الثلاثاء 7 مايو 2024
كتاب الرأي

الصادق العثماني: القرآن الكريم وحرية العقيدة 

الصادق العثماني: القرآن الكريم وحرية العقيدة  الصادق العثماني
نعم، القرآن الكريم يبيح حرية العقيدة ولا يجبر الناس أبدا على اعتناق الدين الإسلامي، فالإيمان في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون عن اقتناع وحب وطواعية واختيار؛ لهذا توجيهات القرآن الكريم وإرشاداته تؤكد بكل وضوح على حرية العقيدة في الدين،  وهذا أمر طبيعي ومنطقي ما دمنا نقول بأن الإسلام هو دين الله،  إذ لا يتصور ان يرسل الله بشرا رسولا للدعوة لدينه،بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويطلب منه في الوقت ذاته فرض هذه الديانة على الآخرين وإجبارهم على اتباعها، ولو شاء الله سبحانه وتعالى ذلك، لما خلق البشر ابتداءً، أو لخلقهم مع فرض العقيدة عليهم فرضاً بمشيئته وقدرته دون حاجة لإرسال الرسل، وهو ما تؤكده الكثير من الآيات منها : قال تعالى "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة .." (المائدة: 48). "ولو شاء الله ما أشركوا .. " (الأنعام: 107). "قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين" (الأنعام: 149). "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً .." (يونس: 99). "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة .." (هود : 118). ".. ولو شاء لهداكم أجمعين" (النحل: 9). "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة .." (النحل : 93). "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها .." (السجدة : 13). "ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة .." (الشورى) :  كما أن فرض العقيدة من إنسان على آخر غير وارد عملاً، لأن الإيمان شيء داخلي يقوم على النية، وهو ما يطلق عليه القرآن الكريم بالقلب أحيانا، وبالصدر أحيانا أخرى، وبالنفس أحيانا ثالثة. ويفترض في مظاهر الإيمان الخارجية، من عبادات وغيرها، انها تعبر عن تلك النية الداخلية التي يوجد فيها الإيمان، وإلا لا يعتد بتلك المظاهر من الناحية الدينية. ولا أحد، كائنا من كان، يعرف النية في القلب أو الصدر أو النفس، إلا الله سبحانه وتعالى وصاحب تلك النية،  وعليه، يمكن القول بوجود ربط بين النية الداخلية وبين العمل أو المظهر الخارجي،  وعلى سبيل المثال، لا عبرة بالصوم المادي دون نية العبادة، وانما كان ذلك تمشيا مع الصائمين أو بنية تخفيف الوزن. كما انه لا عبرة لنية الصوم أو الحج ولكن دون صيام حقيقي في الحالة الأولى، ودون القيام بشعائر الحج في الحالة الثانية مع القدرة عليهما . 
وختاما، فالقرآن الكريم بصفة عامة أباح حرية الإعتقاد ومنع منعا باتا الإكراه في الدين فقال تعالى " لا إكراه في الدين " وقال تعالى " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وقال سبحانه " فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر" فنشر الإسلام بالقوة والسيف والدبابة والجبروت والإكراه يتعارض جملة وتفصيلا مع روح القرآن ومع تعاليم الإسلام، ومع الهدي النبوي عليه الصلاة والسلام الذي خاطبه ربه بقوله" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " .
 
الصادق العثماني، باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني