Friday 27 June 2025
خارج الحدود

بعد وصول سمعتها للحضيض بإفريقيا: فرنسا الماكرونية تعيش أسوأ أيامها

بعد وصول سمعتها للحضيض بإفريقيا: فرنسا الماكرونية تعيش أسوأ أيامها ماكرون ومشهد من إحراق سفارة فرنسا ببوركينافاصو
تعيش فرنسا الماكرونية أسوأ أيامها، وتخسر يوما عن يوم قلاعها ومناطق نفوذها التاريخية، وعلاقاتُها مع شركائها التاريخيين من سيء إلى أسوأ. 
آخر الهزائم، بعد مالي منذ أسابيع، تلقتها فرنسا في بوركينا فاسو مستعمرتها السابقة التي تؤكد كل الأخبار القادمة منها أنها تتجه نحو موسكو بمساعدة من المرتزقة الذين سهلوا مأمورية قوات فاغنر هناك. هل هذا يغيب عن ماكرون والدولة العميقة الفرنسية أم أنها تلزم الصمت مخافة قطع الإمدادات؟ هل يصل الذل بفرنسا إلى هذا الحد؟ وهل يصمت الإعلام الفرنسي ويتجاهل هذه الحقائق؟ ولمصلحة من؟
يطارد الفشل ماكرون الذي وعد في بداية ولايته السابقة خلال جولته الإفريقية بتجديد العلاقة مع هذه القارة ولكنه لم يحصد إلا الريح حتى الآن لأنه لم يجن سوى العواصف في علاقته بكل شركائه. 
لنتذكر قولة شهيرة لشيراك اليميني في مارس 2008 قال فيها "بدون إفريقيا، ستنزلق فرنسا إلى مرتبة دول العالم الثالث"، ولنتذكر ما قاله ميتران اليساري سنة 1957 "دون إفريقيا، فرنسا لن تملك أي تاريخ في القرن الواحد والعشرين".
أهمية افريقيا بالنسبة لفرنسا باعتبارها عنصر قوتها كانت دائما محط إجماع كل الفرقاء الفرنسيين، وها نحن نلاحظ التمرد الإفريقي على فرنسا التي لم تستوعب التحولات الطارئة في العالم وأبقت على عقليتها الاستعلائية وسلوكها الكولونيالي تجاه مستعمراتها السابقة متناسية أن قوى أخرى تخترق القارة السمراء بجاذبية أكبر وعروض شراكة أفضل لدول المنطقة.
ما تزال الدولة العميقة الفرنسية تتصور أن أدوات ضغطها التاريخية كفيلة بتطويع الدول ظنا منها أن منع تأشيرات الدخول لمواطني تلك الدول إلى التراب الفرنسي يثيرهم ضد دولهم. والحقيقة أن السحر انقلب على الساحر حيث انكشف جشع سفارات فرنسا في هذه الدول التي تستخلص رسوما بدون أي خدمة مقابلها، وهذه وحدها فضيحة تجعل الجميع يقتنع أنها تريد سد عجزها بأموال منهوبة من ثروات هذه البلدان وجيوب مواطنيها ظلما وعدوانا. والأخطر أن سمعة فرنسا داخل القارة السمراء في الحضيض بدرجة غير مسبوقة وهو ما ينعكس على انتشار اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية والإعلام الفرنسي، وكم سيتطلب الأمر من مجهود وإمكانيات لإعادة إصلاح هذه الصورة النمطية السلبية التي تحملها شعوب القارة على فرنسا؟! أما تأثير هذه الخسارات في القارة الإفريقية على الاقتصاد الفرنسي فكبير جدا تنبئ به الإحصائيات التي تؤكد تراجع فرنسا عالميا لفائدة قوى صاعدة صارت تفوقها ترتيبا.