الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

اسماعيل فيلالي:100 يوم من عمل الحكومة

اسماعيل فيلالي:100 يوم من عمل الحكومة اسماعيل فيلالي
100 يوم من عمل الحكومة هو تقليد أمريكي تقيد به أغلب رؤساء أمريكا لتقديم خططهم الاستراتيجية التي تخص الوضع الداخلي و الخارجي للبلد لإخبار الرأي العام الأمريكي على كل ما سيقوم به الرئيس خلال ولايته الرئاسية، وحين نقول الولايات المتحدة الأمريكية فنحن نتحدث عن دولة عظمى لها تراكمات كبرى في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وتقوم بتدابير قوية، تكون حاسمة في تصحيح المسار والتخفيف من معاناة الطبقات ذات الدخل المحدود ..
وبعد المصادقة على ميزانيتها من لدن مجلسي النواب والشيوخ تشرع الحكومة في التنزيل الذي تتم مراقبته بدقة فائقة، وكل ذلك مخطط له ضمن استراتيجية كبرى تحدد التوجهات الأساسية للحكومة.
هذه القاعدة أصبحت تقليدا في العديد من دول العالم ومنها المغرب، منذ حكومة التناوب، وجاء رئيس الحكومة الحالي ليكرس هذا التقليد، حيث توجه للشعب المغربي عبر القناتين العموميتين. الأولى والثانية، بتقديم حصيلة 100 يوم من عمر حكومته، من خلال حوار، كان رئيس الحكومة يخبط فيه خبط عشواء ولم يحمل معه جديدا للمغاربة.
في اعتقادي ما قام به رئيس الحكومة لا يستقيم في المغرب ويبقى مجرد تقليد لأن 100 يوم ليست مقياسا لمعرفة نجاح الحكومة أو فشلها، بل لأننا لم نلمس أي تغير يذكر في البلاد، وكما يقول المثل العربي"نسمع جعجعة ولا نرى طحينا "، لأن انتظارات المواطنين المستضعفين في البوادي والأرياف والقرى لا يعطون القيمة لمثل هذه المناسبات لأنهم يهتمون بوضعهم المزري وبقوتهم اليومي خاصة مع شبح الجفاف الذي أصبح يلوح في الأفق، وبالمناسبة نتمنى أن تكونوا على أهبة لمواجهة هذا المعطى الطبيعي الذي لم يكن في الحسبان ...
لقد كان حوار السيد رئيس الوزراء مرتبا ترتيبا محكما وكانت أسئلته محصورة بالتمام و الكمال حيث كانت مجرد وعود بالتشغيل؛ وإصلاح التعليم والصحة التي تحتاج لربع قرن من الزمن لإصلاحها! وبإقرار الدولة الاجتماعية، ومحاربة الفقر والهشاشة، وتعزيز الديموقراطية ووو...
في خبطاته قال السيد الوزير أنه لم يجد الانسجام في الحكومات السابقة للعمل؟ لكن الذي لم ينتبه له الوزير ولا المحاورين انه كان ضمن الحكومات السابقة يقود القطاع الحيوي الكبير بالبلاد وكان يسيره بميزانية كبيرة تضاف إليها ميزانية صندوق تنمية العالم القروي التي قدرت بالملايير انطلاقا من برنامج التقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية الذي أعلنه الملك في خطاب العرش في يوليوز 2015 هذه الميزانية التي كانت تقدر ب 50 مليار درهم موزعة على خمسة قطاعات أساسية في العالم القروي وهي الطرق والمسالك، والماء الصالح للشرب، وكهربة العالم القروي ثم التعليم، والصحة.
قي الحقيقة لست مؤهلا لأناقش معطيات هذا البرنامج الكبير الذي خصصت له أموالا كبيرة وكان السيد الرئيس هو الآمر بالصرف ولم يكن في حاجة إلى الانسجام !! فقط أريد أن اطرح عليكم إن تفضلتم وتواضعتم أن تقوموا بزيارات ميدانية إلى القرى والبوادي لتتعرفوا على أحوال المواطنين المستضعفين وكيف هي أحوالهم وهل تحسنت أوضاعهم في هذه السنوات التي تم فيها إنشاء صندوق تنمية العالم القروي ؟؟
بكل صدق لا يزال العالم القروي يعيش على وقع الفقر والبطالة، وضعف قدرات العائلات الشرائية مع الغلاء الذي عرفته أسعار كل المواد الأساسية، وعجز وخصاص كبير على مستوى التوزيع المجالي الترابي للبنيات التحتية والخدمات الأساسية والاجتماعية. لكل القطاعات التي كانت معنية بالإصلاح ولا تزال التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية كبيرة وكبيرة جدا بين العالم الحضري والقروي ...
واعتقد أن الموارد المالية التي خصصت لصندوق تنمية العالم القروي لا تختلف عن الموارد المالية التي خصصت للبرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم والتي قدرت بالملايير ولم نر منه إلا القشور...
ان الواقع الذي يعيشه العالم القروي واقع مرّ بما للكلمة من معنى لأنه يعرف كل مظاهر العجز في جميع المجالات لذا وجب أن يكون العمل على إخراجه من هذا الوضع المتردي وبناء مستقبل أفضل للمواطنين الذي يعيشون فيه، في إطار الدولة الاجتماعية التي لا تقصي أحدا من سياستها كم يحلو لكم أن تقولوا السيد الوزير، ولأن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق في المجتمع إلا إذا أعطيت الأولوية للعالم القروي لأنه يشكل 90 في المائة من المساحة الإجمالية للبلاد ....
100 يوم مدة غير كافية، السيد الوزير، للحديث عن تقييم شامل ذا مصداقية وأغلب ما جاء في التصريح الحكومي هو مجرد مشاريع مخطوطة على الورق لم يتم تنزيلها أو أجرأتها على أرض الواقع، وحتى نرى بعضا من هذا الذي قلتم نتمنى أن تعملوا أكثر مما تتكلمون.