الجمعة 19 إبريل 2024
ضيف

محمد الروحلي سندباد الصحافة الرياضية المغربية

محمد الروحلي سندباد الصحافة الرياضية المغربية

... من الأسماء البارزة في مجال الصحافة الرياضية المغربية يطفو اسم محمد الروحلي رئيس القسم الرياضي للزميلة «بيان اليوم» ونائب رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية. لكن ما يميز هذا الصحفي العامل في الميدان منذ أزيد من ثلاثين سنة، هو حضوره لجميع التظاهرات الرياضية الكبرى بالقارات الخمس، مما يسهل تلقيبه بسندباد الصحافة المغربية...

 

محمد شروق

 

محمد الروحلي حضر فعاليات أربع دورات أولمبية وثلاث كؤوس العالم وسبع دورات لبطولة العالم لألعاب القوى. شارك أيضا في مؤتمرين للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية كممثل للجمعية المغربية للصحافة الرياضية، واحد بنيويورك 2004، والثاني بسيول 2011. نصيب كؤوس إفريقيا من رحلاته كان ثلاث دورات فقط.

كان الروحلي حاضرا أيضا في تنظيم أول دورة لكأس إفريقيا لكرة القدم الشاطئية بجنوب أفريقيا سنة 2006، وفي سنة 1992 كان رفقة الوداد بالسودان بمناسبة إجراء مباراته ضد الهلال السوداني برسم اقصائيات كأس إفريقيا للفرق البطلة .وكان أيضا حاضرا رفقة الرجاء بالقاهرة بمناسبة تنظيم كأس العرب الممتازة سنة 1996.

حضر مؤتمرات الفيفا بزوريخ السويسرية الخاصة بالإعلان عن البلد المحتضن لمونديال كرة القدم، خلال دورتي 2006 و 2010، وآخر تظاهرة غطاها كانت منذ أسابيع فقط بالعاصمة التايلاندية بانكوك التي احتضنت كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة بمشاركة المغرب.

سنة 1999 ذهب السندباد إلى مدينة نيويورك بدعوة خاصة من طرف سعيد عويطة، لتغطية ماراثونها الشهير، وكان من بين منشطي رواق مدينة الدار البيضاء بالمعرض الذي ينظم عادة على هامش هذه السابق الشهير، وهو الصحافي المغربي الوحيد الذي حضر الاحتفال الخاص الذي نظمته قناة الجزيرة بقطر سنة 2000 على شرف البطلين المغربيين سعيد عويطة ونوال المتوكل بمناسبة اختيارهما كأفضل رياضيين عرب في القرن العشرين.

كل الجولات عبر الجهات الأربع للعالم، جعلت محمد الروحلي يطلع على ثقافات وعلى شعوب مختلفة نسج خلالها حكايات وطرائف يجب أن تروى. لكن التفاصيل يتهيأ الروحلي لنشرها مستقبلا في كتاب. وفي سنة 2000 بمدينة سيدني الاسترالية، كان الروحلي رفقة الصحافيين رشيد جعفر (صحفي مغربي مقيم بواشنطن) ومحمد بنشريف (من وكالة المغرب العربي للأنباء) لتغطية الألعاب الأولمبية. اشترى الثلاثة بيتزا وقرروا الذهاب لاقتسامها مع هشام الكروج بمقر البعثة المغربية لألعاب القوى. إلا أن جهلهم بالطريق جعلهم يتيهون في شوارع سيدني لمدة تفوق ثلاث ساعات، وصلوا بعدها إلى مقر إقامة الوفد بعد الساعة الحادية عشرة ليلا. وجد الصحافيون الثلاثة أغلب العدائين يستعدون للنوم، أما الكروج فكان بمعنويات لا تبشر بخير، وقد أطلق العنان للحية مشتتة. عندها قال الروحلي لزميليه: هشام لن يفوز بالذهب الأولمبي. وبالفعل جاء الكروج ثانيا في سباق 1500م وراء الكيني نغيني، في مسافة سيطر عليها العداء المغربي لمدة أربع سنوات. والّذي مازال عالقا بذاكرة الروحلي هو موقف مصور الجزيرة الذي كان يأخذ صورا للكروج وهو جالسا القرفصاء لم يتمالك المصور نفسه، فانخرط مع الكروج في البكاء، وهو يقول بصوت مشحرج : «لا تبك يا بطل.. أنت البطل...».

بألمانيا، وخلال تغطيته لمونديال سنة 2006 رغم عدم تأهل المغرب، كان الروحلي عائدا على متن القطار من هامبورغ إلى برلين مقر إقامته، وأمام التغيير الذي طرأ على المحطة الرئيسية التي دشنت بالمناسبة، اختلط عليه الأمر، فسافر به القطار إلى ألمانيا الشرقية. عمل الروحلي بنصيحة أحد المواطنين المغاربة المقيمين ببرلين، والذي اتصل به هاتفيا، ليظل صاحبنا بالقطار لمدة ثلاثة ساعات إضافية، نزل في المحطة الأخيرة بمدينة دريسدن، دون أن يغادرها خوفا من مصادفة حليقي الرؤوس، «النازيون الجدد»، المتواجدين بكثرة بهذه المنطقة، ويكنون عداء كبيرا للأجانب، انتظر الروحلي داخل المحطة عودة القطار لمدة ساعة، وبعد ثلاث ساعات أخرى من السفر، عاد أخيرا لمحل إقامته ببرلين منهوك القوى.

