السبت 18 مايو 2024
اقتصاد

جمال العسري: قوة لوبي المحروقات هي من  تقف ضد تأميم  مركب " سامير " 

 
 
جمال العسري: قوة لوبي المحروقات هي من  تقف ضد تأميم  مركب " سامير "  جمال العسري عضو المكتب السياسي  للحزب الاشتراكي الموحد
أمام الإرتفاع الفاحش الذي تشهده أسعار المحروقات  في المغرب، إتصلت " أنفاس بريس" بجمال العسري عضو المكتب السياسي  للحزب الاشتراكي الموحد، وطلبت وجهة نظره حول السكوت غير المفهوم للحكومة إزاء هذ الأمر ؟ وأسباب عدم تدخلها لإيجاد حل لهذه الوضعية، على غرار ما سبق أن قامت به في أزمة جائحة كورونا، فأعد العسري  القراءة التالية:
 
يستقبل المواطن المغربي ، هذا الشهر الفضيل و هو بين المطرقة و السندان ، بين مطرقة الإرتفاع المتواصل للأسعار و على رأسها الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات ، التي وصلت أرقاما قياسية و غير مسبوقة، حيث تجاوزت الزيادات نسبة 100% ، و بين سندان عجز الحكومة أو إكتفائها بالمشاهدة و رفع أكف الدعاء للعلي القدير و هو ما صرح به الناطق الرسمي للحكومة قائلا بأن باب السماء مفتوح لنا للدعاء !!! 
وهنا يطرح السؤال المركزي  أو السؤال المحير : أمام الإرتفاع الفاحش  لأسعار المحروقات   في المغرب هذه الأيام ، لماذا تبقى الدولة في موقف المتفرج ؟؟ و لماذا لم تتدخل الحكومة لإيجاد حل لهذه الوضعية على غرار ما سبق ان قامت به في  جائحة كورونا  حيث خصصت لها دعما  كبيرا من حيث الدواء والكمامة والتلقيح ؟؟ وأنت تبحث عن جواب لسؤال عجز الحكومة وموقفها المتفرج ، لابد من وضع أهم عنصر للجواب نصب عينيك و يتمثل هذا العنصر في لوبي المحروقات ، و ما أدراك ما لوبي المحروقات ، المستفيد الأكبر من هذا الإرتفاع غير المسبوق ، وسيكون من الحمق الإستهانة بهذا اللوبي الذي استطاع قبل بضعةأشهر إسقاط حكم مؤسسة دستورية ، أوعلى الأقل تجميده ، بل و الرمي برئيس هذه المؤسسة إلى الخارج ، و نعني بالذكر هنا مؤسسة مجلس المنافسة و قرارها الشهير بخصوص شركات المحروقات ، وما نتج عنه من قرارات إثر التدخل الملكي و تشكيل لجنة لمراجعة قرار مجلس المنافسة وهي اللجنة التي لازال المتابعون ينتظرون خروج قرارها المشكوك في خروجه
وإذا أضفنا لعامل قوة لوبي المحروقات ، عامل لا يقل أهمية عنه هو رئاسة الحكومة من قبل " أخنوش " صاحب إحدى أكبرشركات المحروقات بالمغرب ، إن لم نقل أكبرها هنا يمكن للمتابع أن يفهم أكثر سبب إتخاذ الحكومة لموقف المتفرج من هذا الإرتفاع الفاحش لأسعار المحروقات ، ويفهم أكثر هذا التأجيل لجلسة برلمانية كان المفروض أن تناقش غلاء المعيشة وإرتفاع الأسعار بالمغرب ، إرتفاع من عوامله إرتفاع ثمن المحروقات ، بل ويفهم أكثرهذا الصمت الطويل للجنة التي عينها الملك لمراجعة قرار مجلس المنافسة في أرباح شركات المحروقات . وهنا من حق المواطن البسيط أن يربط بين نار الغلاء الذي يكتوي به و بين الملايير التي تجنيها هذه الشركات - شركات المحروقات - من هذا الإرتفاع ، حيث يؤكد العديد من الإقتصاديين المختصين بقطاع المحروقات أن أرباح هذه الشركات تجاوزت ال 45 مليار !!!
قد يقول قائل أن الحكومة قامت بواجبها و ما يمكنها القيام به ، من خلال دعمها لقطاع النقل بمختلف فئاته ( سيارات الأجرة ، حافلات النقل العمومي و الحضري ، شاحنات النقل ... ) و هنا ننتقل للمشتغلين بهذا القطاع ، لنفاجأ بأصوات إحتجاجاتهم ، خاصة وأن هذا الدعم حسب هؤلاء أعطي لمن لا يستحق الدعم ، فبدل أن يسلم للسائقين ،الذين يتعاملون مباشرة مع المحروقات ، منح الدعم لأصحاب المأذونيات / الگريمات ، وأغلبهم لا يشتغل بالقطاع بل يكتفي بكراء مأذونية / الگريمة ، لأشخاص آخرين ، وهكذا بدل أن يستفيد العامل ، استفاد " الپاطرون " ، هذا يقع في ظل حكومة يقال عنها أنها حكومة الپاطرونا . 
يحاول المدافعون عن هذه الحكومة تبرير هذا الإرتفاع بما يقع في الأسواق العالمية من إرتفاع سببته الحرب الروسية الأوكرانية ، و يبررون ذلك بأن المغرب واقع تحت تأثير هذه الحرب كغيره من دول العالم . لكن قولهم مردود عليهم ،فجل حكومات العالم أبدعت حلولا إبداعية و مبتكرة للحفاظ على القدرة الشرائية لمواطنيها ، و في المقابل غاب عن حكومة الپاطرونا الإبداع والإبتكار ، و احتمت بالقضاء و القدر ، و رفع أكف الدعاء للسماء ، في الوقت الذي كان بإمكانها ، إبداع العديد من الحلول من بينها التدخل لدعم المحروقات ، تسقيف أرباح شركات المحروقات ،التراجع عن فتح سوق المحروقات و العودة لما كان عليه السوق سابقا ، بل كان ولازال بإمكانها تأميم مركب المحمدية ، مركب " لاسامير " و التراجع عنقرار خوصصته الذي أثبتت الأيام كم كان خاطئا قرار الخوصصة ، فاليوم جل المتابعين و المهتمين و المختصين يطالبون بضرورة تدخل الدولة لتعيد لاسامير للعمل ، وإستغلال خزاناتها لتخزين حاجيات المغرب خاصة وأن المستقبل الطاقي لا يبشر بخير في ظل إستمرار الحرب الروسية الأوكرانية ، ورفض دول الخليج ووراءها دول الأوپيك التدخل برفع الإنتاج لتعويض الإنتاج الروسي ... 
قد نقول جميعا غريب أمر هذه الحكومة ، ولكن بمجرد الوقوف عند قوة لوبي المحروقات ، تزول الغرابة ،و قد نصدم بموقف المتفرج للحكومة ،ولكن بمجرد معرفة أن رئيس الحكومة هو صاحب أكبر شركة للمحروقات بالمغرب تزول الصدمة ، قد نتساءل ما بال الحكومة لا تتدخل لإعادة لاسامير للعمل لكن التساؤل سيزول و أنت تسمع الملايير التي يجنيها لوبي المحروقات في غياب سامير . 
وما علينا إلا أن نرفع للسماء أكف الدعاء ، كما يفعل الناطق الرسمي باسم الحكومة ، فقط دعائنا لن يكون هو دعاؤه