الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

منعم وحتي: المغربيات والجزائريات أشرف من كل الهلوسات العسكرية..

منعم وحتي: المغربيات والجزائريات أشرف من كل الهلوسات العسكرية.. منعم وحتي
السيد الدراجي، إن صح ما تفوهت به في حق المغربيات، أذكرك، بتجميع ما ورد على لسان مغاربةٍ، تحرك في دواخلهم سوءُ ما قلتَ وردوا باللسان الدارج والفصيح، تذكيرا بالتاريخ الجارح، وهالني حجم الكتابات التي أسست لفهم منطقي لتاريخ المنطقة في الموضوع..
أنقل إليك على لسانهم ما قد يجرح كبرياءك المتضخم الأنا، دفاعا عن كل المغاربيات، وليس المغربيات فقط..    
فتاريخ الدعارة الكولونيالية في الجزائر أكثر حدة من كل بقية الدول المغاربية، ليس بالضرورة نظرا لطبيعة المرأة الجزائرية، بل لأسباب موضوعية، أولها تطبيع "البلد" أثناء الاحتلال العثماني مع الدعارة، وهو الاستعمار الذي دام أزيد من أربعة قرون، ودولة الجزائر لم تتشكل بعد بمقوماتها الكاملة، بل فقط إمارتي تلمسان وبجاية لمدة محدودة، واللتين كانتا في أغلب الأوقات تابعتين إما لتونس أو المغرب..
في فترة حكم العثمانيين للجزائر، كانت للغاوني المتخصصات في الدعارة حظوة كبيرة، هن سيدات كان المجتمع يتقبلهن آنذاك، لأنهن كن مغنيات وشاعرات، ويحيين الأعراس والحفلات والمواسم.. لذلك كان مايسميه الباحثون نسبة المرونة مرتفعة.. أي أن انتقالهن من وضع الدعارة إلى وضع سيدة منزل.. بعد الاعتزال.. أمر سهل..
السبب الثاني لانتشار ظاهرة الدعارة بالجزائر، هو عدد الجنود الفرنسين بعد احتلالها، والذي بلغ مليون ونصف جندي، زائد 700 ألف حركي، زيادة على المدة الطويلة للتواجد الفرنسي في هاته الأراضي، التي ستسمى مستقبلا الجمهورية الجزائرية، بعد 132 عاما من الاحتلال.. حيث أن فرنسا اضطرت لتنظيم قطاع الدعارة، تحت مسمى BMC أي
Le bordel militaire de campagne.. 
لكن عدد الفرنسيات اللواتي تم جلبهن كان قليلا، إلى درجة أنه بدأت نسبة الجنس البيني الذكوري تتفشى بين الجنود الفرنسيين، مما اضطر الإدارة الفرنسية لتنظم قطاع الدعارة الجزائري، فخلقت دور دعارة ضخمة، فيها نساء جزائريات، لكنهم فصلوا بين "البورديلات" المخصصة للفرنسيين والأخرى الخاصة بالجزائريين، لتفادي اختلاط الأنساب، لأسباب عنصرية، ولأسباب طبية، ونظرا للخوف مما كان الفرنسيون يسمونه Le sifilisse arabe.. وكان من يتكلف بجمع البنات واختيارهن هو مايعرف عند الجزائريين ب "أمزواك"، وهو من ينسق انتقاء نساء الدعارة والعلاقة مع الزبناء، ويُخضعون المشتغلات في "البورديلات" للفحص الطبي المستمر والضريبة وطرق الأداء.. وكانت البنات المخصصات للفرنسيين يلبسن لباسا أوروبيا وعدد منهن يستبدلن ألقابهن الأصلية بأسماء فرنسية.. وهناك من استمرت أسماؤهن الفرنسية لمدة طويلة.. فتشكلت بذلك أحياء كثيرة مختصة في الدعارة المقننة بالجزائر، وكان تطبيع الأهالي كليا مع ظاهرة الدعارة، إلا في حالات ناذرة لبناء "بورديل" قرب مسجد ما، حيث كانت تتحرك بعض العرائض الاحتجاحية فقط لاستبدال مكان الماخور وليس لإلغائه.
ظاهرة الدعارة كانت مستفحلة بشكل واسع جدا في مدينة قسنطينة، والتي كانت عاصمة السياحة الجنسية، حيث بلغ عدد الغواني فيها فقط 30 ألف.. إلى درجة أنه في بعض المواسم كانت تنظم حفلات جماعية للجنس والدعارة، وكانت موروثة عن بعض العادات الصوفية العثمانية، وهو ما منعته بعد ذلك فرنسا، لتعارض الظاهرة مع قوانين الدعارة التي أملاها الاستعمار الفرنسي، وحماية للمتعة الخاصة للجنود الكولونياليين.   
ملحوظة لها علاقة بما سبق:
إن في تاريخ المغرب، أيضا إشارة لأمكنة شبيهة "بوسبير"، لكن فليتذكر ذوو سوء النية في الإساءة للمغاربيات، أن قبائل أيت عطا وعسو أوبسلام، فرضوا على فرنسا أن لا ترقص الأمازيغيات في أي حفل يحضره الفرنسيون وجنودهم.
خلاصة: المغربيات والجزائريات فوق حاجب أي عين مصابة بالعمى..