يقلب الروحلي صفحات كتاب ذكرياته، ويحكي أنه في سنة 2001 عندما سافر إلى ايدمونتن الكندية لتغطية بطولة العالم لألعاب القوى، وجد نفسه في فندق رخيص الثمن لا يقطن به إلا السكان الأصليون للبلد، ومسجل خطر لدى رجال الأمن. لا أحد هناك يتكلم الفرنسية والكل غارق في بيع واستهلاك المخدرات. دامت الإقامة 13 يوما، لم يتعرض خلالها لأي مكروه، مع العلم أن محمد بن الشريف ، التحق به بنفس الفندق، مما خفف من وطأة الموقف وصعوبته.

سنة 1996 بجنوب إفريقيا حيث يباع الرصاص لدى الفراشة بدرهم واحد للرصاصة، وجد الروحلي نفسه فجأة عندما كان يسأل فتاة عن أحد الاتجاهات أمام عصابة مسلحة نزلت من سيارة بلا أضواء. سال قائد العصابة الفتاة عن ما اذا تعرضت لتحرش أو اعتداء. الحمد لله أن الفتاة أجابت مبتسمة بالنفي ومر الأمر بسلام بعد أن بلع سندبادنا ريقه من شدة الخوف، خاصة وان سلاحا ناريا كان أمام صدره.

بمناسبة إجراء كأس العرب الممتازة بالقاهرة سنة 1996 بمشاركة فريق الرجاء البيضاوي، صادف أن النادي المكناسي تواجد بالإسكندرية للعب ضد الزمالك مباراة في إطار كأس افريقيا للأندية. الوفد الصحافي الذي كان بالقاهرة، قرر السفر الى الاسكندرية لدعم النادي المغربي. عندما حضرت الحافلة المكتراة، انطلق السائق بسرعة فائقة و طلب من الجميع فتح النوافذ ليعرفوا أنهم انخدعوا لأن الحافلة غير مكيفة مع أن الحرارة لا تطاق. لم يحتج أحد واستمر السائق في زيادة السرعة دون أن يأبه بأي كان، إلى درجة أنه رفض الوقوف حتى أمام حاجز أمني. الرعب والخوف استبدا بالوفد الإعلامي المغربي. ومع ذلك أوصلهم السائق إلى مدينة الإسكندرية، ولما حاولوا معرفة سبب سرعته وتهوره، أخرج لهم صفيحة من حبوب «القرقوبي» التي يدمن على استهلاكها.

في أولمبياد لندن الأخير يروي الروحلي أنه مباشرة بعد الوصول إلى العاصمة البريطانية، صحبة بعثة الصحافة المكتوبة، كان لازما عليهم التوجه إلى اسكتلندا لحضور مباراة المغرب ضد بنما في كرة القدم، والوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة لهم، هي الحافلة. عندما وصل الوفد إلى اسكتلندا بعد رحلة دامت تسع ساعات لم يجد أفراده ولو غرفة واحدة فارغة بأي فندق. انتهت المباراة لتبدأ رحلة متعبة أخرى. رحلة العودة إلى لندن و تسع ساعات أخرى عبر الحافلة، أي يومين بدون نوم، وخلال شهر رمضان. في هذه الرحلات ما يرهق الروحلي دائما هو الفارق الزمني بين المغرب والبلدان الأخرى. فهناك من جهة الارتباط بتوقيت إقفال الجريدة بالدار البيضاء وهناك العمل في الميدان في البلد المنظم للتظاهرة الرياضية. فعندما تنتهي المنافسات، يتم تحرير المادة الصحافية وإرسالها وانتظار ساعات طوال حتى يتم الاتصال بطاقم الجريدة. هذا يعني أن الصحافي يجب أن يكون مرتبطا بتوقيت بلدين يصل الفارق الزمني بينهما في بعض الحالات لأزيد من إحدى عشرة ساعة كاملة.

ويتذكر الروحلي بافتخار عندما كان المغرب في مصاف الدول الأولى في العاب القوى. ففي تلك التظاهرات كان الصحافي المغربي محط اهتمام وسائل الإعلام الدولية، بل يتحول إلى مصدر أخبار الأبطال المغاربة ويستغل كل فرصة وباعتزاز للتعريف ببلده. لكن مع أفول زمن الأبطال حل زمن المنشطات والفضائح كما حدث في أولمبياد لندن 2012.

هذا جزء يسير فقط من مسيرة الروحلي الطويلة مع التظاهرات الدولية والتغطيات الصحفية، وما يحدث خلال الأسفار والتنقلات بين الدول والقارات، وإذا كان في السفر سبع فوائد، فكم يا ترى استفاد الصحافي محمد الروحلي من هذه الأسفار في جميع بقاع العالم؟ ألا يستحق بالفعل لقب سندباد الصحافة المغربية؟