الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

زينب الصفا:الباشلور وحديث الفرنكوفونية .. مجرد تساؤل!؟

زينب  الصفا:الباشلور وحديث الفرنكوفونية .. مجرد تساؤل!؟ زينب الصفا
يتساءل الوسط الجامعي بانتظام عن سبب التخلي عن نظام "الباشلور" الذي أقيمت الدنيا ولم تقعد من أجله قصد تبنيه، بعد سلسلة من الجولات الجهوية والزيارات الميدانية والنقاشات الحادة مع مختلف المتدخلين في الشأن الجامعي، إلى حين اعتماده في البرنامج الحكومي 2021-2026.
فبعد بدء العمل به لبضعة أسابيع في 10 جامعات من أصل الـ12 التي تزخر بها بلادنا وتسجيل الآلاف من الطلاب الذين استهواهم هذا النمط الجديد من التكوين في مسالك وشعب، بعض منها مخالفة لما اعتدنا سماعه ورؤيته، جاء بنا وزير ليطمس ملامح ومعالم هذا السلك برمته وهو الوزير نفسه الذي زكاه أثناء التداول فيه عندما كان يترأس جامعة القاضي عياض بمراكش.
على أي أساس وما هو سنده في ذلك؟
لله العلم وحده.
اللغط الذي رافق هذا التراجع "المفاجئ" الذي يضرب في صلب مبدأ استمرارية مؤسسات الدولة ويفقد ثقة الشباب فيما يزج لهم من وعود تهم مستقبلهم ذهب بالبعض من الأساتذة والنقابيين الذين واكبوا تنزيل نظام "الباشلور" وشاركوا في ورشات تهمه في أفق اعتماده إلى نعت اللوبي الفرنكوفوني، الذي يجسده ميراوي بحكم تدرجه لسنوات بالجامعات الفرنسية وترأسه سابقا للوكالة الجامعية الفرنكوفونية، وتحميله مسؤولية ذلك والذي لا ينوي يوما التخلي على مكتسباته الثقافية التي راكمها منذ عقود.
عندما نستحضر خطاب "البيكيني" الذي ألقاه الوزير ميراوي، الحامل للجنسية الفرنسية باعتزاز، أمام حضور كبير من النساء بمناسبة عيد المرأة واعترافه نفسه أنه وبعد رجوعه من فرنسا إلى المغرب سنة 2011 (ثم عودته إليها سنة 2019 إلى حين تعيينه وزيرا) نسي كيف يتدبر المغاربة شؤونهم، بتنكر يثير علامات استفهام وجيهة، وكيف أنه صدم لما طلبت منه إحدى الأستاذات تخصيص حيز زمني للنساء للاستفادة من مسبح الجامعة وكيف ربط بين تحرر المرأة وقدرتها على ارتداء "البيكيني" أمام الملأ، نتساءل هنا هل لمثل هذه الخطابات "المميعة" مكان وسط الحرم الجامعي وهل بإمكانها أن تفرض على نساء التعليم توجها غير الذي عهده المغرب والمغاربة والذي يقبل فوق أراضيه بكل خصوصيات أفراده دون التدخل فيها.
سبب استحضار هذه النازلة أو الزلة في موضوع "الباشلور" هو هل امتلاك جنسية أخرى غير المغربية يضعف من ولائك لبلدك الأصل ولأبناء جلدتك على حساب قيم أخرى لا علاقة لها بمجتمعنا وخصوصياته المتعددة وأولوياتنا التربوية المحسومة في قانون-إطار (الذي تم التغاضي عنه بالمناسبة جهرا خلال الولاية الحكومية الحالية) والتي هي حتما غير تلك التي تهم أوطانا ودولا أخرى.
عديد من الدول المتقدمة وحتى في منطقتنا المغاربية تمنع على مزدوجي الجنسية التقدم إلى مناصب عمومية عليا لتفادي تضارب المصالح.
مثال حديثنا هذا هو كيف اعتبر التونسيون رئيس حكومتهم يوسف الشاهد "الخائن" لما انكشفت جنسيته الفرنسية وكيف تمت إقالة وزير الجالية الجزائري سمير شعابنة بعد 3 أيام من تنصيبه بعد رفضه التخلي عن الجنسية الفرنسية وحتى في فرنسا نفسها حيث اتهم فريدريك ميتران وزير الثقافة السابق بالتساهل مع نظام بنعلي لتوفره على الجنسية التونسية.
ازدواجية الجنسية في السياسية هو أمر غير مقبول في أعراف عدد من الدول بل ومدونة في قوانين كثير منها لتفادي ازدواجية الخطاب والمصالح.
بغض الطرف على ذلك، هل النسخ بلا ملائمة لما تقوم على أسسه دول أخرى في نموذجها التربوي هو فعلا ما سيحقق نهضتنا المرجوة، علما أن النموذج الفرنسي نفسه صار في اتجاه الملائمة مع نماذج تربوية أخرى، الأنكلوسكسونية على وجه التحديد وحتى الاسكندنافية والآسيوية.
غريب أمرنا.
 
زينب  الصفا، باحثة في سلك الدكتوراه