الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: 18 ساعة كافية لينهار "صمود" شنقريحة" ومن معه!!

يوسف غريب: 18 ساعة كافية لينهار "صمود" شنقريحة" ومن معه!! يوسف غريب
"إن الدولة الإسبانية تعترف بمغربية الصحراء وتدعّم بشكل صريح مقترح الحكم الذاتي."
هكذا خرجت من فم بيدرو سانشيز بشكل رسمي بالبرلمان الإسباني قبل يومين .. ووصلت بشكل سريع إلى آذان كهنة معبد المرادية هناك بالجزائر وصفعت في الطريق وجه الجنرال شنقريحة العائد تواً من المناورة العسكرية الأخيرة بتندوف تحت شعار الصمود. لينهار بعد سماعه لهذا الموقف الواضح والجلي وخاصة كلمة الدولة الإسبانية. لتذهب كل رهاناتهم بإحداث شرخ وسط الرأي السياسي العام داخل إسبانيا. وتذهب كل الإغراءات والامتيازات التي وزعت على بعض الأحزاب اليمينية هناك.. إلى جانب استمالة بعض الصحف والأقلام وغيرها كل ذلك سقط اليوم بعد أن أعتبر بأن الموقف الإسباني موقف دولة.. وليس حكومة..
هي نهاية الوهم.. تعامل معه النظام العسكري برد فعل يكرس هويته الحقيقية كنظام عدائي بإمتياز ومهدّد للمنطقة والمحيط..
بعد ساعتين فقط من إعلان هذا الموقف الإسباني الإيجابي صدر عن الرئاسة الجزائرية تعليق التعامل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا.
كان السقف الزمني لـ (مناورة الصمود) قرب حدودنا بقيادة شنقريحة لا يتعّدّى 18 ساعة لينهار أمام التحذير شديد اللهجة الصادر عن الاتحاد الأوروبي ويضع حدّاً لهذه العنجهية الجزائرية ضد إسبانيا…
18 ساعة بين الصمود والصعود نحو الإنبطاح جعلت الخبراء وفقهاء التحليل السياسي والنخب الأكاديمية عاجزون عن فهم المنطق السياسي الذي تدار به الجزائر في علاقاتها الخارجية و الداخلية.. حتّى ان المشهد الدولي بدأ يقتنع أكثر فأكثر بكون هذا البلد الجار من خلال هذه القرارات المتسرعة والمتناقضة أيضاً كدولة قراصنة بامتياز بدليل هذه المعاهدة نفسها.. التي تحمل عنوان واحداً (نكاية في المغرب)
هي الجملة المفتاح في تعليقها اليوم.. كما في توقيعها قبل 20 سنة والتي أبرمها الإسبان مع نظام "عبد العزيز بوتفليقة" بشكل سري في أكتوبر سنة 2002، ولم تظهر إلى الوجود إلا أواخر سنة 2010 في الإعلام الإسباني، و لا يزال جزء كبير من بنودها سري إلى اليوم، لأنها وقعت بعد أن حصل الإسبان على الدعم الجزائري في أزمة "صخرة ليلى"هو إتفاق بين اليمين الإسباني آنذاك ونظام العصابة بقيادة بوتفليقة تحت غطاء الصداقة و حسن الجوار، لكنها في الأصل إنتزاع وعد جزائري للحكومات الإسبانية المتلاحقة بدعمها ومساندتها في كل الخلافات مع المغرب. والأخطر ما فيها هو ما جاء في بيان وزارة خارجية العصابة اليوم الأحد هذه الفقرة بالضبط التي تفضح بشكل مباشر بعض أسرار هذه المعاهدة..
إن تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا يستجيب لاعتبارات مشروعة، لأن الطرف الإسباني تخلى عن الإلتزامات والقيم الأساسية المنصوص عليها في المعاهدة.
فالعصابة تحمّل الطرف مسؤولية التخلّي عن الالتزامات والقيم المنصوص عليها في المعاهدة وإذا ربطنا أسباب تجميد هذه المعاهدة بسبب موقفها المؤيد لمغربية الصحراء، نستنتج بأن ما اتفق عليه بين الطرفين هو تبادل دعم بوتفليقة لأسبنة المدينتين المغربيتين وبقية الجزر مقابل دعم إسبانيا للحركة الإنفصالية بالصحراء المغربية. هذا هو المسكوت عنه.. ونستحضر خلال أزمتنا مع إسبانيا وحصار المدينتين، كيف أن العصابة إقترحت فتح ممر بحري نحو مليلية.. وكيف ان الوزير الجزائري بوقادوم صرح خلال ندوة صحفية مع "لايا غونزاليس"
ان الوزيرة الإسبانية لا يمكنها فقط الحديث باسم وزير خارجية الجزائر، بل يمكنها الحديث باسم الجزائر كاملة).. وفي نفس السياق استبعد أن يكون استقبال بن بطوش مؤطر ضمن هذه المعاهدة.
دروس التاريخ مدهشة لكنها موجعة أيضاً لهذه العصابة التي تكرر نفس الأخطاء بنفس الغباء والبلادة. فخلال عشرين سنة كانت محطّ إبتزاز واستغلال بشع من طرف إسبانيا كناية في المغرب..
هي نفس المدّة كنّا هنا في بلدنا نستثمر كل إمكانياتنا الذاتية وقدراتنا البشرية وعلى جميع الأصعدة والمستويات وفي صمت رهيب وهادئ من أجل أن نقول وبصوت مسموع..
مغرب اليوم ليس مغرب لحظة توقيع المعاهدة قبل 20 سنة. هو الجواب الوحيد على فشل العصابة..
أمّا المغرب فقد تجاوز أفقه الإقليمي نحو فضاء أوسع وأكثر استشرافا لمستقبل القارة والعالم ونحن نتحدّث عن إفريقيا الأطلسية من (كاب سبارطيل إلى رأس الرجاء الصالح) كما جاء في كلمة السيد بوريطة أثناء إفتاح المجلس الوزاري لدول المحيط الأطلسي بالرباط قبل يومين..
مضيفاً بأن الدول الإفريقية الـ 23 المطلة على المحيط الأطلسي تمثل 46 في المائة من سكان إفريقيا، وتتمركز فيها 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي، واقتصاداته تحقق 57 في المائة من التجارة القارية.هي الرباط التي لم تعد عاصمة الثقافة الأفريقية هذه السنة بل والعاصمة الأطلسية بتأسيس ومأسسة هذا الفضاء (الأفرو - أطلسي)
هو الجواب الجغرافي الذكيّ في وأد كل طموحات هواري بومدين وبامتداداته نحو جزائر أطلسية.
هي حلبة جديدة للتدافع والتسابق نحو خيرات شعوب المنطقة .. بدءا من المغرب كصلة وصل بين أوروبا مرورا بميناء الداخلة نحو رأس الرجاء الصالح بتزكية من جنوب أفريقيا الذي كان وزيرها حاضراً في الاجتماع الوزاري الأخير.. هو الفرق بين بلد يعرف كيف يصنع الأصدقاء بتقاسم المنافع والخيرات..
وبين بلد تقوده عصابة نحو العزلة والانهيار ...انتهى الكلام..