الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

الرئيس المرزوقي : الأسطوانة الجزائرية بشأن الصحراء المغربية خاطئة وأدت إلى تمزيق المنطقة المغاربية

الرئيس المرزوقي : الأسطوانة الجزائرية بشأن الصحراء المغربية خاطئة وأدت إلى تمزيق المنطقة المغاربية الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي و الحاج شفيق ( يمينا)
قال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، في لقاء خاص عن بعد نظمته "تنسيقية حزب الاستقلال لمغاربة العالم"  بإشراف الحاج شفيق، مساء الجمعة 7 أكتوبر 2022، إن استقبال زعيم البوليساريو من طرف الرئيس التونسي قيس سعيد كانت بمثابة الصدمة بالنسبة إليه، لكون ذلك يشكل اختلافا جوهريا عن السياسة التونسية المعهودة منذ الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
 وأشار بأن الاستقبال يعد اعترافا ضمنيا، لكون الاستقبال جرى تحت علمين مختلفين، علم تونس كدولة معترف بها وعلم البوليساريو. واعتبر المرزوقي ما حدث ب " الضربة لسياسة تونس الأزلية التي لا يجب أن تقع في فخ شقيق ضد شقيق آخر "، في إشارة الى التوتر بين المغرب والجزائر.
وأضاف المرزوقي- خلال اللقاء عن بعد الذي سيره الحاج شفيق- بأنه سعى خلال فترة رئاسته لتونس، بكل الإمكانيات الى تنشيط الاتحاد المغاربي مقترحا البدء بالحريات الخمس وهي: حرية التنقل وحرية الاستقرار وحرية الملكية وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية لكل المواطنين المغاربيين، لكن كل جهودهم باءت بالفشل الشديد .
وقال المرزوقي إن السياسة التي انتهجتها الحكومة الجزائرية في قضية الصحراء المغربية كانت خاطئة منذ البداية، مضيفا بأن موقفه لا علاقة له بحبه للمغرب، بل له علاقة بالمنطق، مؤكدا بأن هناك فرق بين الحكومة والشعب الجزائري ، ومن أراد إقناعه بالعكس - يقول المرزوقي - فهو يعمل بمنطق استبدادي ينبغي عليه التخلص منه.
وأوضح أن السردية الجزائرية بشأن الصحراء المغربية لا تستقيم، متسائلا من أين أتت قصة استعمار المغرب لصحرائه، فالأمر يتعلق بجزء لا يتجزأ من التراب المغربي والذي كان خاضعا لسيطرة الاستعمار الاسباني على غرار منطقة الشمال. كما أن المغرب - يقول المرزوقي - لم يأخذ ثورات الصحراء ليضخها في باقي الأقاليم، بل العكس هو الذي حصل، هو الذي ضخ الثروات في الصحراء المغربية.
 وأضاف المرزوقي إن النظام الجزائري كان على وشك ترديد أسطوانة استعمار المغرب لأقاليمه الشمالية سيرا وراء نفس المنطق، علما أن شمال المغرب كان هو الآخر يخضع للسيطرة الاسبانية، لكن المشكل- يضيف المرزوقي - ليس في هذه السردية الضعيفة، بل المشكل يكمن في ثمن هذه السياسة التي أدت الى رفض استرجاع المغرب لجزء من أراضيه، كما استرجع الشمال. وهذه السياسة - بحسب المرزوقي- أدت الى تجميد الاتحاد المغاربي. فالمنطقة المغاربية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي ليس فيها اندماج علما أنها المنطقة الأكثر اندماجا حقيقة ( شعب واحد، دين موحد، تقاليد موحدة.. )، مقدما بعض النماذج من إفريقيا التي استطاعت الاندماج، مثل بلدان غرب افريقيا التي استطاعت التوحد  وإقامة سوق مشتركة رغم كونهم من ديانات ولغات مختلفة، ودول جنوب القارة الإفريقية، وكذلك شرق إفريقيا، بينما السياسة التي أنتجتها الحكومات الجزائرية أغلقت هذا الباب، مؤكدا بأن الاتحاد المغاربي لا يوجد الآن في غرفة الإنعاش بل انتهى ومات، وهو ما أدى الى تأزيم اوضاع الشعوب المغاربية وتفقيرها.
وحرص المرزوقي أيضا على التطرق الى معاناة الصحراويين من السياسة الجزائرية، حيث ذكر بأنهم أكبر ضحية لهذه السياسة، متسائلا من يصدق أن 100 ألف أو 200 ألف صحراوي الموجودين في تندوف منذ عقود أبنائهم سيبقون هناك ؟ من يتصور أنهم سيعودون بعد تحرير المنطقة ، وهو الأمر الذي لن يحدث إلا اذا تم تدمير المغرب عسكريا وهو أمر لن يحصل.
وقال أيضا الى الشعوب المغاربية ذهبت ضحية هذه السياسة، فالعلاقات بينها بدأت تفسد، وبدأ السم يتسلل بين الشعوب المغاربية على حد تعبير  المرزوقي، وهو ما يشكل ضربة لعلاقاتهم الطبيعية. وحاليا يجري السباق نحو التسلح في المنطقة المغاربية، بدل أن تصرف كل هذه الأموال في إقامة المشاريع الاقتصادية والاجتماعية،  الى جانب تدخل أطراف أجنبية، بمعنى أن هذه السياسة أنتجت الكارثة بالمنطقة.
وتساءل المرزوقي، هل ننسى أن الصحراويين هم من بنوا مراكش والتي كانت عاصمة لدولة المرابطين ؟ قبل أن يواصل حديثه عن الموقف الجزائري بشأن قضية الصحراء المغربية، واصفا السردية الجزائرية ب " الخاطئة " وأنها ليس لها أي معنى، مؤكدا بأن اختيار الحكومة الجزائرية بجعل هذه القضية قضية مركزية أدى الى تدمير الاتحاد المغاربي، ودمر حظوظ شعوب المنطقة، وحظوظ التقدم الاقتصادي ودمر بالأساس " هؤلاء المساكين الموجودين في تندوف الذين ليس لهم أي مستقبل سوى البقاء جيل بعد جيل في هذا المكان..".
وحذر المرزوقي من كون الوضع في المنطقة المغاربية خطير لأن السلطة الجزائرية غير مستعدة لتغيير السردية التي سجنت نفسها فيها، أي سردية الحديث عن وجود استعمار في الصحراء المغربية والتي لا علاقة لها بالواقع.
وفيما يتعلق بالوضع الاستشرافي بالمنطقة المغاربية في ظل الخلاف بين المغرب والجزائر، قال المرزوقي إن الحل واضح، وهو العودة الى الاتحاد المغاربي الذي في كنفه تحل القضية الصحراوية، وأضاف موجها خطابه للصحراويين : "دائما أقول للإخوة الصحراويين بأن الاتحاد المغاربي هو الحق الحقيقي لأنه آنذاك ستكون لكم خمسة أوطان بدلا من وطن واحد..وطن صغير وهو  المغرب ووطن كبير أي الاتحاد المغاربي..وآنذاك يمكنكم أن تدرسوا في تونس وأن تستقروا في الجزائر وتفتحوا مصانع في ليبيا..
وشدد المرزوقي على حاجة الشعوب المغاربية الى فضاء واسع، فلا الجزائر ولا تونس ولا ليبيا ولا موريتانيا يستطيعون التحرك والتقدم وسط هذه الحدود، فهذه الحدود - يضيف -  لعنة لهذا رفعوها في أوروبا وأصبح هناك فضاء لـ 500 مليون، وهناك أيضا الفضاء الموجود في الصين، الفضاء الموجود في الهند.. ليست هناك إمكانية لأي شعب أن يتطور وسط فضاء صغير، لكن للأسف - يقول المرزوقي - من حبسوا عقولهم وقلوبهم في سردية خاطئة وتسمموا بهذه السردية سيواصلون التسمم بها وأنا لا أعتقد أنهم سيغيرون هذه السردية، لذلك فالأمل الوحيد هو التغيير الذي قد تحمله الأجيال السياسية القادمة للشعوب المغاربية، عبر القطع مع السرديات القاتلة والمميتة وأن يفهموا بأن مصيرهم واحد وأنهم لابد أن يعيدوا الحياة للاتحاد المغاربي.