الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

 سيرة الراحل الحسين القمري في برنامج مدارات: رحيل الضوء القمري لشاعر كان واعيا بإنسانيته

 سيرة الراحل الحسين القمري في برنامج مدارات:  رحيل الضوء القمري لشاعر كان واعيا بإنسانيته الشاعر الراحل الحسين القمري

خصص برنامج " مدارات " على أمواج الاذاعة الوطنية من الرباط ، حلقته المذاعة يوم الثلاثاء الاخير ، لاستعراض أبرز المحطات في حياة ومسار الشاعر والكاتب الراحل الحسين القمري، وتجربته في الكتابة الشعرية والمسرحية ، وأدب المقالة، مع استحضار أدواره الريادية في تأسيس العمل الجمعوي والمسرحي، بمدينة الناظور ومنطقة الشمال الشرقي للمغرب .

وتضمنت هذه الحلقة، ورقة تقديمية لمعد ومقدم البرنامج، وشهادة كل من الناقد الأدبي محمد أقوضاض، ومحمد صلو الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

 

- ورقة الاعلامي عبدالاله التهاني :

وافتتح الزميل عبدالإله التهاني ورقته التقديمية لهذه الحلقة، بالقول بأن الموت يأبى إلا أن يجرد شجرة الشعر المغربي، من غصن من أغصانها الوارفة وأوراقها اليانعة، ويضيف إلى لائحة الراحلين شاعرا مبدعا، وصوتا أدبيا مجددا، هو الشاعر المغربي المرحوم الحسين القمري ،، واصفا إياه بأنه اسم على مسمى ، وأنه فعلا ضوء قمري في أرض الشعر المغربي ، ووهج أضاء بنوره القمري ، بنيان القصيدة المغربية المعاصرة ، وأكسبها نفسا وتجددا في الرؤية، وطراوة في اللغة ، وجمالية في الصورة الشعرية ،

وأضاف بأن صورته كشاعر، هي الأكثر تداولا وبها عرف داخل المغرب وخارجه، إلا أن تعدد مجالات حضوره الثقافي، تكشف عن نموذج للمثقف الذي كان له إسهام فعال، ومشاركات ومبادرات نوعية في كل الميادين ذات الصِّلة بالحقل الثقافي والمجتمعي، مشيرا إلى أن ذاكرة الناظور تحفظ له في هذا الباب، سجلا حافلا من العطاء في مجال العمل الجمعوي، لاشاعة الاهتمام بالشأن الثقافي، ورعاية المواهب وتعزير القدرات الفنية للشباب.

وأوضح الزميل عبدالاله التهاني بأن الجميع، مازال يستحضر أياديه البيضاء على الحركة المسرحية الهاوية في الناظور ومنطقة الشمال الشرقي للمغرب.

معتبرا أن الراحل الحسين القمري، كان لديه شعور عميق بالانتماء لقيم الحرية والعدالة والتحرر، ولكل المثل الحقوقية.

وبخصوص مساره العلمي، تحدث الزميل التهاني عن انتقال المرحوم القمري، من مزاولة التدريس والإشراف التربوي والاداري في قطاع التعليم، إلى دراسة القانون، مما أتاح له تغيير مسيرته المهنية والانخراط في سلك المحاماة، وكيف أنه موازاة مع كل ذلك، كان مساره الإبداعي يترسخ ويكبر، ونشاطه الثقافي يزداد إشعاعا في مدينة الناظور، ومنها إلى المناطق المجاورة في شمال شرق المغرب، حتى بات المرحوم الحسين القمري- يقول معد ومقدم البرنامج- وجها أليفا في الحياة الثقافية للمغرب الحديث، مرسخا مكانته كشاعر ثم ككاتب لنصوص مسرحية ، ولنصوص أخرى تندرج في صنف المقالة الأدبية والخواطر والتأملات، التي كانت تعكس بعضا من قبسات أفكاره، وجانبا من نظراته لقضايا ومشكلات اجتماعية، أو لظواهر وسلوكيات مجتمعية، مضيفا أن المسار الشعري للشاعر المرحوم الحسين القمري ، وتيرة منتظمة في الكتابة الابداعية، منذ منتصف الستينات من القرن العشرين، وظل مواضبا على إبداع قصائده، وكذا على نشرها بين فترة وأخرى، على أعمدة الصفحات الثقافية لعدد من الصحف المغربية ، وكذا في مجلات أدبية مغربية وعربية، كما أنه ألقى أشعاره في ملتقيات وأمسيات أدبية ، داخل المغرب وخارجه، مشيرا إلى أن الحسين القمري قد وفق إلى طبع جزء وافر من إنتاجه الشعري، حيث صدرت له الدواوين التالية :

