أثار تدبير المجلس البلدي لمدينة الجديدة لملف تصميم التهيئة، خلال دورتيه الاستثنائيتين المنعقدتين يومي 9 و15 دجنبر 2025، نقاشاً واسعاً وتساؤلات متزايدة حول احترام المساطر القانونية، وحول الانعكاسات المحتملة لقراراته على مشاريع مهيكلة طال انتظارها، وفي مقدمتها مشروع المنتزه الإقليمي المبرمج فوق موقع المطرح البلدي القديم.
وفي هذا السياق، أصدرت فيدرالية جمعيات الأحياء السكنية بالجديدة بلاغاً مطولاً تسجل فيه قراءتها لمخرجات هذه الدورات، وتعبّر عن تخوفات الساكنة من تراجع ضمني عن اختيارات سابقة تم إقرارها منذ سنوات، محذّرة من مخاطر قبول جميع التعرضات دون تمحيص، وما قد يترتب عن ذلك من تهديد لمشاريع اجتماعية وبيئية وترفيهية تعتبرها المدينة في أمسّ الحاجة إليها.
وفيما يلي نص البلاغ كاملاً، كما توصلنا به، دون أي تغيير أو إخلال بمضمونه ومعناه:
"هل تراجع المجلس البلدي في دورته اليوم 15/12/2025عن قراره السابق بشان تصميم التهيئة وما مصير مشروع المنتزه الإقليمي في دورته الاستثنائية بتاريخ 9 دجنبر2025 صوت المجلس البلدي لمدينة الجديدة برفض مشروع تصميم التهيئة للمدينة ،هذا القرار ان كان تحسيسا سياسيا من حيث المبدئ لأنه يتماشى مع مزاج الساكنة ومطالبها ورغبتها في التنمية وتجويد الخدمات والحياة العامة بالمدينة فانه من الناحية العملية والقانونية قرار غير ذي معنى ،لان اختصاصات الجماعة الحضرية بخصوص تصميم التهيئة يحددها القانون رقم 12.90 الذي تنص المادة 24 منه على ما يلي "يحال مشروع تصميم التهيئة قبل موافقة الإدارة عليه إلى مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية لدراسته، وللمجالس المشار إليها في الفقرة أعلاه أن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ إحالة مشروع التصميم إليها ما يعن لها في شأنه من اقتراحات تتولى الإدارة دراستها بمشاركة الجماعات الترابية التي يعنيها الأمر. وإذا لم تبد المجالس الآنفة الذكر أي رأي داخل الأجل المنصوص عليه أعلاه " وتضيف المادة الموالية رقم 25 «يكون مشروع تصميم التهيئة محل بحث علني يستمر شهرا ويجري خلال المدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية بصدد دراسته.
ويهدف البحث المشار إليه أعلاه إلى إطلاع العموم على المشروع وتمكينه من إبداء ما قد يكون لديه من ملاحظات عليه. وعلى رئيس مجلس الجماعة أن يوفر وسائل النشر والإشهار قبل تاريخ بدء البحث. ويتولى مجلس الجماعة عند دراسته لمشروع تصميم التهيئة، دراسة الملاحظات المعبر عنها خلال إجراء البحث قبل عرضها على الإدارة."
رفض المجلس لتصميم التهيئة بجلسة يوم 09/12/2025 الغير مطابق لمنطوق القانون، جعل على ما يبدو عمالة الجديدة تعيده اليه من اجل قراءة ثانية في جلسة استثنائية تمت على عجل اليوم 15/12/2025 . مخرجات هذه الجلسة التي لم تكن فقط تراجعا ضمنيا على قرار الرفض الذي اتخذ يوم 09/12/2025 بل فتح المجال عندما اتخذ المجلس في دورة اليوم قرار قبول كل التعرضات والملاحظات بما فيها تلك التي ابداها الخواص من اجل استرجاع واستغلال بقع ومساحات كانت مخصصة للمصلحة العامة وقد يدخل في هذا الصدد التعرضات التي قد تكون قد طالت مشروع المنتزه الإقليمي المزمع اقامته مكان المطرح القديم الذي لا يزال عبارة عن أراضي عارية تتكون من حوالي 43 رسما عقاريا بمساحة تقدر ب 65 هكتارا في ملكية المكتب الشريف للفوسفاط ووكالة العمران ووزارة التجهيز والنقل ومجموعة من الخواص هؤلاء قد تكون لهم الرغبة في مراجعة واستعادة عقارهم علما انه حسب تصريحات سابقة كان المجلس البلدي للمدينة قد اتخذ إجراءات لنزع الملكية من اجل المصلحة العامة وقام بمراسلة المؤسسات السالفة الذكر من اجل وضع العقارات التي في ملكيتها رهن إشارة المجلس لإنجاز المنتزه.
يجب التذكير انه بعد ترحيل المطرح البلدي سنة 2006 الى ضواحي مدينة الجديدة على تراب جماعة مولاي عبد الله وبعد نقاشات تم إقرار تحويل الموقع الذي كان يقام عليه المطرح البلدي والتي تبلغ مساحته حوالي 65 هكتار الى منتزه إقليمي .اذ صادق المجلس البلدي للمدينة في دورته بتاريخ 20 و27 غشت 2006 على ذلك، وتم ادراجه ضمن مخطط التهيئة للمدينة لسنة 2009/2019 و قُدم كمشروع رائد للملك سنة 2012 بمناسبة زيارته للجديدة لتدشين مجموعة من المشاريع، حيث يضم حسب "الماكيت" الذي وضع بين يديه مساحات خضراء وفضاءات للترفيه بمواصفات عصرية.
وكان من المقرر حينها ان المؤسسة التي أشرفت على تهيئة حي المطار ستتكلف بإنجاز هذا المنتزه وتحويله لمنطقة للترفيه حيث اسندت الاشغال لمجموعة S.O.S NDD-Eau-Globe لكن المشروع تعثر وتوقف لأسباب مجهولة(اللوحة التعريفية بالمشروع بقيت لمدة طويلة بعين المكان). فضل على حاله الى الان يراوح مكانه يستقبل بشكل سري حمولات الاتربة وبقايا مواد البناء وغيرها من المواد الضارة. ورغم احاطته جزئيا بسور يلاحظ تجهيز ملعب للقرب داخل الموقع المحاط بهذا السور وهو ما يشي ان ايادي معينة تحاول توجيه مشروع المنتزه وجهة معاكسة لأهدافه ويزيد من تخوفات الساكنة من اقباره او التهام جزء من مساحته لأغراض أخرى.
ان مسطرة بلورة راي المجلس حول مخطط التهيئة لم تكن على ما يبدو من الناحية العملية موفقة . لانها أولا غير مطابقة للقانون وثانيا تركت قراراته في جلسة 15/12/2025 القاضية بالموافقة على كل التعرضات انطباعا يجعل ساكنة المدينة تتخوف على مصير المنتزه ; فاذا كانت مطالب بعض المواطنين مشروعة في بعض أمور التصميم ، فان قبول المجلس كل التعرضات يفتح المجال للتراجع عن مشاريع اجتماعية وثقافية وترفيهية ... الخ ،المدينة في امس الحاجة اليها .
علما انه يجب تعويض الخواص أصحاب العقارات التي ستقع عليها هذه المشاريع تعويضا يساوي قيمتها الحقيقية وهي عملية مالية تقتضي تضافر جهود الجميع مؤسسات منتخبة وقطاع خاص وعام ومركبات صناعية كتعويض عن الاضرار التي تلحق المدينة جراء أنشطتها . هذا بغض النضر عن مسؤولية المجلس والمؤسسات العمومية عن التراخي الغامض في انجاز المشاريع المقررة على الأراضي الخاصة التي نزعت فيها الملكية من اجل المنفعة العامة مما يسهل افشال هذه المشاريع حيث ان البند 28 من قانون التعمير يفتح باب ذلك .
ان الاختصاصات التي ينظمها قانون التعمير يفرض على المجلس ان يدرس كل الملاحظات والتعرضات الواردة عليه ويبلور الموقف الملائم منها واحدة واحدة ويضيف اليها اقتراحاته وملاحظاته حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للمدينة ومصالح سكانها اما الموقف المتخذ برفض او قبول المشروع بكليته يبقى غير ذي معنى لأنه يحرم المجلس من حقه في ابداء راي حقيقي في التصميم لأنه يتنازل عمليا عن هذا الحق لغياب اقتراحات دقيقة ومفصلة، ان قبول كل التعرضات كما وقع في جلسة 15/12/2025 هو خطء يجب تداركه قبل إحالة المشروع على السلطات المختصة .
للإشارة فان فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية قد وجهت مذكرة ترافعيه بشان هذا المنتزه بتاريخ 8 غشت 2024 الى الديوان الملكي ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة وكل الهيئات الرسمية والسلطات المحلية والإقليمية والجهوية والمركزية . وطرحته مجددا في الاجتماع الذي تم مع العامل بتاريخ31 يناير 2025 .
والان وحتى لا يزوغ العقار المخصص للمنتزه او جزء منه عن ما رصد لأجله ستعمل الفيدرالية على التذكير به لجميع المسؤولين ،والتذكير أيضا بضرورة تضافر كل الجهود للإسراع بإنجازه بما فيها المجهود المالي الذي يجب ان تقوم به المؤسسات الصناعية كتعويض عن الضرر الدي تلحقه ببيئة المدينة خصوصا وان الشريط الأخضر المقرر في تصميم التهيئة إنجازه من جهتها الغربية والجنوبية لوقايتها من التلوث الذي تحدثه المركبات الصناعية لم ينجز هو الاخر ".
فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية بالجديدة

