ذهبت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، خلود السباعي، في قراءتها لظاهرة العنف والشغب في الملاعب الرياضية، التي تقف وراءها مجموعات المشجعين، إلى أن أسباب انتماء الشباب والأطفال إلى "الألتراس" ترجع بالأساس إلى قلة الاهتمام بأوقات الفراغ لدى هذه الشريحة من المجتمع، وندرة البنيات التحتية الرياضية وفضاءات الترفيه في الأحياء الشعبية بمعظم المدن المغربية.
وسجلت السباعي غياب الفضاءات الرياضية التي تتيح للشباب فرص التأطير والتنشيط والتكوين ،حسب ميولاتهم وهواياتهم، وقالت إن المدرسة أصبحت "طاردة للشباب بما أدى إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي"، مبرزة أن العنف المدرسي يؤشر على أن المدرسة لم تحتضن التلاميذ نظرا لأن بيداغوجية التعليم تقليدية وقديمة تنفر من المعرفة ولا تحفز على الإقبال على الدراسة.
وأضافت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن غياب برامج عمومية في الأحياء السكنية خاصة بالأطفال والشباب لتفريغ الطاقات الزائدة، يدفع الشباب لممارسة "العنف"، وأكدت أن الجماعات التي تنتظم في وحدة "الألتراس"، تتشبع بالولاء المطلق لهذه الوحدة الاجتماعية، كما أبرزت السباعي، أن هذا الولاء يعبر عن "الحاجة النفسية للأشخاص في فترة المراهقة إلى الولاء للرفاق"، وزادت موضحة أن هذا الولاء التنظيمي"عندما يكون غير مؤطر ولا يخضع لقواعد تربوية، ينفجر على شكل نزوعات متعصبة" ، وفق تعبيرها.
ومضت السباعي، في حديثها عن ظاهرة العنف وشغب الملاعب، مؤكدة أن سيكولوجية الحشود تحضر بشكل جلي في هذه الظاهرة، لأن "فترة المراهقة يميل خلالها المراهق إلى الرفاق لكي يذوب في الجماعة التي ينتمي إليها، فسيكولوجية الجماعة تتميز بالإنفعال وتكمن خطورتها في ارتفاع منسوب العدوانية".
وأشارت السباعي إلى أنه حينما ينتمي الفرد للجماعة "المنفعلة" يخضع بشكل مطلق للانفعالات الجماعية التي اعتبرتها بمثابة "قنبلة" يصعب التنبؤ بموعد "انفجارها"، كما يصعب التكهن بحجم النتائج السلبية التي يمكن أن تترتب عن أشكال العنف المتحملة في أقصى مستوياتها، كما أبرزت أن جماهير كرة القدم في الملاعب المغربية تشكل فئة الشبان المراهقين والشباب "الشريحة الأكبر منها"، معتبرة أن هذا العامل "يضاعف خطورة الحالات الانفعالية، لدى هذه الفئة العمرية التي لا يدرك عواقب الأفعال التي يقوم بها، كما أن قدراته العقلية تبقى محدودة وغير كافية لاحتساب نتائج التصرفات والسلوكات المختلفة".
لكن مع ذلك، تعتقد الباحثة والأكاديمية المغربية أن الولاء لـ"الألتراس" يحتاج إليه المراهق ليحقق الشعور بالإنتماء، مشيرة أن الجانب السلبي في العملية يكمن في "الكيفية التي يتم بها التعبير عن الولاء المكتسب"، كما عبرت عن رفضها لتحميل المسؤولية للأطفال اليافعين والشبان المراهقين وإنما "المسؤولون عنهم من الآباء والأطر التربوية والسياسة العمومية بصفة عامة"، والذين حملتهم مسؤولية عدم تلقين هذه الشريحة "كيف تحقق الولاء لجماعة الانتماء من دون تعصب وعدوانية للطرف الآخر".