الأحد 28 إبريل 2024
كتاب الرأي

الزيلالي نجيب: سياسة المغرب الجيواستراتيجي وزيارة ويندي شيرمان

الزيلالي نجيب: سياسة المغرب الجيواستراتيجي وزيارة ويندي شيرمان الزيلالي نجيب؛ محلل استشرافي
يعلم كل متتبع للسياسات الدولية أن ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأمريكي ستقوم بزيارة استعجالية لتركيا تليها إلى زيارات إلى دول شمال افريقيا ومن بينهم المغرب أيام 8و9 مارس في كل من مدينتي الرباط والدار البيضاء مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وسيدات أعمال وشباب و شخصيات عدة ولربما سيكون من بين مهامها حشد الدعم وفق مخططات حلف شمال الأطلسي ، فهل سيغير المغرب موقفه السابق ؟
فيما يخص موقف المغرب الجيواستراتيجي .
هناك 10 أسباب  كبرى تمنع المغرب من تغيير موقفه الجيواستراتيجي وهي كالتالي:
على عكس توقعات بعض الخبراء الإستراتيجيين المحليين والدوليين الذين يروون أن المغرب سيغير موقفه بحكم أنه أطلسي الجيوبوليتيكا أي أنه ينتمي إلى حضارة البحر وهي تعرف في علم الجيوبوليتيكا الحديثة ب ” الطالاسوكراتيا ” عكس حضارة البر والتي تعرف بإسم ” التيلوروكراتيا ” مع ظهور ” الايروكراتيا ” كناية على حرب النجوم، وحججهم في ذلك أن أمريكا إعترفت للمغرب بمغربية الصحراء إعلان نيتها في فتح قنصلية لها بالصحراء وتحديدا بمدينة الداخلة بالإضافة إلى زيارة شينكر مساعد وزير خارجية أمريكا لمدينتي العيون والداخلية …. لهؤلاء أقول انتم مخطئون جدا، لماذا؟
1 – المغرب معروف بأنه دولة استراتيجية النهج وأنه مستقل سيادي القرار وأن في النزاعات الدولية يتسم فيها بالثبات على الموقف ألا وهو الحوار و التفاوض السلمي والحلول وفق الشرعية الدولية وهذا ظهر من خلال وقوفه في وجه الامارات العربية والسعودية في أزمة حرب اليمن .
2- أن المغرب باعتباره دولة استراتيجية النهج فقد عمل على تنويع شراكاته الاقتصادية مع كل القوى العظمى روسيا و الصين و بريطانيا و استراليا و إسرائيل و الهند وحتى بعض دول امريكا اللاتينية واخرى إفريقية ، ناهيك عن دول اوروبا الشرقية مؤخرا مثل بولندا وهنغاريا .
3– أن المغرب الاستراتيجي يعادي فقط من يعادي وحدته الترابية وسيادته على كل أقاليمه و يعادي كل من يمس وحدته الوطنية وأمن واستقرار بلده ، وفي هذا الباب فقد كان واضحا وضوح الشمس مع المانيا واسبانيا ولم يعر لهما وزنا ابدا ولم يرتعش له جفن ، بل لقنهم ومازال يلقنهم دروسا من مدرسة المغرب الحديث الجيوبوليتكي , وبالتالي فمعاداة روسيا مجانا ليست بالحكمة في شيء .
4- أن المغرب تحول بشكل راديكالي من دولة العهود الى دولة العقود بمعنى إن المغرب ليس دولة إيديولوجية   يصطف مع معسكر ما ضد معسكر ما ، بل هو دولة براغماتية وواقعية شعارها السياسي هو الإحترام والثقة المتبادلة مع شعار اقتصادي واضح يتجلى في مبدأ رابح – رابح في التعاملات التجارية وهذا قد ظهر جليا في تعديل بنود اتفاقيات التبادل الحر مع تركيا ومصر .
5– هي فرصة اقتصادية ذهبية لا تعوض بالنسبة للمغرب لان حلم المرحوم الحسن الثاني كان هو ان يتحول المغرب إلى ” كارفور ” بي -قاري يربط بين القارات الثلاث اي بين اوراسيا و امريكا وافريقيا خصوصا انه هو البلد الوحيد المؤهل تاريخيا و سياسيا و بنيويا وثقافيا للعب هكذا ادوار .
6-أن المغرب قد وقع ” اتفاقية استراتيجية ” مع روسيا سنة 2016 من خلال زيارة الملك محمد السادس لروسيا بطلب من بوتين ، ومن خلالها تضاعفت المبادلات التجارية بين البلدين ب 15 مرة ، وهكذا أصبح المغرب هو الشريك الأول لروسيا في افريقيا ، فكيف للمغرب أن يتخلى عن مثل هكذا شريك اقتصادي لا يعاديه في شيء ، كما أن روسيا لم تعادينا في ٱخر موقف لها في قضيتنا الوطنية المغربية .
7- أن المغرب سيستفيد من خطوط الإمدادت الصينية-الروسية والقطرية التي ستمر عبر المياه البحرية المغربية ، لهذا استثمر المغرب كثيرا في الموانئ بالشمال المغربي .
8- مشاركة المغرب في مبادرة الحزام و طريق الحرير الصيني باعتباره الدولة الوحيدة و الأولى التي انظمت للمبادرة في شمال افريقيا ، فكيف يعادي المغرب روسيا وهو يعرف جيدا ان معاداة روسيا من معاداة الصين ، ( لهذا السبب ثارت ثائرة جارة السوء عندما تغيب المغرب عن اجتماع قرار الجمعية العامة لانها فهمت أن المغرب فاز فوزا عظيما ولم يسقط في فخ المبتدئين ) .ونحن نعلم ان التجارة البينية بين المغرب والصين قد نمت بنسبة 50 في المئة في السنوات الخمس الماضية، حيث انتقلت من 4 مليارات دولار سنة 2016 إلى 6 مليارات دولار سنة 2021، وأن قيمة الاستثمارات المباشرة الصينية في المغرب تناهز 380 مليون دولار، ناهيك على أن المغرب سيستفيذ من خطوط امداد برية وبحرية وجوية مع الصين .
9-لا ننسى أن المغرب أنشأ خطا بحريا مباشرا بينه وبين دولة قطر سنة 2018 بمناسبة عيد العرش المجيد وذلك ضمانا لامدادات الطاقة من نفط وغاز ، لان قطر تمتاز بالاستقرار السياسي و الثبات الجيوبوليتيكي .
10- المغرب ليس بدولة جوالة État voyageur
بل دولة عريقة ذات جذور تاريخية وذات استثناء في العالم العربي الاسلامي وهي تحظى بثقة شركاؤها من جهة وتحظى بمصداقية في تدخلاتها في حل الازمات مثل حالة ليبيا . 
لهاته الأسباب كلها فالمغرب سيبقى ثابتا في موقفه محافظا على كل مكتسباته ومعززا لحظوظه في المستقبل.