الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

الانتخابات البرازيلية: صراع بين اليساري لولا واليميني المحافظ بولسونارو ومفتاح القصر الجمهوري بيد الكنيسة الإنجيلية !!

الانتخابات البرازيلية: صراع بين اليساري لولا واليميني المحافظ بولسونارو ومفتاح القصر الجمهوري بيد الكنيسة الإنجيلية !! صراع خطير بين اليساري لولا واليميني المحافظ بولسونارو، سيتم حسمه من قبل الكنيسة الإنجيلية في البرازيل

تستعد البرازيل هذه الأيام لانتخابات رئاسية في التي ستجرى يوم 2 أكتوبر2022 مع احتدام المواجهة بين الرئيس الحالي جايير بولسونارو، الذى يمثل اليمين المحافظ، والرئيس السابق زعيم حزب العمال، لويز ايناسيو لولا دا سيلفا، والذى يعتبر المرشح الأوفر حظا للوصول الى منصب الرئيس حسب الإحصائيات الأخيرة التي أجريت يوم الجمعة16 شتنبر 2022 من قبل معهد "داتا فولها" البرازيلي، إلى أن لولا دا سيلفا هو المرشح الاوفر حظا للوصول الى منصب الرئيس مع نية تصويت تبلغ 45 % مقارنة ب 36% من الرئيس الحالي بولسونارو.

لكن وحسب بعض الخبراء فإن هذه النسبة وهذا الفرق بين لولا وبولسونارو، يمكن أن تتغير بين عشية وضحاها في صالح الرئيس الحالي بولسونارو الذي بدأ يغير في استراتيجية خطابه الانتخابي متجها شطر الخطاب الديني العاطفي المسيحي، مع العلم أن نجاحه في الانتخابات الرئاسية السابقة كانت بسبب أصوات الكنيسة الإنجيلية. إذ بعد نجاحه من قبلها وقع هناك تصدع وانفصال بينه وبين الكنيسة الانجيلية وكانت قد أعلنت عن عدم مساندة بولسونارو في الانتخابات القادمة، والتي كانت السبب في إيصاله إلى رئاسة الدولة البرازيلية سنة 2018.

وفي هذا السياق لا بد من التحدث والتعريف بشخصين مهمين وفاعلين أساسيين في الحقل الديني الإنجيلي في البرازيل وإليهما تعود الكلمة الأولى والأخيرة في تحديد من سيكون الرئيس الجديد للبرازيل، وهما:

أولا،  إيدير ماسيدو Edir Macedo‏: من مواليد 18 فبراير 1945، وهو أسقف إنجيلي برازيلي وكاتب ورجل أعمال والملياردير ، وهو أيضًا مؤسس وأسقف الكنيسة العالمية لملكوت الله الخمسينية.(كنيسة إنجيلية) وهو المالك ورئيس قناة ريكورد تي في "، أكبر شبكة تلفزيونية في البرازيل منذ عام 1989 مع مجموعة التسجيل، التي أسسها بعد أن اشترى الشبكة، من بين أغنى الزعماء الدينيين في العالم. نشأ كاثوليكي، اعتنق المسيحية الإنجيلية في أوائل السبعينيات. في عام 1977 أسس طائفته الخاصة في ريو دي جانيرو، والتي تتبع "لاهوت الازدهار" ، مؤكدًا أن الإيمان والالتزام بالكنيسة يكافآن بالثروة. ينبع الجزء الأكبر من ثروة ماسيدو من ملكيته لشركة" ريدي ريكورد" ، ثاني أكبر محطة إذاعية في البرازيل، والتي حصل عليها في عام 1990 من الفنان سيلفيو. سانتوس. من غير الواضح كيف حصل على التمويل اللازم لشراء الشركة: قامت الوزارة العامة بالبرازيل بالتحقيق في السؤال لأكثر من عشر سنوات بينما زعمت بعض التقارير أنه استخدم أموال الكنيسة. في يوليو من عام 2013 ، أصبح أيضًا مصرفيًا بعد استحواذه على حصة 49 ٪ في بنك بانكو رينر المملوك للقطاع الخاص، والذي يحتل مكانة بين أعلى معدلات الفائدة في البرازيل. أثارت الصفقة الجدل جزئياً لأن البنك المركزي البرازيلي تعامل مع ماسيدو كمستثمر أجنبي منذ أن كان مقيمًا في الولايات المتحدة. تمتد إمبراطوريته الإعلامية أيضًا إلى شركة W67CI التابعة لشركة تيليموندو في أتلانتا.

في عام 2014 ، افتتح ماسيدو نسخة طبق الأصل ضخمة من معبد سليمان في ساو باولو، والتي تستوعب 10.000 من أتباع الكنيسة الإنجيلية، وهي ضعف كنيسة المسيح المخلص الشهير، الواقعة في ريو دي جانيرو. كلفت الكنيسة الضخمة مبلغ 200 مليون دولار لبناءها وتعمل بمثابة المقر العالمي للكنيسة الانجيلية.

كان رجل الدين المسيحي "ماسيدو" من الداعمين لبولسونارو في انتخابات 2018، أما الآن في الانتخابات القادمة لن يدعمه للأسباب الذي سنتحدث عليها في هذا التقرير .

