على خلفية تقرير لمجلس المنافسة كشف فيه عن جشع وتهافت مختبرات التحليلات أثناء وباء كورونا، وأدى تهافتها إلى غلاء أسعار الفحوصات.. اتصلت "أنفاس بريس" بالدكتور رضوان زهرو أستاذ الاقتصاد من أجل قراءة للظاهرة وكيف يمكن الحد منها خاصة بعدما تم الإعلان عن أول حالة الإصابة بفيروس جدري" القردة" في المغرب؟ فاعد زهرو الورقة التالية :
أعتقد أن " فيه حاجة غلط" في منظومة السوق والتجارة، وخاصة التجارة المرتبطة بصحة الإنسان وحياة الإنسان، حيث أصبحت تتراجع في هذه السوق، قيم الأخلاق والتضامن والتكافل والتآزر والتعاون والإيثار لدى أغلب المغاربة، عكس ما يقال ويشاع باستمرار؛ فالحقيقة غير ذلك تماما؛ الحقيقة التي لا نريد أن نعرفها ونواجهها.
لقد أصبح الإنسان المغربي حقيقة اليوم في بلادنا عرضة للاستغلال القبيح والجشع والبشع من طرف أخيه "الإنسان" أكان هذا "الإنسان " منتجا أو موزعا أو بائعا: وحتى في أحلك الظروف وأشد المناسبات؛ فالأسعار ملتهبة في كل شيء ؛ في المحروقات ومواد الطاقة، في الغذاء، و الدواء ؛ و الغريب ألا جهة تتدخل لتصحيح هذا الوضع؛ الكل يتفرج وينتظر، بالرغم من وجود حكومة تقول عن نفسها "اجتماعية" ووجود إدارات وقوانين ومؤسسات للنظامة والمراقبة والتقنين؛ وهو ما قد يؤدي لا قدر الله إذا ما استمر هذا الصمت، وهذه الإنتظارية القاتلة إلى نوع من التذمر لدى أوساط واسعة من المغاربة خاصة أولئك ذوي القدرة الشرائية الضعيفة.
في هذا السياق، دراسة جديدة لمجلس المنافسة حول مختبرات التحليلات أثناء تفشي الوباء، تؤكد بوضوح هوامش الربح الكبيرة جدا التي حققتها المختبرات الخاصة في زمن الكورونا، تختلف هذه الهوامش باختلاف حجم المختبرات ونوع الفحوصات وذلك رغم تسقيف الأسعار من طرف الدولة. والأسباب لا شك متعددة، لكن يمكن أن نعرض بعضها:
1-تأخر الدولة في تسقيف أسعار الفحوصات، مع عدم احترام هذا التسقيف من طرف جل المختبرات،
2- ضعف وأحيانا غياب آلية مراقبة صارمة لتلك الأسعار من طرف السلطات الوصية،
3-عند بلوغ الوباء مرحلة الذروة واكب ذلك ارتفاع قوي في الطلب،وبالتالي في أسعار الفحوصات؛ وهو الطلب الذي ظل مدعوما
ولا يزال إلى اليوم، بآلة إعلانية ودعائية وطنية ودولية، جهنمية وهجومية تحث على إجراء الفحوصات للتأكد من احتمال الإصابة بالعدوى.
4- وفي ظل تحسن مستمر للظرفية الوبائية تم تخفيف الإجراءات الاحترازية وفتح الحدود واستئناف الأنشطة الاقتصادية والمجتمعية، وهو ما فرض إلزامية الإدلاء بنتيجة الفحص (السالب )عند السفر من وإلى الخارج، برا وجوا وبحرا ؛ وقد ساهم ذلك في ارتفاع الطلب على إجراء الفحوصات وبأي ثمن كانت.
5-ضعف الأمن الصحي والدوائي، وكذلك ضعف المنظومة الصحية العامة في بلادنا، فتح شهية القطاع الخاص، مصحات ومختبرات، وفي ظل سوق مربحة جدا للفحص والتطبيب، لمراكمة الأرباح والإغتناء السريع ولو على حساب المرضى والمصابين من الفقراء والمحتاجين.
6-قلة الأطر والموارد البشرية والمادية والكواشف الطبية والمستلزمات الصحية، كل ذلك ساهم في ارتفاع الأسعار وجني الأرباح.
7- ضعف الإبتكار والبحث العلمي المرتبط بالصناعة الدوائية وبصناعة اللقاحات والكواشف المختبرية ..
وهكذا ففي زمن الأمراض والأوبئة، لا شك ان ذلك سيؤدى إلى مزيد التضخم في قطاع حيوي بامتياز؛ هو قطاع الصحة.