الأحد 5 مايو 2024
كتاب الرأي

أبو أيمن الفارح: الطفل ريان..كيف نخلف مواعيد البناء الحقيقي لدولة القانون والمسؤولية

أبو أيمن الفارح: الطفل ريان..كيف نخلف مواعيد البناء الحقيقي لدولة القانون والمسؤولية أبو أيمن الفارح
يعيش المغاربة وجزء كبير من سكان الأرض، منذ أزيد من خمسة أيام، على وقع حادث أليم يتمثل في سقوط طفل صغير في بئر لا يبعد إلا ببضعة أمتار عن بيت أسرته. تضامن المغاربة مع ولدهم وهذا الزخم الهائل من التضامن معهم عبر العالم، يجب ألا يحجب عنا جملة من الحقائق تبين كيف يفصلنا عن الوعي الحقيقي بمستلزمات وشروط التقدم، على كل المستويات، مساحات كبيرة وفي أعماق تضاعف مئات المرات المسافة التي تفصل ريان الطفل عن الضوء.
لقد شكل الحادث فرصة للمتاجرين بالمآسي من أجل الاغتناء بدغدغة مشاعر المواطنين البسطاء والرقص ببراعة وبخبث وبمكر على حبال الجهل الذي ينخر الشعب، هؤلاء الإعلاميون الجدد والمنشطون للغرائز البشرية الباحثة عن المتعة في كل صورها وتجلياتها. متعة الفرحة بإنجازات وهمية ومتعة الألم والتألم تنفيسا عن قهر وقمع وحرمان وتعبيرا عن حرية وحق في استنكار ما هو ليس محلا للاستنكار ولا حتى للتفاعل.
نحن أمام أفراد شعب يجلدون ذواتهم ويجلدون الآخرين بنفس الكرم وأكثر. يقومون بفعل كل شيء من شأنه أن يفقد الآخر البصر كليا على أن يحافظوا لأنفسهم على عين واحدة يرون منها العالم، كما يحبون ويريدون أن يروه، وليس أسهل من زاوية الرؤية هذه، تحميل الدولة لكل ما يقع، لجزء كبير منه، على الأقل.
لا يجب أن يزيغ بنا الحديث ويبعدنا عن قضية الطفل ريان وعن السؤال المشروع عن مسؤولية ما حدث له. من المسؤول؟
ونحن نتوسل الجواب، بما يضمن الحدود الدنيا لعدم إغفال أو نسيان أو تجاهل أي عنصر، لزام علينا بسط العناصر المسؤولة قانونيا عن البئر، حيث يرقد ريان تحت رحمة الله، بدءا من صاحب البئر، إلى الجهات الأخرى المختصة، بخصوص مسطرة الإنجاز وما بعد الإنجاز.
-الجهات المختصة، إضافة لصاحب البئر :
- وكالة الحوض المائي للجهة، مسؤولة عن تسلم الطلب وتتبع مراحل الإنجاز
- السلطة الحكومية المثلة في كتابة الدولة المكلفة بالماء واللبيئة
-السلطات المحلية (العمومية والمنتخبة)
1-طلب حفر البئر وجلب الماء يشترط توفيىر معلومات تقنية وقانونية يتضمنها طلب المعني بالأمر وقبول الطلب والإذن له بمباشرة الحفر مرتبط بتوفر شروط خاصة.
2-الجهة التي سلمت الإذن بالأشغال تتحمل مسؤولية تتبع الأشغال من بدايتها إلى نهايتها، بحيث يتسلم المعني بالأمر وثيقة نهاية الأشغال للإدلاء بها لكل غاية مفيدة وبموجبها تسقط مسؤولية هذه الجهة عن كل ما يحدث مستقبلا.
3-تدخل السلطات المحلية على الخط، مبدئيا، منذ بدء الأشغال باعتبار مسؤوليتها في كل ما يتعلق بالأمن وهي المهام التي تناط بها من خلال الشرطة الإدارية والأجهزة الموازية، التي يقع على عاتقها مسؤولية الأمن والوقاية والحماية، كل من مستوى مسؤوليته القانونية.
إن صاحب البئر مهجورا كان أو مشغلا يتحمل جزءا من المسؤولية إذا ثبت تقصيره في اتخاذ الإجراءات التي من شأنها عدم تعريض الغير للخطر، كما تتحمل باقي الجهات مسؤولياتها، كل من مستواها، في حال تقصيرها في القيام بواجباتها المذكورة آنفا.
من يتحمل مسؤولية ما وقع للطفل رايان؟
من يتحمل مسؤولية مئات الآبار المهجورة أو المشغلة والتي يتم حفرها بإذن أو بدونه والتي تشكل فخاخا دائمة النصب للبشىر والحيوانات؟
والسؤال الأكبر: من يتحمل وضع التهييج والتجييش والسمسرة والمتاجرة الإعلامية في مأساة إنسانية وإخضاع الشعب الأمي لضغط نفسي قد يؤدي لانفلات يصعب احتواءه، في ظل ظروف ضغط اجتماعي وسياسي ليست آمنة، بالرغم من الهدوء الخادع.