الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الدكالي: بفضل الحراك الجزائري ستحرر إرادة الشعب الجزائري ويفك إرتباطه من حكم النزوات الفردية

الدكالي: بفضل الحراك الجزائري ستحرر إرادة الشعب الجزائري ويفك إرتباطه من حكم النزوات الفردية محمد بنطلحة الدكالي
تلعب النخب دورا كبيرا في حياة مجتمعاتها، فالقرارات التي تشارك في صنعها، والسلوك الذي تنتهجه في إصدار هذه القرارات وفي تنفيذها، يؤثر تأثيرا كبيرا في صناعة تاريخ المجتمعات وتحديد مسارها.
انها كما حددها Raymond Aron تلك الأقليات الإستراتيجية التي توجد في مواقع إستراتيجية من المجتمع، وتتحكم في السلطة ليس فقط داخل مجالها الخاص، ولكن أيضا في مجال القضايا العامة.
بناء على ذلك كان من الطبيعي أن تتوافر لكل مجتمع من المجتمعات بغض النظر عن درجة نمائه وتطوره، نخبة تحظى بأهمية كبرى على مستوى قيادة الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية.
إن هذا يدعونا إلى البحث في موضوع القرار العام،لأنه من أهم الإشكالات التي أصبحت تثير إهتمامات البحث في مجال علاقة السلطة السياسية وبنية النظام السياسي.إن القرار العام قد أصبح بشكل متزايد مجالا للإكراهاات والإستراتيجيات لذلك فإن النخبة عندما نربطها بمسألة القرار العام،تبقى أساسا علاقة صراعات وإستراتيجيات، إنها تتجاوز بعدها القانوني وحتى المؤسساتي ،لتصبح شأن أشخاص تعكس ميولاتهم وتصوراتهم حول القرارات وتخدم رهاناتهم حول السياسات العامة،.
وهذا ما يتجسد فعليا على أرض الواقع في النخبة العسكرية الجزائرية صانعة القرار الجزائري والتي تدير كل الملفات الأمنية والإقليمية والدولية،  بل وتفرض وجهة نظرها على توجهات السياسة الخارجية الجزائرية وعلى رأسها الحفاظ على العداء الإستراتيجي مع المغرب، في سياق إقتصادي ريعي يعتمد على الفسادوالتهريب.
إن الأشقاء الجزائريين يدركون تماما أن المؤسسة العسكرية هي الحاكم الفعلي للبلاد، إنها دولة داخل دولة، ويطلقون على حكم الجنرالات والدولة العميقة"le pouvoir" أو "the power"وهي تجمع مؤثر من الأوساط الداخلية للنظام الحاكم، إذ إشتهرت الجزائر بأنها" الديمقراطية الخاضعة للسيطرة"أو البلد الذي يحق فيه للقوات المسلحة و"النخبةالمختارة" إتخاذ القرارات الرئيسية، بما في ذلك إختيار الرئيس نفسه
[ Daoud, Kamel.(2015,may29).the Algerian exception.The newyork Times.(accessed on 7 may,2019) Retrieved from].
لقد أضحى الجنرالات يتمتعون بإمكانية الوصول إلى مراكز المال والأعمال، ولتوطيد أركان حكمهم أتقن الجنرالات اللعب على أوتار الوطنية والقومية والحفاظ على مكتسبات القوة الضاربة ومحاربة الإرهاب ودعم حركات التحرر من طرف الجزائر قبلة الشهداء والثوريين والتصدي" لمؤامرات العدو الخارجي والحفاظ على العداء الإستراتيجي مع المغرب".
نعم إن عداء المغرب الدولة الأمة ذات التاريخ الحضاري العريق، أصبح عقيدة وإيديولوجية ثابتة، يحاول نظام الجنرالات ترسيخها في الأجيال المقبلة عبر حشرها ضمن المقررات التعليمية، ولعل اخر هرطقات هذا النظام العسكري الجزائري، هو الإدلاء عبر مقال بجريدة"Algeriepatriotique" وهي الجريدة المعروفة بقربها من الجنرالات، هو أن كل المغاربة المتواجدين حاليا في الجزائر، هم بمثابة جواسيس للمخزن والموساد الإسرائيلي،وهم بمثابة خطر على الأمن القومي، محرضة بضرورة طرد المغاربة بل وتشجيع الأشقاءالجزائريين الإنخراط في هذه الحرب" المقدسة".إن هذا التحريض الذي يدعو إلى العنف والكراهية والذي يأتي ضدا على كل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية المهاجرين وضد مبادئ القانون الدولي الإنساني،يذكرنا بما قام به "بومدين" سنة 1975حينما قام بطرد أزيد من  45 ألف أسرة مغربية من الجزائر في اطار ما أسماه ب"المسيرة السوداء".
الآن وبعد استعراضنا لما سبق ، نؤكد لجنرالات الجزائر، أن المغرب لن ينجر لحماقاتهم ، ولن نقوم بأي إجراء سلبي تجاه أشقائنا الجزائريين المتواجدين بين ظهرانينا، والذين تربطنا وإياهم رابطة العرق واللغة والدين والدم والتاريخ المشترك، وأن لنا كامل الأمل والثقة في الحراك الجزائري المبارك، والذي بفضله ستحرر إرادة الشعب الجزائري المغلوب على أمره وفك الإرتباط من حكم النزوات الفردية..هذا الحراك الذي يحاول أن يرسم أهدافه مستقبلا من أجل بلورة رأي عام ينتصر للديمقراطية وللفكر المغاربي، وفي إنتاج خطاب يحيي الأمل في الإنتقال من نمط مركزية القرار، إلى قرار تداولي...إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب!!؟
محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية رئيس المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء جامعة  القاضي عياض مراكش