الأحد 5 مايو 2024
كتاب الرأي

عبد المجيد موميروس: ميغَالُومَانْيَا فَوزِي لَصْكَعْ .. مَتَى تَنْتَهِي؟!

عبد المجيد موميروس: ميغَالُومَانْيَا فَوزِي لَصْكَعْ .. مَتَى تَنْتَهِي؟! عبد المجيد موميروس
يؤكد المختصون والباحثون على أن المِيغَالُومَانْيَا، اضطراب نفسي ينتمي إلى خانة الاضطرابات الهَوَسِيَّة. ويتأسَّس وسواس التَّعَاظُمِ على اعتقاد مُتَعَالٍ بالتميز الفائق مقارنة بالآخرين. كما اعتبر المختصون والباحثون أن المصاب بوسواس التعاظُم قد يصل إلى درجة الإعتقاد أنه إلهٌ أو نبيٌّ أو زعيمٌ سياسيٌّ عظيم أو مُسَيّرٍ رياضيّ كبير. وذا راجع بالأساس إلى أن المصاب بالمِيغَالُومَانْيَا لا يَتَقَبَّلُ حقيقة نفسه، لذا يعمل على إختلاق عالم وهميٍّ يدعي فيه القدرة على فعل المعجزات والإنجازات الكبيرة.
فأنَّهَا أعراض التوصيف الطبي التي تنطبق بشكل واضح وجَلِّيٍّ على تسيير جامعة كرة القدم بالمغرب. فالجميع تابع تَمَظْهُرَات وسواس التَّعَاظُمِ في سلوكيات و تصريحات الوزير فوزي لَصْكَع رئيس الجامعة الكروية. حيث تمادى في العَنْجَهِيَّة اللاَّرياضية بعد أن تلاعب به مَكْرُ القدر التاريخي. ثم إنتهى مَصْفُوعًا مثل قُطَيِّطٍ ينظر إلى إسقاطاته على المرآة، و هو يعتقد نفسَه أسداً.
وحيث أن الكرة منفوخة بالهواء المضغوط، فإن فوزي لَصْكَعْ بالغ كثيراً في الضغط علينا بالهواء المُنْبَعِثِ من فَمِه، كما نَثَرَ   رَذَاذَ الأوهام على الجماهير الضَّمْآنَة. حتى كان الإنجاز الموعود سرابًا تَسبَّبَ في نكسة شعبية لن يجد وزير الجمع بين الميزانيات أمام فَظاعَتِها سوى الإستعانة بقاموس الخرافة لتبرير الخسارات المُذِلَّة.
وبعيدا عن بْلاطُوهَات التحليل الكروي، وعن تفاسير النقاد لضعف الخطط التقنية و هشاشة الاختيارات التكتيكية، و غياب الإنضباط الرياضي والإلتزام الوطني. يمكنُنا الجزم بأن حالة التَّعَاظم النفسي التي أصابت فوزي لَصْكَعْ، قد انتقلت عدواها إلى أقدامِ اللاعبين التي تَعالَتْ على عشب الملاعب واعتقدَت أن الألقاب ستدخل خزانة جامعة كرة القدم بالنَّفْخِ الإعلامي و الانْتِفَاخ النَّرْجِسِي.
بل .. لَعَلَّنَا في مسيس الحاجة إلى التحليل الملموس للواقع المنحوس. إذ لابد من العودة إلى مسار بَيْطَرَة النَّفْخِ و الإِنْتِفَاخ  الذي انطلق بِثِقَةٍ زائدة في قدرة المُتَوَهِّم على تَحزيبِ جامعة كرة القدم. حينها عمل بعقدة سياسوية ضيقة على احتكار أقدام وأقلام الكرة وترويضِها بأرباح الإشهار خدمة لأهداف حزبية غير رياضية. نعم .. 
هكذا كان واعتقد الوزير فوزي لَصْكَعْ أنه سيصنع مجدًا سياسيًّا بتوظيف جمهور كرة القدم التي تعتبر الرياضة الأكثر شعبية في المغرب، وتحويل الولع الشعبي نحو التحصيل الإنتخابي لفائدة تكتل سياسي معين.
فَمثلما تغلغل رُوَيْبِضَاتُ التدين الحاكمي، وتمكنوا من غزواتِهم السياسوية بإستعمال رخيص للدين. قد سارعت بَيْطرة فوزي لَصْكَعْ إلى توظيف كرة الهواء في السياسة بغرض كسب عاطفة جمهورها في الصراع الانتخابي. ثم تَجَلَّت له النتيجة فشلاً ذريعًا على جميع المستويات من تدبير شأن الحكومة إلى تسيير جامعة كرة القدم بالمغرب، دون أن يعترف بواجب تَحَمُّلِ المسؤولية في هذا الفشل الحضاري المُتَوَسِّع. 
هكذا بسذاجة البؤساء، تناسى الوزير فوزي لَصْكَع أن  الوعي العقلاني والإنجاز الميداني سيظلان وحدهما المعيار القمين بِحَسْمِ المباريات السياسية القانونية. بما أن دغدغة العواطف بالدين أو بِكُرة القدم لا ولن تَصْمُد طويلاً أمام مَطَبَّات السياسة ومطالب الشعب ومتطلبات المحيط العام. بل إن هذه التوظيفات الشعبوية والإنتهازية قد تقود المجتمع المغربي إلى صراع عقيم يأتي على الأخضر واليابس.
إن المجد الإنتخابي الذي يُبْنَى على توظيف الدين لا  يجعل كل من يَدَّعي "التَّقوى" رَجُلَ سياسةٍ حفيظٍ عليمٍ مُنْتِجٍ للتغيير الديمقراطي المطلوب. وكذلك توظيف البَيْطَرَة الكروية والركوب على مزاج هوائِها المُتَقَلِّب لا يمكن أن يمنح للوَطن الجريح رجل دولةٍ قادر على الإنجاز المرغوب.
وعليه .. يبقى لكل مجال ضَوابِطه و آلِيَّاته، بحكم طبيعَتِه والغايات المرجُوة منه. كما أنها السياسة ميدان النسبية الديمقراطية في  تَدبير الشأن العام  حتى نحَقِّق ما نستطيع إنجازه على أرض الواقع المحسوس، وأعني بذلك القدرة على تسجيل أكبر عدد من أهداف الديمقراطية والتنمية والألقاب الرياضية.
على سبيل الختم .. نهمس في وعي الجميع، كيْ نَفِرّ من قدر الله إلى قدر الله. حتى إذا هم نسبوا الفشل إلى فعل القضاء و القدر، فَإِنَّا نُسَائٍلُهُم عن النجاحِ : لِمَ سيكون منسوبا إلى فعل البشر؟!. فَحَقًّا أنَّه الهُزال القيمي لم يعد صالحا في زمن الذكاء الإصطناعي، وَلوْ كان للفاشل تبريرٌ قانوني لما أَلْفَيْنَا ضمن أحكام الميثاق الأسمى للأمة المغربية مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والمساءلة والمراقبة.
 
عبد المجيد موميروس، رئيس تيار ولاد الشعب بحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية