الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الأستاذ الرياحي في مرثية الطفل ريان: لقد غدوت أسطورة عالمية

الأستاذ الرياحي في مرثية الطفل ريان: لقد غدوت أسطورة عالمية الأستاذ نور الدين الرياحي والطفل الريان
تفاعلا مع وفاة الطفل الريان التي أدمت قلوب العالم، موت تراجيدي حرك مشاعر الأستاذ نور الدين الرياحي، الوكيل العام الأسبق بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، وعضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، لينظم أبياتا شعرية في رثاء الطفل ريان، وذلك ضمن مذكراته التي ينشرها بانتظام كل يوم أحد: 
                                                     وصايا ريان 
ريان يا باب الجنة سقيت منه اليوم عذبا 
ريان يا ابن العالمين نثرت وردا وقضبا ! 
نعاك ملك سخر ما في كون لعتقك وحركت جبال من أجلك اخترقت سحبا ! 
حتى زبر الحديد ساوت بين الصدفين 
ونفخ في النار علها للنجاة كانت حطبا  ! 
اريان يا فلذة بذل الغالي والنفيس
والرخيص وكل ما عز عطاء وربا ! 
لا تبكي ام ريان فقد بكى معك كل 
كل من في كون حمل كبدا رطبا ! 
ولا تجزعي على فراق فريان لك 
طيرا سابحا في الفردوس  قربا ! 
يكفيك فخرا يا بنت مغرب ها هنا    
ابنك غدا أسطورة تواصل عجبا ! 
وكم ام وأب قد عليا بابنهما شرفا 
كما علت عدنان بسيد الخلق نسبا ! 
ستشهد الجبال ما سخر لها من أجله 
ما لم يسخر لذهب وماس قبل نقبا ! 
انك في خيمة مجدها بناه ملوك عظام 
في أرض سارت بمجدها ركبان طربا ! 
لكنه القضاء إذا حم على امرئ فلا
راد له من مشيئة كتابا مؤجلا  كتبا ! 
قبل خمس سنوات كتب في علمه 
بنيان بيت لريان في جنته قصبا ! 
لا يرى فيه غير ملائكة الرحمان  
طائفة حوله لا غمة فيه ولا  نصبا  ! 
لقد نزلت دموعنا شوقا وحزنا وعشنا ما عشنا من هول اضطربا ! 
ومنينا النفوس بأمل و لولا فسحته 
ما استقر عيش و لا اهتزت عشبا ! 
لعمري ما كان لك ان تجزعي وابنك
في كل قلب و بسمته في أفق شهبا ! 
تزين و تضيئ وقفة رجال تحزموا لما 
صيح و محمداه ريان في جب انقلبا ! 
فكانها واغة حرب قريتنا و كأنها بريق 
سيوف برقت لثغر ريان فدته حسبا ! 
و كان الاخبار عمت الدنيا في حرب على 
جبال قادها ليوث اطلس لم تعرف تعبا ! 
فرات العين ما لم تراه قبل في الدنيا و 
لم يصدق ما تحول ليلا اضاءه  عربا ! 
ها هو يحيينا من نعشه الصغير شاكرا 
ها هو  بيديه للمعزين مواسيا نكبا ! 
لا تجزعوا عني و لا تبكوا رافة بأمي 
و ابتسموا فإنني في فردوس مرتحبا 
يقبلونني و ابتسم لهم و في الجنان 
يحلو اللقاء و الأرواح تتناجى طربا !
اخوتي اخواتي امهاتي آبائي أجدادي
جداتي في الانسانية كلكم لي أربا! 
لا فرق بين اسود و عجمي الا بتقوى 
اراد  الله لي   توحيدكم  رابعا  رجبا !
سمعت صهيل خيلكم بأذني ها انذا أرى 
ليوث اطلس انطلقت الجبال منها هربا ! 
بني وطني بماذا افديكم  بماذا يا عموم 
قوة وطني  رابطت زمهريرا و وقفة تأدبا ! 
تركتم افرشتكم و عيالكم و لبيتيم 
نداء سليل رسول لمهمة لكم  انتدبا ! 
كأنكم تدافعون عن تربة وطن و كان 
سيوفكم من غمودها لاحت مضربا ! 
سانام مطمئن البال عليكم في ظل 
ملوك  حكمة و جندهم  حماة  صلبا ! 
سانام قرير العين كالخامس بالأمس 
لما حرر البلاد و حرر شبرا مغتصبا! 
و كالحسن لما حفر الصخر سدود ماء 
انعمت بكل  شجرة كان  قضيبها رطبا ! 
  
هبت جنود كاتم سره للنداء قياما و قعودا 
و الشجاعة توردها معارك الدنيا  تحاربا ! 
نشات فيهم صبيا و بأم عيني شهدت 
عز الأطفال فدته بارواحها  ام و ابا ! 
شابت النواصي لياليا عني و سجلتم 
في تاريخ العز ما لم يكتبه زمان حقبا ! 
آنستم وحشتي في جب ظلامه استنار 
بنوركم فابيض وجهي به بعدما شحبا ! 
ان لم اجبكم فمعذرة فإن ملائكة الرحمان 
كانت تلقنني شهادة و تفتق لي حجبا ! 
و تريني اقدامكم و صهيل خيلكم و ضرب 
الصحراوي يشق بيديه في الصخر ثقبا ! 
فوددت تقبيله و عناقه و مسح عرقه و 
تآخت جبال شمال بلادي برماله جنوبا ! 
فكانه يطرق في اذني نشيد المسيرة 
و يوصيني بعهد الحسن له مكتسبا ! 
فتذكرت قسم المسيرة و ذكرته مع 
شهادتي نحن شعب لا يهاب الصعبا ! 
زعزعزت أرض بسببي و طارت سفن 
من أجلي و كان ذلك عند الله محتسبا ! 
فما بالكم عند الخطب يامن يريد بنا 
ما الله دافع و نحن للسلم و لما التهبا ! 
نذود عن حياضنا و أطفالنا و نسائنا و 
كل حبة رمل في ربعنا  دم لنا منتسبا ! 
لا نخاف أهوال الدهر و هموم الدنيا و لا 
و لا يأخذنا في الحق لومة معتد سلبا ! 
ان تريدوننا للحكمة فنحن أهلها و ان تبغونا 
للفداء و المكارم فشمسنا لا تعرف مغيبا ! 
اضاءت على العالمين مدى الدهر انوارا و 
ما ريانكم الا سقيا لنفسكم  زلالا و حسبا! 
انا نسيمكم الذي هب على العالمين و انا فداكم 
في قبري يا أبناء مغربي و انا في الرقدة هدبا ! 
و ان شعر ناصيتي طويل و جميل كطول تاريخ 
عربنا و مغربنا اساير به احباء الانسانية  طرابا ! 
و ما تضامنكم  معي و مع مغربي الا رد جميل 
و مجد  أبى  ملوكي و جدودي  أخذه  غلابا! 
لا تبكوني و لا تجزعوا فالموت في عز مجد 
اعز من حياة فلا تلذ المشارب الا اذا كانت نخبا ! 
اعذرني ريان فكما قال نزار مكسرة كجفون 
محبيك هي الكلمات فلا تكن لك مني عتبا ! 
فلم أجد الا قوافي ودموع مشيعيك ملأت كل دواة لكن وصاياك عهدا وميثاقا وحبا !