في ترجمة كلمة الرئيس التونسي،
فإن اغتراب وغرابة العقل السياسي والثقافي الجزائري قائمة ومؤكدة.