الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: خطاب الملك.. رسالة واضحة لوضع حد للريع المائي والقطع مع اقتصاد المطر

خالد أخازي: خطاب الملك.. رسالة واضحة لوضع حد للريع المائي والقطع مع اقتصاد المطر خالد أخازي
خطاب الملك اليوم بالبرلمان، لا يحتاج إلى تحليل عميق ولا إلى من يتبوأ منصة استوديو ليكون وسيطا لغويا...
فهو خطاب للداخل... ولا يهم الخارج... بكل أطيافه المعادية ...
فسياسة المغرب العريق... الصمت عندما يكذب السفهاء.... نشفق عليهم... ولا نرد... لأن الرد يحتمل الندية... وهم حقراء... لا يستحقون غير الشفقة..
خطاب الملك... بلغة المغاربة وبنبضهم... شخص اختلالات بلين دون قسوة... وهو مشروع شجاع في تغيير عقلية المدبر الذي يؤسس توقعاته على مناخ يتغير عالميا..
وبلغة المغاربة... كلم الجميع
وفي خطاب الملك رسالة يفهمها كل واحد حسب موقعه...
وفهمه كل الناس...و التقط المسؤولون ما يهمهم من التوجيهات ناعمة الظاهر صارمة العمق..
الكل... أنصت وفهم...
فقيهم وعالمهم و وزيرهم والغفير والجاهل...
فهل فهمه المسؤولون ونواب الأمة... الذين صفقوا للملك كثيرا... في الوقت الذي ساد الفرح قلوب المغاربة وهم يرون ملكهم فصيحا معافى ، ينطق بما يشعرون ويبادر حين تركن الحكومة للصمت والانتظارية....؟
ملكية مبادرة دائما حين يعري الواقع الحكومات...
هذه حقيقة... فالملكية تأتي بالبدائل حينما تعجر الحكومات عن التدبير بالبدائل...وتبرير الفشل بإرادة السماء منذ سنين..؟
قال الملك بكل بساطة: نحن لم نعد نعيش جفافا دوريا... بل غدا الجفاف بنيويا وهيكليا...
قال الملك بكل وضوح... إن علينا الخروج من اقتصاد مرتبط بالمطر إلى منظومة تنموية مرتبطة بالري والسقي والبحث عن حلول بديلة...
قال الملك للمسؤولين والشعب... لم يعد الجفاف حالة استثنائية...فنحن جزء من جغرافيا عالمية تتغير... بمعنى آخر... الجفاف غدا واقعا مناخيا.... وعلينا القطع مع ربط التنمية بالتساقطات...
وما تلي من آيات حكمية في البداية كانت في تناغم جميل وعبقري مع خطاب الملك...
فيوسف عليه السلام...لم يدبر أزمة سبع سنين من الجفاف... بالانتظارية والصلاة والدعاء... لم يكتف بالتأويل والتعبير.. لم يعتمد على حظوته عند ربه لتهطل الأمطار... بل خطط وتتبع الأسباب وأبدع وبادر..
بل وضع خطة سبع سنين... لمواجهة الخصاص والجوع... خطة صاحبها إصلاح مجتمعي قام به سيدنا يوسف...
الإذخار الذي لا يتلف... فلو لم يخزن الزرع سنابلا لفسد...
أي أنه كانت له رؤية علمية زراعية...
وفي السياق ذاته... حارب فساد الطواغيت من كهنوت آمون...الذين كانوا يأخذون أرزاق العباد باسم عقيدة مزيفة وصنم غارق في البؤس... وبالحظوة والمنزلة لا الكد والكدح... بل بالنصب والاحتيال على الشعب...
التخطيط للإذخار... يلزمه كما لمحت إليه الآيات الحكيمة... العدل والإنصاف وتقاسم تكلفة الجفاف...والقطع مع الريع المائي...
والرسالة واضحة...
لا مسابح داخلية خاصة....ونحن مهددون بالعطش...بالسكتة المائية...
ومن حسن حظنا... أننا تعلمنا كيف ندبر سنوات القحط... ملكا وشعبا..
لا مسابح من مياه عمومية... ولا حدائق خاصة من المياه العمومية وهناك من لا يجد قطرة ماء...
لا مضخات مياه تستنزف آخر قطرة من المياه الجوفية في ضيعات لكبار الفلاحين المعفيين من الضريبة من أجل فاكهة استوائية.. ومحاطة بكل الحماية والصمت...
لا مزيد من زراعات مكلفة ولو تخلى المغاربة عن الدلاح... الدلاح مكلف مائيا..
لا ملاعب غولف... خاصة بكبار القوم... تستنزف الماء والهواء والرجاء...
لا سكنيات لكبار الموظفين السامين بلا عدادات خاصة... تكلف الدولة الملايير...
لا لزراعة الرفاهية التي تكلفنا ملايير المترات المكعبة من الماء... في زمن نحن فيه في أمس الحاجة فيه إلى الحبوب...
سنعمل وفق خطة يوسف عليه السلام..
التخزين وتدبير المرحلة مع محاربة الفساد والريع المائي...
هذه رسالة الملك الأولى...
ورسالته الثانية... عدم المزايدة السياسية بقضايا الناء وانقطاعه...
وعدم المن... لا تمنوا على وطنكم..
فقد كثر المن والمن يحبط العمل...ووكل أزمة... هناك تجار سياسيون يركبون عليها...
والمقصود... كائنات عجيبة سياسوية انتخابوية تركب على مطالب الناس في مناطق تعاني من الجفاف وشح المياه... لزرع اللاستقرار والمساومة السياسية.. وبدل أن تكون جزء من الحل.. تصب الزيت على نار الاحتجاجات...
كما قال الملك... على الشعب أن يعرف تكلفة الماء الحقيقية وهو يمر من جميع المراحل...
الشفافية والصراحة مع الشعب...
كونوا واضحين مع الشعب...هذا ما جاء في الخطاب الملكي...
لا تستغلوا أزمة الماء للعب دور قيادي مزيف...هذا
خطاب الملك قطع من اقتصاد يتأسس على المحتمل.. والغيبي... قطع مع تنمية مرهونة بالسماء...
لن نبرر مؤشرات التنمية بالجفاف...
لا نظل في وضعية معلقة والمناخ دوليا تغير...
علينا التكيف...علينا الابتكار... وتشجيع كل المبادرات في مجال ابتكار صيغ جديدة...
الملك يفتح المجال أمام بحث علمي موجه بحاجات المجتمع... لا بحث علمي كوبي كولي... ولا ينسجم مع التحديات الوطنية...
هذا توجيه واضع لوزارة التعليم العالي...
علها تلتقط الإشارة الملكية...
الملك قال بوضوح إن الرهان متعدد المسارات..
التدبير الجيد...
الوعي والتحسيس...
تطويق الريع المائي...
وضع الشعب في المشهد كاملا...
عدم توظيف أزمة الماء في مزايدات سياسية..
التفكير في البدائل...
تشجيع البحث العلمي مجال الماء والري والسقي...
توسيع مجال السقي والري والتفكير في طرب مبتكرة...
الاستمرار في سياسة السدود وتحلية مياه البحر وتدوير المياه العادمة وحماية الفرشات المائية من الضخ الجائر..
الشعب فهم الملك...
فهل فهمه ممثلو وممثلات الأمة وسيعلمون على تنزيل روحه حينما يحلون بمناطقهم...؟
هل فهمه المسؤولون كل من موقعه..؟
هل فمهمه الوزراء كل من موقعه...؟
هل فهمه الحيتان الكبرى... فلا تساهل معهم بعد اليوم...؟
هل فهمه بعض كبار القوم الذين يستنزفون الفرشات المائية لفواكه لا يعرفها المغاربة... وبعضها إن وصلت ندرك أنها خارج المعايير الأوروبية...؟
هل فهم عشاق الغولف... وأصحاب رش حدائقهم الداخلية بالمرشات... وأصحاب الفيلات ذات المسابح وكبار المسؤولين القاطنين في السكن الوظيفي وفلاحو لافوكا ووزير التعليم العالي خطاب الملك ودعوته إلى الشفافية وتظافر الجهود لاقتصاد الماء وتطوير البحث العلمي في حقول مرتبطة بالماء...؟
خطاب الملك وضع قطيعة مع تبريرات غيبية... ومع اقتصاد هش مرتبط بالمطر وينتظر من الحكومة وكل الفاعلين والفلاتر من الآن... التخطيط لتنمية تستحضر الجفاف كمعطى بنيوي...وتؤسس لبحث علمي يراهن على خدمة الاقتصاد والتنمية...
إلى العمل على طريقة سيدنا يوسف... وربط الادخار بمحاربة الريع الماء وتطوير بحث جامعي أكاديمي عقلاني يستجيب لمطلب التنمية؟
 
خالد أخازي: روائي وإعلامي مستقل