الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد شخمان: هل فقد العقل الرسمي التونسي عقله ؟!!

محمد شخمان: هل فقد العقل الرسمي التونسي عقله ؟!! محمد شخمان
تونس المستقلة كانت دائما متوازنة في علاقاتها الخارجية وسر بعض من مكانتها الدولية سياسيا وسياحيا تكمن في دبلوماسيتها الراشدة. غير انه يبدو ان الدولة اليوم قطعت أشواطا في الخسران.
أصبحت تراهن على الحصان/الكيدار الخاسر.
بشمال افريقيا توجد ثلاث دول تاريخية هي المغرب وتونس ومصر وفي فترة ما حكم الفاطميون ذوو الأصول المصرية أرضا تسمى اليوم الجزائر. لكن لم توجد أبدا لا بالتاريخ ولا بالجغرافيا ولا بالواقع دولة إسمها الجمهورية الصحراوية، تلك الشوكة التي وضعها عسكر الجزائر في خاصرة بلد الاخوة المغرب وكان الهدف إضعاف الأب الروحي وإيجاد منفذ على المحيط الأطلسي وبناء حلم الجزئر قائدة أفريقيا.
أنا متأكد أن الرئيس قيس سعيد لا يعرف أنه كانت مشاركة تونسية في المسيرة الخضراء التي بها استرد المغرب صحراءه، وأشك في أنه يعرف أن مئات المغاربة قتلوا سنة 1952 يوم تظاهروا بالدار البيضاء ضد فرنسا احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد.
الجمهورية الصحراوية الوهمية عطلت مسيرة العيش في وئام وتعاون بين دول وشعوب المنطقة المغاربية منذ نصف قرن وانا متأكد أن الرئيس قيس سعيد لا يعرف أن الفاتورة الاقتصادية للدول المغاربية بسبب إغلاق الحدود المغربية الجزائرية تساوي ناقص إثنين ( 2 ) في المائة سنويا من تنمية كل بلد على حدى بغض النظر عن ملايير الدولارات التي صرفها عسكر الجزائر سلاحا أكله الصدأ بتندوف(المغربية ) وكان العقل يقتضي بصرف تلك الدولارات على الجزائريين والصحراويين وتنمية الجزائر.
لست أدري هل يعلم الرئيس قيس سعيد أن صحراويو تندوف يسكنون الخيام والبراريك والنوايل والمخابئ الطينية وهو أمر أصبح نكتة وسبة في حق عالم الألفية الثالثة مع العلم أنه لو صرفت دينارات الترسانة التسليحية للبوليساريو لأصبح صحراويو المنطقة في نعيم.
الصحراويون بمخيمات تندوف محتجزون بالمنطقة للإتجار الدولي بمصيرهم وهي جريمة ما بعدها جريمة.
ثرى هل الفاشلون لا يجدون من حل لمشاكلهم الداخلية غير تصديرها في مناوشات خارجية.
أنا متأكد أن الرئيس قيس سعيد يعرف أن دولة تونس لا تعترف بجمهورية الوهم ومع ذلك استقبل (رئيسها) دون رؤساء بقية الدول الافريقية التي هي دول حقيقية.
غالبا استقبال رئيس دولة الوهم مؤدى عنه بلترات من البترول الجزائري خصوصا في ظل الأزمة الطاقية لتونس لكن ما لا يعرفه الرئيس قيس هو أن مادة البترول مصيرها البوار في غضون عشر سنوات.
بشمال أفريقيا وبالقارة أجمع المغرب دولة صاعدة والمتعقل في السياسة هو من يراهن على الحصان الرابح لا الحصان الخاسر.
ثرى هل تعود السياسة الخارجية التونسية لرشدها أم ستستمر في حمقها؟
ثرى في الآتي من الأيام هل سيكون قيس سعيد جزء من الحل أم جزء من الأزمة ؟
الجمهورية الصحراوية الوهمية ليست عضو بالأمم المتحدة ولا عضو بالجامعة العربية ولا بالمؤتمر الاسلامي وفي المدى المنظور سيلفظها الاتحاد الأفريقي، هي دولة عربية وحيدة من تعترف بها وبضعة دول فقيرة بأفريقيا مرتبطة بمصالح آنية مع الجزائر في الغالب الأعم، ثرى أين حكماء تونس في محيط قيس سعيد وأين استراتيجي الرئاسة ببلد عليسة وبلد كفاكم انغماسا في الحسابات الصغرى ولتكونوا كبارا فالتاريخ والمستقبل لن يرحمكم، ودعوا التجزئة جانبا وهلموا الى كلمة الوحدة والأخوة وبناء المستقبل المشترك.