ثانيا،  سيلاس ملفافية = Silas Malafaia: من مواليد 14 شتنبر 1958 بمدينة

ريو دي جانيرو. هو رجل دين وقسيس برازيلي ومؤلف وناشط تلفزيوني، وحاصل أيضًا على شهادة في علم النفس. وهو زعيم جمعية الكنيسة الخمسينية لنصر الله في المسيح ، وهي فرع من حركة جمعيات الله الأوسع للكنائس الخمسينية في البرازيل. وهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة النشر Central Gospel Music [pt] ، ونائب رئيس المجلس الدولي للوزراء الإنجيليين في البرازيل (CIMEB) ، والذي يتكون من حوالي 8500 وزير وزعيم من جميع الطوائف الإنجيلية البرازيلية..معروف بعمله السياسي ومعارضته الشديدة للترويج للمثلية الجنسية في المجتمع ومعارض كذلك لقانون الإجهاض..في انتخابات عام 2012 ، كان القائد السياسي الإنجيلي للمرشح خوسيه سيرا لمجلس مدينة ساو باولو. وساعد في انتخاب 24 رئيس بلدية و 16 عضوًا في مجلس المدينة في سبع ولايات. في انتخابات عام 2014 ، قام Malafaia بحملة انتخابية لصالح أئسيو نيفسAécio Neves من أجل رئاسة البرازيل. في انتخابات 2018 ، أيد Malafaia الفائز النهائي جايير بولسونارو، وفقًا لإصدار مجلة فوربس لعام 2013 ، يقدر إجمالي ثروته الصافية بـ 150 مليون دولار أمريكي. يُنظر إلى Malafia على أنه محافظ ومتطرف ديني يزرع الكراهية بين الشعب البرازيلي الواحد ، وهذا طبعا ينفيه "مالافيا " في كثير من حواراته .

ويمكننا أن نحدد 4 أسباب التي أدت بالكنيسة الإنجيلية إلى انفصالها عن بوسونارو وعدم مساندته في هذه الإنتخابات اليوم، وتتجلى في:

-1كان بولسونارو قد وعد الكنيسة الإنجيلية في مرحلته الانتخابية سنة 2018 في حالة نجاحه في الانتخابات لرئاسة الجمهورية البرازيلية بأن ينقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس مثل ما فعل ترامب، لكن هذا الوعد الذي قطعه بولسونارو على نفسه لم يتم تحقيقه نظرا للضغوط الذي تعرض لها من قبل الجالية العربية والإسلامية وكذلك الشركات البرازيلية الكبرى التي تصدر منتجاتها الغذائية إلى دول الخليج والعالم الإسلامي، مما دفعه إلى التراجع عن هذا الوعد الذي أعطاه للكنيسة الإنجيلية في البرازيل

-2رجل الدين الشهير والمالك لقناة تلفزيون ريكورد والذي يشرف على الآلاف من الكنائس الإنجيلية في البرازيل وبعض الدول الإفريقية كان قد حصلت له بعض المشاكل مع الحكومة الأنغولية فيما يتعلق ببعض كنائسه هناك ، مما دفع بالقضاء الأنغولي لإصدار الحكم ضده وسحب منه جميع الكنائس التابعة له وتقديمها للمسيحيين الانجيليين هناك يتصرفون فيها كيفما شاءوا. هنا حاول الرئيس البرازيلي مساعدة صديقه التدخل لدى الدولة الأنغولية من أجل استرداد كنائسه لكن بولسونارو فشل في الأمر ولم يستطع .

-3عندما انتشر فيروس كورونا في البرازيل وتم إغلاق الكنائس والمعابد والمساجد في البرازيل، اجتمعت الكنائس الإنجيلية وقررت عدم الامتثال لأمر الإغلاق، والتجأوا إلى صديقهم الرئيس ليقف معهم حتى تظل كنائسهم مفتوحة، فحاول بكل سلطاته، لكن القرارات كانت حاسمة من المجلس الأعلى للقضاء في إغلاق جميع الأماكن التي يوجد فيها تجمعات بشرية، منها دور العبادة بدون استثناء. ففشل الرئيس البرازيلي بولسونارو في هذا الأمر مع الكنائس الانجيلية الذي وعدهم بأنه سيساندهم في جميع مصالحهم وشؤون كنائسهم .

-4كان الرئيس قد وعد اللوبي الإنجيلي في البرازيل بأنه سيحارب الانحلال الخلقي من دعارة وفساد وإجهاض وشذوذ جنسي، وغير ذلك من الانحلال الخلقي التي تعتبره الكنيسة الإنجيلية هي أمور تغضب الرب وينزل اللعنات على المجتمع ينبغي محاربتها وتنظيف المجتمع منها، وهذه الأمور كلها كذلك عجز بولسونارو في محاربتها. بل اعتبروه من بين المنغمسين فيها.

ولهذه الأمور والأسباب وعدم تحقيق وعوده الذي وعده بها في الانتخاب الكنيسة الإنجيلية بتحقيقها لم يستطع فعل أي شيء من هذا الأمور كلها ، قررت سحب الثقة منه وبأن لا تعطيه أصواتها في الانتخابات القادمة، حسب ما صرحت به في بداية الانتخابات.

لكن وحسب بعض المحللين والخبراء، فإن بولسونارو غير من استراتيجية خطابه فجعله خطابا دينيا مسيحيا عاطفيا يحارب من خلاله الإلحاد والشذوذ الجنسي والاجهاض، كما يحث في حملته الانتخابية على الزواج الشرعي وتربية الشعب على الفضيلة والأخلاق الحسنة. ويعتبر أصحاب أحزاب اليسار، منهم حزب لولا، مجموعة من الملحدين والمنحرفين يجب مسحهم من خريطة أمريكا اللاتينية.

هذا الصراع الخطير الذي احتد هذا الأسبوع بين اليساري لولا واليميني المحافظ بولسونارو، سيتم حسمه من قبل الكنيسة الإنجيلية في البرازيل؛ لأن مفتاح النجاح بيدها. ولهذا السبب قام بولسونارو بتغيير خطابه نحو بابها؛ لعله يظفر بالنجاح مرة ثانية ويتربع على كرسي الحكم في القصر الجمهوري بمدينة برازيليا.

 

 

الصادق العثماني، باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني