في البلاغ الأخير الذي أصدرته إدارة الأمن الوطني يوم السبت 17 شتنبر2022 حول توقيف عصابة من عشرة أشخاص تمتهن النصب والسرقة، لم يستوقفني وجود مفتش شرطة بالرباط ضمن العصابة، ( فالمحاكم تعج بقضايا مماثلة تورط فيها أفراد ينتمون للقوة العمومية)، بل ما استوقفني هو كون هذه العصابة أوهمت راق شرعي بالبيضاء ببيعه مادة الزئبق الأحمر النادر لاستعماله في شعوذاته مقابل "مائة منيول حب " ( أي مليون درهم cash)!
إذ كشف البلاغ أن الراقي الشرعي أوفد فعلا أحد مأموريه ومعه "مائة منيول"، قبل أن تحتجز عصابة المفتش هذا الأخير وتسرق منه المبلغ المالي المهم.
هنا الأسئلة المقلقة:
1. من أين حصل الراقي على هذا المبلغ المهم، لأن زعماء المافيا وتجار المخدرات هم من اعتادوا التعامل ب"الكاش" في المعاملات المالية المهمة، بدل التعامل بالشيكات والكمبيالات والتحويلات البنكية المألوفة في مجال التجارة كلما تجاوزت القيمة مبلغا معينا معروفا؟
2. هذه عملية واحدة تعامل فيها الراقي مع أطراف لشراء الزئبق، فكم يا ترى من عملية ينجزها الراقي( وباقي الرقاة بالمغرب)، بالدفع نقدا وبمبالغ مماثلة أو ربما بمبالغ تتعدى"مائة منيول"؟
3. من هم زبناء هذا الراقي الذين مكنوه من هذه "الأتعاب الفلكية" وماهي وظائفهم حتى يسددوا "أتعابا خيالية"؟
4. هل إدارة الضرائب تضع هؤلاء المشعوذين في رادارها لمحاسبتهم عن مصادر دخلهم، وبالتالي تضريبهم بما ينص عليه القانون، أم فقط "تتبورد" على الموظف البسيط والمستخدم المنهوك والتاجر الصغير لاقتطاع "دم جوفهم" لتمويل التحملات العامة؟
5. هل ستجري وزارة الداخلية والمالية والنيابة العامة ( كل في مجال تخصصه) جردا لهؤلاء الرقاة بالمغرب وضبطهم ونشر أسمائهم وعناوينهم في المواقع الالكترونية للوزارات المعنية ليكون كل مغربي على بينة مما يفعلون؟
أما عصابة مفتش الشرطة وشركائه فالمحكمة "فران وقادة بشغلها" لتطبيق القانون في حق كل متهم، في حين يبقى جزء من الرأي العام متعطشا لمعرفة مآلات الأسئلة الخمسة الحارقة المعلقة .