شخصيا لا أنكر أن النظام المغربي ارتكب أخطاء قاتلة في ملف الصحراء، ولست متفقا على سياسة بلدي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ولكن مسؤولينا في صالوناتهم الداخلية يبررون ذلك بالمحيط الحدودي المعادي.
سيدي الرئيس قيس سعيد لنفترض أن قبيلة كبيرة بالجنوب المغربي تعداد سكانها مئة ألف نسمة ضمن أربعين مليون مغربي ظلموا. هل الحل أن تطالب بتأسيس جمهورية على ثلث من أراضي المغرب الحالية؟
سيدي الرئيس قيس سعيد. نظام بلدك نظام مدني ونظام بلد جارتك نظام عسكري. عد لدراسة الأنظمة العسكرية عبر العالم وعبر التاريخ وستجد أنه من الخطر على السيادة التونسية ألا تدعم فكرة وحدة أراضي الدول خصوصا وان الحدود الغربية لبلدك قضمت منه الجزائر ما قضمت كما فعلت مع الحدود الشرقية للمغرب.
إخواننا رجال التعقل والحداثة والديمقراطية والانفتاح والوحدة والتقدمية بالعالم العربي. نعم لخلود تضحيات الشعب الجزائري تجاه المستعمر الفرنسي، ألف وألف قداسة لشهداء الثورة الجزائرية، مليون شهيد أسطورة نضالية عالمية، لكن لا لتجزأه أراضي المغرب ولا للدوس على حقوقه التاريخية ولا لهرطقات العسكر الجزائري ونتائج سياساته الكارثية على الجزائريين وعلى دول وشعوب المنطقة.
إخواننا الجزائريون يستحقون الأحسن. يستحقون النعيم وهم في دولة بترولية غنية، وهم شعب ميزته الطيبوبة والشجاعة.
نعم لدولة جزائرية قوية شقيقة وجارة.
نعم لدولة تونسية تسترد عنفوانها الحضاري واستقرارها السياسي وتطورها الاقتصادي.
من تكون هذه الجمهورية الوهم؟
هم مجموعة صحراويون مغاربة وبعضهم جزائريون وموريتانيون محتجزون عنوة بمخيمات تفتقد للحد الأدنى للعيش الانساني.
بجمهورية الوهم النظام ليس اشتراكيا وليس قوميا وليس ليبراليا، (النظام) هناك نظام قبلي عرقي عسكري متخلف.
لا توجد ديموقراطية، لا توجد أحزاب، لا يوجد مجتمع مدني، لا توجد حريات فردية ولا جماعية، لا توجد تعددية.
أين الانتخابات النزيهة، أين حكم القانون.
أين الرفاهية؟
أين الاقتصاد ؟
أين الأرض؟
وفي النهاية أين الإنسان؟
مع احترامي لرئيس الدولة التونسية فإن استقبالك لرئيس جمهورية الوهم خارج السياق وخارج التاريخ والجغرافيا وخارج المصالح العليا الاستراتيجية لدولة تونس الشقيقة.
أقول الذي قلت أعلاه وأريد أن تعلموا أنني صحراوي ومرابطي وأجدادي من إقليم شنكيط (موريتانيا حاليا). وكنت ولا زلت مغربي أرفض أن تفرط حكومة بلدي باي شبر من الأراضي المغربية الحالية.
أنا معارض لحكومة بلدي وانتمي فكريا للفضاء الأوسع للفكر الاشتراكي ولذلك ألح بقوة على الانتماء للدولة لا للقبيلة. للوحدة لا للانفصال والباقي تفاصيل نتصارع لأجل إحقاقه، إحقاق مجتمع اشتراكي ديموقراطي يسود فيه القانون ويتمتع الفرد فيه بالحرية والحقوق ويؤدي الواجبات.