الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: تونس والسيادة المغتصبة

عبد السلام المساوي: تونس والسيادة المغتصبة عبد السلام المساوي
أصبح النظام التونسي مكشوف العورة بعدما اختار رئيسه قيس سعيد هدم كل تاريخ العلاقات الأخوية، الذي شيده قادة البلدين منذ عقود. فالجميع يعلم أن استقبال قيس لزعيم الإنفصال هو تحصيل حاصل لسياسة المواربة وأعمال الاستفزاز التي نهجها قيس منذ وصوله لقصر قرطاج، وظل المغرب متحكما في أعصابه وفي ردود فعله تجاه مواقف الدولة التونسية، والسبب بسيط أن المغرب لا يمكن أن يواجه دولة طريحة الأرض اقتصاديا تعيش هشاشة وعدم استقرار سياسيين .

إن الموضوع أكبر من احتفاء " رسمي " بإرهابي ومغتصب ومجرم حرب على أرض الشرفاء والمجاهدين، وهي حركة بليدة لن تهز حبة رمل واحدة في الصحراء المغربية، بل يتعلق، في عمقه، بسؤال السيادة والاستقلالية والقرار الوطني المستقل، وهي مقومات كل دولة على وجه الأرض، وإذا فرطت فيها، تحت أي مبرر، فرطت في كل شيء، وتحولت الى مستعمرة تابعة لكيانات أخرى.

ونحن ندرك تماما أن نظام الدولة المهددة بالإفلاس لم يعد يملك قراره السيادي، بل أصبح دولة مختطفة، وقراراتها رهينة لأجندة جزائرية انفصالية، والسبب الرئيس لذلك معروف لدى الجميع، وهو ينحصر - ببساطة - في أموال الغاز وتهديد تونس بالسماح للإرهابيين باجتياح حدودها، لكن هذا ليس مبررا للإستمرار في السكوت عن هذه الإساءات المتتالية، الجميع يعرف كيف كان رد المغرب تجاه الموقف الاسباني رغم أن ما قامت به اسبانيا لا يساوي جناح بعوضة مما قامت به تونس.

قضية الصحراء يا قيس يا سعييد قضية وجود بالنسبة للمغرب وهذه حقيقة فهمها يغير الكثير. وقد سبقتك للعيب دول قوية أعتى من تونس بكثير، لكنها فهمت مدى تشبث المغاربة بوحدتهم الترابية.
تسلحت يا قيس يا سعييد بأحقر الطرق والسبل، حتى ظهرت عوراتك من تحت، وفي محاولة لإخفائها (ببيانات بلهاء)، اتضحت أكثر، حتى أصبحت أضحوكة أمام شعبكم وقواه الحية، من أحزاب ونخب ومجتمع مدني ونقابات وإعلام حر . 

إن فعلتك النكراء يا قيس يا سعييد لن تسيء إلى المغرب، بل تسيء إليك في المقام الأول، لأنك بعت القضية والموقف والحياد، بحفنة دولارات، سلمت إليك من جوع وبطالة ودموع شعب آخر هو الشعب الجزائري. إنه ذل ما بعده ذل، سيخرجك صاغرا من الباب الضيق للتاريخ.

ما لا تعلمه يا قيس يا سعييد هو أنه عملت فقط على تلويث نفسك، أما المغرب فقادر على الدفاع عن وحدته الترابية، وقادر على مواجهة كل المؤامرات، فقط لأن المغرب يملك قضية عادلة أما أنت يا قيس يا سعييد فلزمك العار فقط بفعلتك الشنيعة، وأما استقبالك لابن بطوش من عدمه لا ولن يغير شيئا من القضية. 

والقضية التي عليك يا قيس يا سعييد أن تفهمها، هي أنه لا توجد قوة على وجه الأرض يمكنها أن تنتزع الصحراء من المغرب. الصحراء قضية الشعب المغربي.
أحسسنا بطعم الغدر المقيت، نعم، وشارك كل مغربي المغربي الآخر والمغربية الأخرى داخل وخارج الوطن الإحساس المقيت إياه وهو يرى ما وقع في تونس.

إن ما وقع في تونس زادنا اقتناعا بقوة طرحنا وجديته، وبأن سيرنا في الطريق السليم وتحقيقنا لكثير من المكتسبات الإيجابية في هذا الملف قد أزعج أعداءنا أكثر من القدر المعهود، ودفعهم الى المرور إلى السرعة القصوى، وتطوير أساليب الضرب تحت الحزام، واللجوء إلى الخسة لإيصال رسائلهم إلينا.

وصلت الرسالة، بل الرسائل، وردنا عليها رد جماعي بإسم المغرب كله دون استثناء: الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، ويلزمكم فعلا البحث عما هو أفضل وأقوى من الاستعانة بالأنذال والخونة ومحترفي الغدر والخسة، اذا كنتم تريدون أن تزعجوا هذا الوطن العظيم، أو أن تجعلوه يحس بأنكم حقا موجودون.
الموقف الذي يسيء إلى صاحبه فقط.