السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

عبد الرحيم شراد: الثنائي "قَرْزَزْ" و "مَحْرَاشْ" هما من وثقا أصل قصة أغنية "اشْعَيْبَةْ يَا وْ لِيدِي"

عبد الرحيم شراد: الثنائي "قَرْزَزْ" و "مَحْرَاشْ" هما من وثقا أصل قصة أغنية "اشْعَيْبَةْ يَا وْ لِيدِي" الثنائي قرزز و محراش بجانب عبد الرحيم شراد

"أشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي وَفَاشْ دَازَتْ أَيَّامَكْ؟"

يحاول البعض أن ينسب هذه الأغنية الشعبية إلى فاطنة بنت الحسين، ويربطها بجريمة وقعت بمدينة الجديدة سنة 1976. (مختصر الجريمة، هو أن جزارا إسمه بنعيسى قتل خليلته في ليلة خمرية وحتى يتخلص من الجثة فقد قام بتقطيعها إلى أطراف و ألقى بها في أماكن مختلفة من المدينة) .

 

الحقيقة أن هذه الجريمة لا علاقة لها بموضوع الأغنية على الإطلاق، فالأغنية كنا نسمعها و نردد لازمتها في مدينة الدار البيضاء ونحن أطفال. كنا نسمعها على أسطوانة بأداء الثنائي الشعبي "قَرْزَزْ" و "مَحْرَاشْ" (انظر الصورة رفقته، قَرْزَزْ بآلة الوتار ومَحْرَاشْ يحمل الطَّارَةْ).

 

إن الخبر الشائع بيننا في ذلك الوقت هو أن "اشْعَيْبَةْ" قدم من منطقة سيدي بنور واشتغل تاجرا في الحبوب والقطاني، غير أن هذه التجارة كانت مجرد تمويه، لأن "اشْعَيْبَةْ" في حقيقته كان تاجر مخدرات (الكيف)، ولا أحد يعلم بذلك. أما السبب في افتضاح سره فهو خليلته "رَبِيعَةْ" التي كان قد وعدها أن يشتري لها هدية، عبارة عن حذاء وساعة يدوية، لكن "اشْعَيْبَةْ" خلف وعده. وأخذت الشكوك والظنون تساور جارته "رَبْيعَةْ". خصوصا أنه اشترى سيارة جديدة، ومعاملته لخليلته "رَبِيعَةْ" عرفت بعض الفتور والجفاء، مما دفعها إلى أن تخبر الشرطة وتدلهم على المكان الذي يخفي فيه "اشْعَيْبَةْ" المخدرات.

سيتم إلقاء القبض على "اشْعَيْبَةْ" ومحاكمته، وسينتشر الخبر الذي سيحوله الثنائي (قَرْزَزْ و مَحْرَاشْ) إلى موضوع أغنية شعبية تقول كلماتها على لسان أم "اشْعَيْبَةْ" التي جاءت من سيدي بنور تسأل عن الذي حدث. نبرة الأغنية فيها الكثير من النواح الصادر عن أم مكلومة، تحت تأثير الصدمة حيث تقول كلمات الغإنية:

 

"اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي فَاشْ دَازَتْ أَيَّامَكْ؟ (وهي لازمة تتكرر في الغناء كل مرة). اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي سْبَابْ اَلْبِيعَةْ (أي الوشاية) جِيرَانَكْ. اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي الْأوْلَى فِي لَمْصَايَبْ رَا أَنْتَ وُ الطُّومُوبِيلْ. رَا الطُّومُوبِيلْ جْدِيدَةْ هِيَ سْبَابْ لَكْسِيدَةْ. اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي مَلِّي ادَّاوْكْ لَّاكَابْ. شْكُونْ اَلِّلي كَانْ سْبَابْ. اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي رَا رَبِيعَةْ فَكْعَانَةْ عْلَى الصُّبَّاطْ وُ اَلْمَكَانَةْ. اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي مَلِّي دَخْلَتْ رَبِيعَةْ هِيَّ عْلَاشْ جَاتَكْ اَلْبِيعَةْ. اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي مْنِينْ جَاوْكْ لِلدَّارْ (أي الشرطة)، جَبْرِو اَلْكِيفْ مْعَ لَابْيِيغْ La bière.. . اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي رَا لَكْبِيدَةْ مَجْرُوحَةْ.  عْلَى سْبَابْ اَللُّوْحَةْ (أي أنه دخل السجن). اشْعَيْبَةْ يَا حْبِيبِي خَلِّيتِينِي و مْشِيتِي. اشْعَيْبَةْ يَا حْبِيبِي شْحَالْ بْكِيتِي...)

 

هكذا سيقضي "اشْعَيْبَةْ" عقوبته الحبسية، وسيخرج من السجن (هذا ما سمعناه في طفولتنا) ليجد شهرته على كل لسان بسبب الأغنية، وسيقيم حفلا في منزله يستدعي له رباعة من الشيخات سيطلب منهن أن يسمعنه أغنية "اشْعَيْبَةْ يَا وْلِيدِي". بعد هذا سيتم إضافة بعض الكلام لأغنية "اشْعَيْبَةْ" لكن لا علاقة له بالموضوع، مثل "مَلِّي هَزُّوكْ لِلْعَاذَرْ (أي سجن الجديدة) عْلَى سْبَابْ بُو لَبَّادَرْ (نوع من الخمر الرخيص Chaud Soleil) و الحقيقة أن "اشْعَيْبَةْ" قضى عقوبته السجنية بالسجن المدني بالدار البيضاء "اغْبِيْلَةْ" ولم يسجن أصلا بسبب الخمر و إنما بسبب الإتجار في القنب الهندي (أي الكيف).