الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: رسالة تامغربيت إلى "الممثل" الفاشل بنكيران

أحمد فردوس: رسالة تامغربيت إلى "الممثل" الفاشل بنكيران أحمد فردوس

في هجومه من أعلى منبر الخطابة أمام مريديه قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، في مقتطف من كلمته متهجما على نشطاء تَمْغْرَبِيتْ: "دُوكْ النَّاسْ للِّي تَيْتْكْلْمُو عْلَى تَمْغْرَبِيتْ! ءَاشْنُو هِيَ تَمْغْرَبِيتْ؟ وَاشْ تَمْغْرَبِيتْ هِيَ جّْلاَّبَة وَالسّْلْهَامْ والطْوَاجْنْ؟ تَمْغْرَبِيتْ هِيَ يُوسُفْ بْنْ تَاشْفِينْ، تَمْغْرَبِيتْ هِيَ هِيَ طَارِقْ بْنْ زِيَّادْ (قاطعته تصفيقات الحضور) تَمْغْرَبِيتْ...تَمْغْرَبيِتْ...آآ تَمْغْرَبِيتْ دْياَلْ آخِرْ الزَّمَانْ... آآ تَمْغْرَبِيتْ دْياَلْ آخِرْ الزَّمَانْ! تَمْغْرَبِيتْ هِيَ المَنْصُورْ الذَّهْبِي، تَمْغْرَبِيتْ هِيَ المَوْلَى إِسْمَاعِيلْ، قْبْلْ مْنْ دَاك شِّي كُلُّو هِيَ المَوْلَى إِدْرِيسْ بِطَبِيعَةِ الْحَالْ، تَمْغْرَبِيتْ هِيَ مُحَمَّدْ الْخَامِسْ، تَمْغْرَبِيتْ هِيَ هَدْ الْمَوَاقِفْ... الْمَوَاقِفْ الشُّجَاعَة لِوْقْفُوهَا عُمُومْ مُلُوكْ الْمَغْرِبْ... بَاشْ تَتْعْتَبْرُوا بْلِّي المْغْرِبْ بْقَى مْسْلْمْ؟ وْبْقَى مْدِّيّْنْ؟ إِلاَّ بْهَادْ تْمْغْرَبِيتْ هَدِ"...

 

أؤكد للسي بنكيران أن تامغربيت هي قيمنا الوطنية، وهي أصالتنا وهويتنا وتاريخنا وتراثنا المتعدد الروافد والخصوصيات النابع من تربة أرض طيبة اسمها المغرب الأقصى، بصمتها سنابك الخيل وأقدام رجال وطنيون أشاوس خلدوا بالروح والدم أروع ملاحم التلاحم بين الشعب والملك بمجالنا الجغرافي الشاسع من جنوب الوطن إلى شماله وغربة وشرقه.

 

تامغربيت يا رئيس الحكومة السابق، هي الوصفة التي أقرها دستور المملكة واعترف بها وبأبعادها الإنسانية والوطنية والمجالية، من خلال تعدد وتنوع روافده اللغوية والدينية والعرقية والثقافية والتراثية.

إن تامغربيت بالنسبة للمغربي المتأصل هي القراءة الجماعية للقرآن الكريم بأصوات فقهاء وطَلْبَةْ ومَحَضْرَةْ، أصوات صوفية تخترق القلوب، و تسلب الأفئدة وتحلق بالروح في ملكوت السماء والأرض. فقهاء لا يعرفون معنى "دولة الخلافة" و"الجماعات الإسلامية المتطرفة" والتآمر وحبك الدسائس ضد الوطن.

 

إن تامغربيت هي تلك الحكاية الشفاهية التي تروي سيرة المغربي في الجبل والمدشر والقرية، وهي فعلا ألعبانا الشعبية، وهي ذلك اللباس الأصيل (جَلَّابَةْ وقَفْطَانْ وتَشَامِيرْ وهَدَّونْ)...

 

تامغربيت، هي ذلك الإرث المرتبط بأطباق الطبخ التقليدي الرفيع، هي حركات الجسد المتحرر بالرقص الجميل على إيقاع سنابك الخيل والبارود في المواسم، وأنغام موسيقى عبيدات الرما، وشيوخ فن العيطة، والغناء الأطلسي، ونمط الشـﯕوري والتراث الحساني وجدبة الحال والساكن والكناوي والعيساوي وهلم تنوع فني.

