الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: القمة العربية بالجزائر بشروط مغربية تؤكد على أن القمة مسؤولية وليست إمتيازاً

يوسف غريب: القمة العربية بالجزائر بشروط مغربية تؤكد على أن القمة مسؤولية وليست إمتيازاً يوسف غريب
قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة في كلمته خلال الدورة 157 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية صبيحة هذا اليوم بالقاهرة :
( إن القمة العربية مسؤولية وليست إمتيازا، وينبغي أن تقدم قيمة مضافة وأن لا تكون مجرد رافعة لغرض ما) ، داعيا إلى الإعداد لها بشكل جيد ليس فقط من حيث المواضيع والعناوين ولكن خصوصا وفق دفتر تحملات واضح.) 
هي كلمة مشفّرة.. لكن بلغة الدبلوماسية واضحة ومباشرة تخاطب النظام الجزائري الذي حاول بكل الوسائل والأساليب بما في ذلك الترغيب والتوسل لدى أغلبية قادات الدول العربية من أجل إقرار القمة العربية بالجزائر كإمتياز يضفي شرعية على نظامها المرفوض والمنبوذ داخليّاً وخارجيّاً.. 
ولأنّ هذا النظام فاقد للمصداقيّة والثقة أيضاً لدى الجميع ،فهو ما جعل وزيرنا في الخارجية يؤكد على أهمية تحديد عناوين ومواضيع القمّة.. وفق دفتر تحمّلات مضبوطة ومحدّدة سلفاً.. 
وتكفي هذه الإشارة وحدها لكي  تدفع الوزير لعمامرة إلى الإحتجاج والإنسحاب من الإجتماع لوكان لديه عزة نفس وذرة شرف.. لأن الحديث عن دفتر تحمّلات لمواضيع القمة تعني بكل بساطة ان الجزائر غير مؤتمنة وقد تجر القمة إلى مواضيع وعناوين وتصريحات تتناقض ومواقف الدول العربية.
لكنه لم ينسحب.. لأن الهدف هوعقد القمة كإمتياز وليس كمسؤولية.. 
وبالرغم من ذلك لم يوافق المغرب على قرار إنعقاد القمة المقبلة إلا بعد أن سيّج أسوار هذه القمّة ونوافذها وممراتها عن ألاعيب النظام الجزائري..
أكثر من ذلك أرغم هذا النظام على الموافقة لكل الشروط المغربية من بينها قرار إدانة تدخلات النظام الإيراني وحليفه "حزب الله" في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية و خاصة ما يتعلق بتسليح وتدريب عناصر إنفصالية تهدد وحدة المغرب الترابية وأمنه وإستقراره.. 
إضافة  إلى  إعداد ملحق بالخطة الشاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية"، يركز على البعد الحقوقي والقانوني والإنساني في التصدي لعملية تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة 
بهذين القرارين يكون النظام الجزائري قد أدان نفسه بنفسه بحيث يعتبر البلد الحاضن لهذه الجماعة الإنفصالية والداعمة.. 
وبهذين القرارين تكون جميع الدول العربية قد تجاوزت  مسألة الإعتراف بمغربية الصحراء نحو التضامن الكلى والفعلى مع أي تهديد يمس أمن واستقرار المملكة.. وضمنيّاً ضد أي إنحراف لأشغال القمة العربية المقبلة بالجزائر..
وأعتقد أن الرسالة وصلت - وإن  كانت متأخرة - إلى  ذوي القرار بالجزائر حتّى أن كلمة الوزير لعمامرة ولأول مرّة يتكلم عن هيكلة علاقاتنا مع دول الجوار: 
( إن ّ مواقفنا تظل مبنية على مبدأين أساسيين: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،والإهتداء بفضائل الحوار من أجل التوصل إلى حلول سياسية سلمية وتوافقية تحفظ وحدة وسيادة الدول العربية وتحقق الطموحات المشروعة لشعوبها. كما تدعو بلادي المغرب إلى تفعيل هذه المبادئ الأساسية في إطار هيكلة علاقاتنا مع دول الجوار التي تقاسمنا الإنتماء إلى الحضارة الإسلامية) 
هو نفس الوزير الذي أقحم جمهوريته الوهميّة في جدول أعمال هذه القمّة قبل سبع أشهر تقريباً يعود اليوم ليتحدّث عن هيكلة العلاقات مع الجوار.
يعود هو ونظامه الآن إلى الإعتراف بقوة المغرب ومصداقيته ووزنه قاريّاً ودوليّاً..وخاصّة خلال الأحداث الأخيرة التى يعرفها العالم وهو منقسم  بين روسيا وأمريكا والغرب.. فقد إستطاع المغرب أن يتلّقى رسالة شكر من الرئيس بوتين على موقفه من قرار إدانة الأمم المتحدة له…هو المغرب نفسه يستقبل نائبة وزير الخارجية الأمريكية التى أيّدت من جديد قرار الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء موازاة مع أكبر إستثمار أمريكي تشهده الصحراء المغربية بمدينة الداخلة خلال اليومين الأخيرين..
هذا هو المغرب  المجتهد والذكي في السياسة الدولية.. نعرف كيف نوزع بيض مصالحنا بالتساوي بين سلات القوى العالمية،  فقد تعلمنا من الصينيين كيف طور اقتصاده و نّوعه، ومن الأمريكيين تقنيات قراءة المستقبل.. ومن الأوروبيين مقاومة الإبتزاز وبالمناسبة ورغم ما يطفو من صراع المصالح وتجاذباته بين الصين وأمريكا حد الإصطدام أحيانا لم تفكر دولة الصين الشعبية أن تغلق أنابيب الغاز القادمة من بحر القزوين عبر أفغانستان إلى موانئ شرقها صوب أمريكا.. وما زال قائماً منذ 2001.. 
تماما كموقفنا مع إسبانيا في ما يخص إتفاقية الصيد البحري ومجمل الشراكات الأخرى.. 
في المقابل لولم يكن ذاك القرار الأعوج لنظام الجزائر بغلق الأنبوب المغاربي لكانت اليوم في وضع قوي ومريح بل ومنقذ وحيد لدول الغرب.. 
ذاك طيشكم وغباؤكم وجزاء من الله سبحانه عن شرور نواياكم..
لكن مع ذلك فباب التوبة مفتوح..كماهي اليد المغربية المفتوحة كما في خطاب ملك المغرب قبل سنة.. 
وإذا كان المغرب قد إستجاب للوسطاء من قادة الدول العربية لعقد القمة بالجزائر.. فإن المغرب أيضاً يرى أنّ عقد القمة هي  مسؤولية وليس إمتيازاً ،أوأن تكون رافعة لغرض ما.. 
هو تحذير إستباقي.. لمن يعنيه الأمر..