الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: جماعة العدل والإحسان والطلبة..اللعبة القذرة

عبد السلام المساوي: جماعة العدل والإحسان والطلبة..اللعبة القذرة عبد السلام المساوي
يمكننا اليوم أن نعود الى الماضي، وأن نفتح كتاب الذكريات، وأن نشرع في تأنيب البعض ولوم البعض الثاني وعتاب البعض الثالث على تلك الموجة من التساهل التي عمت كليات المغرب وجامعاته ذات تسعينيات، من أجل تسهيل المأمورية على " العدل والاحسان "، لكي تلقي القبض على مختلف المواقع الجامعية، ولكي تعلن دولة القومة او الخلافة على منهاج النبوة في الحرم الجامعي قسرا وعبر السيوف والاعتداءات والغزوات المنظمة بعناية والمحروسة بعين لا تنام .
يمكننا أن نقلب المواجع على بعضنا البعض وأن نطرح السؤال: من كان يهمه في تلك السنوات التي تبدو بعيدة الآن أن يمحو تماما أثر الفكر العقلاني اليساري العلماني التنويري من الجامعة، وأن يؤذن في الناس بفكر وعلم جديد يقوم على إدخال الخرافات إلى الجامعات وحشو أذهان الطلبة بكتب الفقه المتطرفة القادمة من الحجاز، والتي يريد هذا الحجاز بنفسه اليوم التخلص منها ومن آثارها المدمرة؟
يمكننا أن نفعل ذلك، ولن يلومنا أحد، لن يلومنا لا من عاشوا التجربة وبقوا على قيد الحياة، ولا حتى من رحلوا خلالها أو لكي نكون دقيقين أكثر من قتلوا حينها على يد جماعة " العدل والاحسان "، وأبرزهم الشهيد بنعيسى آيت الجيد، الذي لا زال دمه معلقا بين قبائل تقول " إنه شهيدنا ويجب أن نثأر له "، وبين قبيلة تصرخ في وجوههم بكل وقاحة وهي تدافع عن المتهم بقتله " لن نسلم لكم أخانا ".
لن يلومنا أحد إذا ما فعلنا ذلك، والأمانة سيكون سهلا أن نقوم بذلك وأن نمضي . لكن الإشكال لن يحل، والقضية لن تجد طريقها لأي نهاية ..أصعب منها أن نعود الى الحاضر وأن نحل إشكاله المطروح علينا اليوم .
الجماعة التي أصبحت بعد كل سنوات العنف والقتل التي مارستها في الجامعات تقول إنها مؤمنة بالسلمية وغير مقتنعة بالسرية، وأنها تنوي فقط تربية الأجيال المسلمة بكل هدوء وأنها تمد يدها لكل الفضلاء الديموقراطيين لكي يبنوا معها المجتمع الفاضل الذي تسعى إليه وهي تترحم على مرشدها الذي صنع لها فكرة أو وهم التجمع عبد السلام ياسين، (هاته الجماعة) لم تعد قائمة ...
اليوم ألجماعة الموجودة على الأرض تطالب بحقها في أن تحول منازل أعضائها إلى أماكن اجتماعات كبرى سرية، وفي حال قال القانون " لا " صرخت بالتشميع والظلم وسايرها الحربائيون في التباري على ما لا نعرفه من مصالح ومسارات ...
اليوم ألجماعة التي كانت تقول إنها تريد الهدوء في المغرب وتعرف معنى الأمن والأمان، تسطو على كل الحركات الاحتجاجية، من أكثرها عدلا وشرعية الى أكثرها إبداعا في اللامعقول لكي تقول لمن يريد سماعها " أنا سأصب زيتي على أي جمرة نار إشتعلت في أي مكان، لأنني فهمت أن هذه هي الطريقة الوحيدة لكي أنال نصيبي من القسمة " .
الجماعة، التي كانت تقول انها تريد التربية فقط، تريد اليوم بالعربية الواضحة، ومنذ هبت رياح ذلك الربيع المضحك على العقول الخريفية أن تكون لها الغلبة، وأن يكون الأمر لمن يقودونها.
اليوم تبين للمغاربة أن الجماعة تضمر لهم شرا كبيرا، شرا مغلفا بعديد الأقنعة وأوجه التزييف ..
إن معضلة الأمة الاسلامية تكمن في خضوعها الطوعي لوصاية الفقهاء والشيوخ والدعاة على عقولها وقلوبها، أي رضيت لنفسها أن تتنازل عن عقلها وتقبل بأن يفكر الشيخ والفقيه نيابة عنها. فهي تسلم بكل ما يقوله الدعاة والشيوخ باسم الدين وترفض إخضاعه للنقد والمراجعة.
والعيب ليس في الأمة ولكن في الأنظمة السياسية التي حكمتها طيلة 14 قرنا الماضية ، والتي حاربت العقل والمنطق والفلسفة ومكنت الفقهاء والشيوخ من عقول وضمائر الناس، حيث يفضل الشخص استفتاء الفقيه بدل الطبيب .
وشاءت الظروف أن تمتد موجة السلفنة والأخونة لتغزو المغرب وتشغل المواطنين بفتاوى السخافة والشذوذ.
لقد شغل ويشغل هؤلاء الشيوخ والدعاة المواطنين بقضايا سخيفة وتافهة بدل الاهتمام بقيم المواطنة التي تفيد في بناء مواطن سوي متشبع بقيم المواطنة، ويساهم في البناء والتنمية.