 

تامغربيت هي المرأة التي غسلت الصوف وقَرْشَلَتْهَا وغزلتها ونسجتها ليلبس زوجها وابنها الفارس زيه التقليدي، ويتدثر بالحايك والبرنس كمنتوج مغربي بأيادي العشق والجمال.

 

تامغربيت السي بنكيران هي تلك اللحظة الجميلة التي يجتمع فيها أبناء القبيلة والدوار في "لَمَّةْ لَحْبَابْ" تحت سقف خيمة الأعراس والمناسبات الدينية والوطنية لاسترجاع نوستالجيا تراث بلد له حضارته وتاريخه.

 

تامغربيت هي اللقمة الحلال المخضبة بعرق الجبين والكد والعطاء، والتي يتقاسمها أبناء الوطن تحت سقف واحد، شعارها الذي تعلمنا هو: "جُوعِي يَا كَرْشِي وُعْنَايْتِي فِي رَاسِي"، وليس اعتمادا على قولة اللهم ارحمني حسب المثل القائل: "خُبْزِي تَحْتْ بَاطِي مَا سَاقْ حَدْ عْيَاطِي"، (فهمتي ولالا، السي مُولْ تَقَاعُدْ سَبْعْ مْلَايِينْ؟)

 

تامغربيت هي وضوح الراعي وصراحته مع الرعية، ورسم البسمة والفرحة على وجوه المواطنات والمواطنين الذين مارست عليهم شتى أنواع التنويم المغناطيسي بسحر اَلسَّمَاوِي و"حْوَايْجْ اَلتَّدَيُّنْ" المستوردة من دولارات براميل النفط وريع كرسي السياسة (اَلسَّجَّادْ واَلسُّبْحَةْ واَلْفُوقِيَّةْ واَلْقَنْدْرِيسِي واَلْمِسْوَاكْ و...).

 

تامغربيت هي أن تنتصر للجمال وتنبذ القبح والنحس، لتجديد الثقة في الوطن ومؤسساته، وتنتصر للحق وتنبذ الظلم ليكتسح المعقول مساحات بنيات دولة المجتمع ويعم الخير والسعادة.

 

تامغربيت هي أن تدافع عن جمال الطبيعة والإنسان والمجال بعيدا عن التعصب القبلي والديني، وتحاصر تلوث بيئة الدين والفكر والثقافة والاقتصاد والاجتماع ثم السياسة التي تفننت أنت ومن هم على شاكلتك في طبخ مخرجاتها بدون علوم (السياسة بلا علوم).

 

تامغربيت هي إدامة استقرار المواطن البدوي والفلاح البسيط في أرضه، ليحافظ على دورة حياته ومعيشة أفراد أسرته وبهائمه ومنتوجاته الزراعية والفلاحية دون إكراه. هي أن ينعم التلميذ والطالب والعامل والأستاذ والطبيب والمهندس بحقوقه ومكتسباته.

 

تامغربيت هي أن يسعد المواطن المغربي بحكومته التي تدبر شأنه الوطني باسم صناديق الانتخابات، وليس أن يَكْرَهَ اليوم الذي استهوته فيه خطاباتك المؤدلجة بالدين والسياسة والتي فتحت لك الطريق نحو الغنائم بقناع الطهرانية والورع والتقوى.

 

تامغربيت هي أن تصون حقوق الناس البسطاء، وليس أن تجهز على مكتسباتهم وتشطب بجرة قلم على صندوق المقاصة، وتتواطأ مع لوبي المحروقات وتحرر الأسعار وتبحث عن الزيادة في مؤخرة من يمتص دماء الشعب، وللأسف الشديد هذه كانت من نتائج تقلدكم مهام رئيس الحكومة (فهمتي ولالا).

 

تامغربيت هي أن تُؤْمِنَ بثقافة الواجب والحق، وتوفر العلاج والدواء ومقعد الدراسة والعمل لكل مواطن يؤدي الضريبة، وأن تبتعد عن أكل أموال الشعب بدون حق، وتشريد العمال، وإلغاء الوظيفة العمومية، وتجميد الأجور، وسحل المعطلين والمحتجين ضد سياستك الفاشلة حين كنت رئيسا للحكومة.

 

تامغربيت هي استثناء وطني تفاعل فيه المجال والإنسان والطبيعة، لا يعرف قيمته إلا الإنسان الوطني الصادق المتنور الذي يتباهى بين الأمم بهذا المكسب الذي جعل من المغرب بلد الحضارة والنظارة والأمان...