الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

طالع السعود الأطلسي: النداء الملكي لرئاسة لجزائر... أمل.. ممكن التحقق

طالع السعود الأطلسي: النداء الملكي لرئاسة لجزائر... أمل.. ممكن التحقق طالع السعود الأطلسي
بعد خطاب العرش الملكي المغربي، والذي نادى فيه جلالة الملك رئاسة الجزائر إلى تجديد أواصر الأخوة والتعاون لجعل الحدود الجغرافية بين المغرب والجزائر... جعلِها جُسور تواصل وتفاعل بينهما... ودعاها إلى التطابق مع أصالة وحرارة وصدق العلاقات بين الشعبين المغربي والجزائري... بعد ذلك الخطاب، وإلى يوم الأربعاء (حين كتابة هذا النص)، ساد، ويسود، صمت في أروقة رئاسة الجزائر، اتجاه ذلك النداء الملكي السامي، الواقعي والأخوي... ولا نأمة ولا نبسة... مجرد صمت... ولأنه صمت كيان سياسي، تعوَّد على إنتاج الكلام حول، من أجل، وفي حالات كثيرة، ضد المغرب... فهو إذن، صمت سياسي... وبنُكهة أو بدلالة إيجابية... يُستنتج منه، أنه صمت المُتأمِّل، صمت المُتمعِّن، صمت الذي أوقف تلقائية الرد، بشحنات العداء المعتادة، والباحث عن مفردات وعناصر وحتى نبرات التفاعل مع النداء الملكي...
العلاقات المغربية الجزائرية تعبُر اليوم فاصلا، بين انشدادها لوضعها الحالي وبين انعتاقها منه نحو أفق متجدد لها... أفق يستعيد المشترك من تاريخها، وينطلق منه لإنتاج المشترك لمستقبلها... وفي سياق وتأثير الأوضاع العالمية، المُشتعلة والمتحركة، العلاقات المغربية -الجزائرية، تملك كَوامن في جيناتها التاريخية، تمكنها من المناعة ضد "عواصف" الأوضاع العالمية... بل وتتيح تجميع ممكناتها، لتغدو فاعلة دولية مؤثرة وليست متأثرة...
النداء الأخوي الملكي، لا هو توَدُّد من موقع ضعف ولا هو "تحايل" من مُتباه بالقوة... هو نداء لربح المستقبل... ربح مشترك... انتصار للتاريخ المشترك... وهو نداء تكرر...في عدة خطابات ملكية عالية الرمزية... لأنه ثابت و صادر عن منظومة المفاهيم التي أنتجها جلالة الملك محمد السادس، ليقود بها المغرب... ساعيا إلى نهضته... منظومة المفاهيم تلك، هي التي صدر عنها مقترح الحكم الذاتي للحل السلمي للنزاع حول الصحراء المغربية... مقترح لتفقيس "الدمل الانفصالي" الذي نتأ من تخاميج جروح تاريخية جانبية، خلال سنوات "الجمر والرصاص " المغربية... جروح نكأتها ورعتها، فيما بعد، حسابات ليبية وجزائرية، سبعينيات القرن الماضي، و " دعمتهما" حسابات دولية أخرى، متضايقة من
المغرب... مقترح الحكم الذاتي لم يكن موجها فقط لتفقيس ذلك الدمل الإنفصالي... بل كان موجها، أساسا، لتوفير مخرج مشرف من النزاع، لكل رُعاته، وفي مقدمتهم قيادة الجزائر...تحقيقا لحل، لا غالب فيه ولا مغلوب... وقد حاز هذا المقترح السلمي، تبنيا دوليا، انعكس في تقارير مجلس الأمن، لمنظمة الأمم المتحدة...و مضامينه، اليوم، هي المرجع الأساس للتعاطي الدولي مع النزاع حول الصحراء المغربية .
في عمق الموجهات السياسية، أو منظومة المفاهيم، الملكية، التي أطلقها الملك محمد السادس، و منذ أولى سنوات عهده... تيمة المصالحة... المصالحة مع التاريخ، وعبَّرت عنها هيئة الانصاف والمصالحة... المصالحة مع الجغرافيا، وعبرت عنها المبادرات الملكية اتجاه شمال المغرب وضمنه منطقة الريف... المصالحة مع المجتمع، وعبرت عنها مدونة الأسرة، إصلاح الحقل الديني وجملة القوانين، التي طورت حقول العمل الحزبي، الإعلامي والاقتصادي... وغيرها من الحقول المجتمعية، التي تصالحت مع ذاتها أو مع محيطها أو مع جدواها المستقبلية... ومنظومة المفاهيم تلك، هي الممتدة، بطبيعة نسقها الفكري، إلى المحيط المغربي جغرافيا... إلى الجوار المباشر... والبارز فيه هو " تضاريس " الجزائر ومفاعيل قيادتها... لأن الرؤية الملكية، تتضمن التفاعل بين تجميع وتنشيط وتضامن القوى الوطنية المغربية... و بين تفاعلها مع توحيد وتنشيط فعاليات الدول والقوى المغاربية... من هنا، يكون النداء الأخوي لملك المغرب اتجاه رئاسة الجزائر، صادر من قناعة ومن تصور تاريخي، ناضج، عميق ويحرص على التفاعل بين المآلات، المغربية والمغاربية...و يحفز على علاقات تضامن و تعاون أجدى، أفضل ، أرقى وأدوم...للمغاربة و للمغاربيين .
ولعل، أو هو أملي، أن يكون ما وراء التأمل "الصامت" رئاسة الجزائر في النداء الملكي، ما يؤشر على إنضاج لتحول نوعي في توجهاتها ...وعلى انكبابها على التعاطي مع النداء الملكي بالعقل السياسي، الواقعي ، المفترض" أن يراعي فائدة كسب المغرب ، لإسناد الجزائر في تحدياتها التنموية، المتعددة و المتنوعة.. بدل مواصلة معاداته...بما يؤجج تلك المعاداة، و يِؤدي بها لأن تكون معضلة، أخرى، تفاقم معضلات جزائرية، اجتماعية، سياسية و جيوستراتيجية... المتأزمة ، أصلا، ...و الحال، أن ملك المغرب، يفتح أفقا للتعاون المغربي
الجزائري، يتيح التجند و التفاعل للتصدي لتلك المعضلات و الأزمات...و لعل رئاسة الجزائر تجيد الإصغاء للنداء الملكي و تحسن التجاوب معه...