الف بباء -كتاب الليالي - هديل الروح - كيمياء الحياة والامكنة -

سنابل الزمان -حصاد العمر، ثم الجزء الاول من أعماله الشعرية الكاملة التي صدرت ضمن منشورات وزارة الثقافة بالرباط سنة 2013 .

وأبرز الزميل التهاني، أن المسرح كان من أولى انشغالات الحسين القمري واهتماماته الثقافية، وذلك في مرحلة مبكرة من حياته، حيث عرف وقتها بأدواره الطليعية في تأسيس الحركة المسرحية بالناظور، مستعرضا حصيلة إنتاجه في هذا المجال الإبداعي، والمتمثل في سبع مسرحيات، كتبها في فترات متفرقة، وهي المسرحيات التالية:

مسرحية بطولة العرش - ومسرحية عن رجوع الملك محمد الخامس من المنفى - مسرحية مطلع النور (وهي ذات طبيعة دينية ) - مسرحية جحا يتسلم بطاقته الوطنية ، (وهي في صنف المسرح الفكاهي )

- مسرحية المتمردون - مسرحية عمالقة يذوبون - مسرحية سفينة نوح .

وأشار عبدالاله التهاني إلى أن انشغال الشاعر الراحل بالمسرح، جعل منه مؤلفا ومخرجا ومساهما في التشخيص.

وتوقف عبدالاله التهاني عند مساهمة الحسين القمري المتميزة، في التأليف المشترك لكتاب " إشكاليات وتجليات ثقافية "، رفقة صديقيه ورفيقي مساره الثقافي الناقدين الأستاذين محمد اقوضاض وعبدالله شريق .

ونقل الزميل التهاني مستمعي البرنامج، إلى العالم الشعري للحسين القمري، حيث قرأ مقاطع من قصيدة للشاعر الراحل، بعنوان "هديل الروح "، معتبرا أنها قصيدة معطرة بأريج النفس الصوفي، والنفحات الروحية، وأنها تجسد بوضوح التحول اللافت في الكيان الروحي للشاعر القمري، وانعطافته العميقة نحو الوجد الصوفي، بكل صفاءه ونقاوته الروحية، مبرزا أن القارئ يلمس ذلك في كل مقاطع هذه القصيدة، ولاسيما في مقطع من هذه القصيدة، يحاور فيه القطب الصوفي الكبير محيي الدين بن عربي .

-شهادة الناقد محمد أقوضاض :

في شهادة الناقد الادبي المغربي الأستاذ محمد أقوضاض، والذي جمعته بالشاعر الراحل علاقة صداقة وأواصر فكرية وإنسانية، عميقة وممتدة في الزمن، وصف صلاته بالحسين القمري، بأنها علاقة ممتدة جدا من الثمانينات إلى حدود وفاته، وبأنه كان صديقا وزميلا ورفيقا، وأخا له ولجميع من ارتبط به، سواء بعلاقة ثقافية أو سياسية، أو بعلاقة اجتماعية وجمعوية.

