السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

الصادق العثماني: الفقيه المسلم والعجز الكلي عن إنتاج المعرفة 

الصادق العثماني: الفقيه المسلم والعجز الكلي عن إنتاج المعرفة  الصادق العثماني
مسيرة الفكر الإسلامي-  للأسف-  توقفت عن الإنتاج والإبداع والتجديد فأصبحت عاجزة عن مسايرة مستجدات العصر وأقضيته وتطوراته، وهذا العجز ساهم بدوره في ضعف عقل الفقيه، بحيث تحول من منتج للأفكار والمعلومات  إلى مستهلك لها،  يدور معها حيث دارت، فتوقفت حركة الإستنباط والإجتهاد وأخرجت الرؤية الإسلامية من الدائرة الإنسانية العالمية إلى الدائرة الجهوية والقطرية والمذهبية الضيقة، كما تم إهمال فقه المقاصد الشرعية، فغصنا في فروع الدين وجزئياته، وتركنا جوهره ومقاصده وقيمه الإنسانية الكبرى، فحرمنا سفك دماء النمل، وأبحنا سفك دماء الإنسان ! . لهذا كان الشاطبي - رحمه الله -  صادقا ودقيقا عندما قال: الفقه بلا مقاصد فقه بلا روح، والفقيه بلا مقاصد فقيه بلا روح.. في الحقيقة ما أحوجنا اليوم  إلى مزيد من البحث في الدرس المقاصدى، لأن علم المقاصد يمكننا من خلاله تجديد الفقه الإسلامي، فبدون تجديد الفقه الإسلامي لا يمكننا أبدا مسايرة أقضية الناس ومستحدثات الأمور، علما أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، ولا يمكن تبديله بفتاوى كلاسيكية قديمة أو بتعريفات فقهية قاصرة، وعلى سبيل المثال وتماشيا مع مقاصد الدين الإسلامي،  فالمفهوم القرآني للربا يختلف اختلافا جذريا عن مفهوم الربا عند الفقهاء، ففي القرآن الكريم  هو كل قرض بعوض لفقير محتاج للصدقة، لكن عند الفقهاء كل قرض جر نفعا هكذا بإطلاق،  هنا وقعت الواقعة واختلط الحلال بالحرام عند هؤلاء، والحق بالباطل والعدل بالجور؛ بحيث أسقطوا مفهوم الربا على الفائدة،  في حين أن الربا شيء، والفائدة شيء آخر ، وعند تحقيق المناط يتضح جليا لمن كان له ذرة من فقه في الدين وبمقاصد الشرع الحنيف بأن الفوائد  البنكية اليوم ليست هي الربا القرآنية، لهذا إلى حد الآن الفقه المعاصر، أو الفقيه المعاصر إن صح التعبير عاجز تماما عن مواكبة مؤسسات البنوك وتطوراتها وتقنياتها وقواعد اشتغلالها وأهميتها الاجتماعية في الدول الوطنية الحديثة، لأنه إلى حد الآن مازال يشتغل بآلية وبقواعد وبأدوات الفقيه القديم الذي مات في القرن السادس الهجري ! .
الصادق العثماني باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني