الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

أشفري..  لا تقل لنا وداعاً.. بل قلْ: عِمتم مساءً إلى أن نلتقي وتغمرنا "الأنفاس" بالحبّ الطّافح!!

أشفري..  لا تقل لنا وداعاً.. بل قلْ: عِمتم مساءً إلى أن نلتقي وتغمرنا "الأنفاس" بالحبّ الطّافح!! صور التقطت خلال حفل الاحتفاء بتقاعد الزميل بوجمعة أشفري

الصور المرفقة، بالمقال، للزميل بوجمعة أشفري رئيس تحرير "الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، التقطت في احتفالية وداعه بعد بلوغه سن "التقاعد" القانوني، لكنه سيظل "رئيسنا" في العمل وملهمنا، ومرساة سفينته ستظل راسية بميناء "الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، وهذا البورتريه هو للذكرى، وهذا الاحتفال "الرمزي" هو للذاكرة حتى لا ننسى رجلا في قامة بوجمعة أشفري...

 

من يعرف بوجمعة أشفري عن قرب ربما يلاحظ أنّ هذا "الأرنب" لا يشيخ، وكلما ازداد في العمر ازداد شباباً. أشفري أقفل الستين من عمره.. أنا لا أصدّق أنّه بلغ من العمر الستين. غيره ممّن يبلغون هذا السقف من العمر تتيبّس عظامهم، ويكسو رؤوسهم الشيب، ويُصابون بالسكري والروماتيزم والضغط الدموي المرتفع والألزهايمر.

 

 

انظروا إلى بوجمعة أشفري يشبه أرنباً يعدو في الغابات "الخضراء"، انظروا إلى "وردتين" تزهران في وجنتيه، وابتسامة عذبة لا تفارقه.

من يراهنُني: من شاهد منكم "المداخن" تنفث نيران غضبها من رأس أشفري؟ بوجمعة خُلِقَ باسماً ومنطلقاً، الحياةُ عشيقتُه، والحبّ خليلُه.

من تلاعبَ بعمرك أيها الأرنب "الشقيّ"، وأضاف ثلاثين سنة إلى عمرك الحقيقي؟! بشَعْرٍ بنّي، وسحنة وجه بيضاء استعرتها من حليب أرض أيت باعمران.

 

 

أيّها الباعمراني.. بروح طائرة تهفو إلى الشِّعْر، وصلابة نخلة لا تنحني للرياح، وشموخ صخرة منحوتة من جبل أمازيغي، تعاند الزمن، وتعود إلى صباك.

لم تتوقّف سفينة العمر هنا، عند حافّة الستين، بل تُفٰرِد الأشرعة لبداية رحلة جديدة، تغوص في الأعماق لجمع الأحجار "الكريمة"، لصُنع "عقد" من ألوان الزمن الزاهية.

 

 

من اليوم تعلو كطائر "فينيق".. تستيقظ من نوم ثقيل، تطرد "غبش" العمل، تزفر "الأنفاس"، لتدخّن "أنفاس" سماء زرقاء. تغادر "الوطن الآن"، لتستحم في "السّين"، وتعانق "الكاف"، تلك "الساحرة" الفرنسية التي علّمتك فنون الغواية.

ترحل بلا ضجيج، كما دخلت بلا ضجيج، تستعير لحية زرقاء، تحمل "جوّالاً" بحجم الحذاء. تمرّ سنة تلو سنة، فتسقط شعرة تلو شعرة من لحيتك الزرقاء المستعارة، حتى أصبحت "أجرد" الوجه، بعد أن كانت تلك اللّحية البنّية تأكل من وجهك، وتخفي في غابتها الأرانب.

رحيلُك اليوم ليس اختفاء، بل لتستظل تحت "شمسيّة" تناغيك الشمس.

تنحتُك رملاً.. تكتبُك في قصيدة.. ترسمُك من نبيذِك الأحمر.

من شمس إفني اللافحة إلى صقيع باريس، تختزل المسافات، تمتطي ريشة، تتنفّس حلماّ، تعدو أرنباً تغزل سيقانه التّراب، ويقفز فوق أرض بلا سقف.

 

 

تمعّنوا في بوجمعة أشفري وهو يضحك، تقفز أسنانه كضفادع.. يعتمر قبعة ساحر يُخْرِج منها الأرانب البيضاء.. يرنو إلى القدح بعينين مغرورقتين ترشحان بالدموع وهو يتلو قصيدة حزينة.. ترقص الأرانب تحت قبعته...

تنظر إليه بضجر السّمكةُ الموضوعة على الطّبق وقد ملّت من الانتظار وهي في العراء.

بوجمعة أشفري.. احملْ حقيبة سفرك ولا تقل لنا وداعاً، بل قلْ: عِمتم مساءً إلى أن نلتقي وتغمرنا "الأنفاس" بكلّ الحبّ الطّافح!!