وأضاف متحدثا عن خصال صديقه الراحل، بأنه إنسان من سَكَّة أخرى، سَكَّة نادرا ما نجدها. ففي بعده الإنساني، كان من أكرم الناس، ولذلك كان يستقبل في بيته جميع الأصدقاء، الذين كانوا يأتون إلى الناظور، حيث كان معروفا بكرمه مع الناس، ومع أصدقائه ومع الزملاء في المهنة، وفي حقل الثقافة، علاوة على كونه معروفا بدفاعه المستميت عن حقوق الإنسان، حيث كان ضمن النخبة القليلة التي أسست المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالرباط.

ولخص الاستاذ أقوضاض البعد الانساني في شخصية الحسين القمري، بأنه كان إنسانا واعيا بإنسانيته.

وعند تناوله للبعد الثقافي، قال ضيف البرنامج الناقد محمد أقوضاض، بأن الحسين القمري وأخاه المرحوم البشير القمري، كانا معا متعددي المواهب، وأن الراحل الحسين كان منظرا، ومفكرا ولغويا.

وبخصوص أدواره الريادية في العمل الجمعوي بالناظور والشمال الشرقي بصفة عامة، استحضر ضيف البرنامج فترة من الزمن الجميل بقوله:

" نحن أبناء الناظور ، نشأنا أطفالا لانعرف ماهية الثقافة، وماهو الفكر، وما هو المسرح، ولكن كنا مدركين ونحن تلاميذ في الإعدادي، أن هناك نخبة قليلة جدا تهتم بالثقافة، وعلى رأسها الحسين القمري، لأنه كان هو أول من أسس جمعية ثقافية في الناظور سنة 1964، هي جمعية المشعل المسرحي، حيث كان ينظم من خلالها لقاءات ثقافية ، وهي اللبنة الأولى التي وضعها الحسين القمري في الناظور" .

ومن جهة أخرى، أضاف المتحدث نفسه، بأن الراحل كان من الأوائل في المنطقة الشرقية الذين انتسبوا إلى اتحاد كتاب المغرب، حيث كانت يده على هذه المؤسسة يدا بيضاء، لأنه كان مشاركا في صنع قوانين الاتحاد وتجديدها".

وفي نفس السياق، أشار الاستاذ أقوضاض أنه " من خلال جمعية الانطلاقة الثقافية، قام بأدوار كثيرة، منها تنظيم أوراش الشعر والمسرح، فضلا عن كونه من أهم أطر جمعية الطفولة الشعبية في الناظور، والتي كان قد أسس تحت لوائها، فرقة مسرحية في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات.

وأوضح نفس المتحدث أن القمري، كان أيضا يؤلف مسرحياته ويقوم بإخراجها، وتدريب التلاميذ على تشخيصها، بحكم تجربته الطويلة منذ الستينات، حيث كان يشتغل على المسرح، قبل أن ينشغل بالشعر.

- شهادة الباحث محمد صلو :

وبدوه جاء تدخل الاستاذ محمد صلو، الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، خلال هذه الحلقة، تدخلا محملا بكثير من الذكريات عن الشاعر والكاتب الراحل الحسين القمري، حيث عدد ما اتسمت به شخصيته الانسانية من صفات وخصال، وما انطوت عليه شخصيته الثقافية والسياسية والحقوقية، من أبعاد متعددة .

وشدد الباحث محمد صلو على ريادة الراحل الحسين القمري، في مجال العمل الجمعوي ولاسيما منه المسرحي، وكذا في مجال خلق اللبنات الأولى للإشعاع الثقافي والنشاط المدني في الناظور، ثم دوره الحيوي النشيط في منظمة اتحاد كتاب المغرب، وما اتسمت به رياسته لبعض مؤتمرات الاتحاد، من حكمة وحنكة، كانتا عاملا مساعدا على نجاح أشغالها.

وختم الاستاذ محمد صلو بالإشارة إلى أن الشاعر والكاتب الراحل الحسين القمري، كان قد حظي بتكريم من طرف المعهد الملكي للثقافة الامازيغية.