السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي: امتلاك السكن وقانون المعاملة التفضيلية بين الوزارة والعمران

عتيقة الموساوي: امتلاك السكن وقانون المعاملة التفضيلية بين الوزارة والعمران عتيقة الموساوي
 أليس من الغبن أن يلجأ موظف بقطاع الإسكان وسياسة المدينة لمؤسسة العمران لأجل اقتناء سكن له ولعائلته، فيعامل معاملة الغرباء عن مؤسسة من المفروض أن تتبنى طلبه قبل أي كان وتعطى له معاملة الأفضلية بالإنتماء!!؟
أليس من المفارقات المثيرة للجدل أن يعامل مستخدمو العمران بأفضلية إقتناء السكن، وتمنح لهم تسهيلات يُحرم منها باقي موظفي الإسكان..!!؟
وأليس موظفو الوزارة  كمستخدمي العمران، يجلسان على طاولة واحدة في عمل واحد وأوحد وهو الرفع من مستوى وجودة هذا المرفق السكني العام!!؟
ما دفعني لطرح التساؤل هو وجود شريحة هامة من موظفي الوزارة يبحثون عن سكن يأويهم وذويهم، فيلجأون لمقرات العمران ولكن يدخلونها كالغرباء، يتصفحون صور الإقامات السكنية على المكاتب كاليتيم يوم العيد.. لا أولوية.. ولاشروط ولا معاملة  تفضيلية.
من المحزن والمخزي أن يلتجأ موظفو الوزارة لشركات أجنبية منافسة، لتلبية الطلب، ومنتوج العمران يملأ المدن..
إنه وضع أحسبه شاذا عن القاعدة، وبه نشاز في علاقة موظفي الوزارة بهذه المؤسسة التي خرجت ذات يوم من رحم هذه الوزارة.
رافقت مؤخرا إحدى الزميلات الموظفات على سبيل التشاور والمساعدة لدى شركة العمران لأجل  اختيار سكن بسيط لها، ولا مجال لسرد قصتها وما حمتله من هم السكن طيلة سنين عمرها وعملها بالوزارة لتصطدم بقلة المورد المالي وعجز  بسيط في التموين.. لكن ليس هذا هو بيت القصيد، بقدر ما هو متعلق بإحساس مريب يشعره كل من يلجأ للعمران كمؤسسة تابعة للوزارة، تعنى بالسكن وتعامل الموظف كأي مواطن عادي.. بل الأكثر، كمجرد زبون ليس إلا.. لا عروض تفضيلية ولا تخفيضات.. فأنت زائر لدى العمران وكفى.. 
جميل أن يعامل الموظف الإسكاني كمواطن هذا شرف له، ولكن الذي ليس مقبولا أن تعامله كزبون للعمران وأنت تعلم أنه يشاطرك حمل هم خدمة هذه الوزارة العتيدة في اختصاصاتها وثقلها ووصايتها أيضا على العمران.. إحمل ما شئت من أوراق ملفك الثبوتية،   فالعمران لا تعترف إلا بالدفع الكاش أو التموين البنكي.. وهذه حقيقة للأسف.
حين عرّف القانون مهمة وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عرّفها على أنها راعية إعداد وتنفيد السياسة الحكومية في ميدان السكنى وسياسة المدينة تتولى مسؤولية إنعاش وتشجيع السكن الإجتماعي وتنشيط ميدان الإنعاش العقاري،  إضافة إلى وضع الأسس المرجعية لسياسة المدينة والعمل على تعبئة العقار العمومي، إستجابة لمتطلبات التمدن السريع.. ومؤسسة العمران عرفها بحكم القانون أنها الذراع الأيمن المنفذ  لهذه السياسة، فحين تشكلت مجموعة شركات العمران بالاندماج  OPH (ANHI SNEC وAttacharouk) وERAC. كانت عملية إصلاح للترقية بها سمحت بتوحيد وتحسين قدرتها التنافسية لمواجهة التحديات التي تواجه قطاع الإسكان، حتى أضحت مقاولة عمومية استراتيجية ذات تجذر وانتشار جغرافي قوي،  تأكد دورها وطنيا وجهويا كمؤسسة مرجعية في مجال السكن والتهيئة وذلك من خلال ما تقوم به من مبادرات وما تطلقه من مشاريع لمواكبة البرامج العمومية ذات الصلة بالسكن.
أين الفرق إذن ..؟! اليوم كما يقال "لحم كتاف العمران من خير الوزارة" وحتى موظفوها الأوائل هم من صنعوا  أمجادها واجتهدوا في الصعود بها نحو قمة الهوليدنغ.. والأكثر من هذا، تستفيد من دعم مالي يضخ في ميزانيتها بسخاء الملايير لأجل القيام بالمهام الموكولة لوزارة الإسكان والتعمير في إنتاج السكن والسكن الاجتماعي، ولا زالت تستفيد بحكم تبعيتها للوزارة الوصية من الخدمات الإجتماعية للأعمال الإجتماعية للوزارة والمؤسسات التابعة لها، ومع ذلك تتغنى بسمفونية نشاز استقلاليتها.
صحيح أن العمران توسعت وأصبحت منافسا قويا للشركات العقارية الكبرى، ولكنها بالمقابل "تهلات في رأسها وفي ناسها" وتطبق بالحرف المثل القائل "لي ما دار الخير في راسو، بحال لي فالكاعة موضر فاسو".. 
 القاعدة عند العمران مع مستخدميها كقاعدة باقي القطاعات الأخرى التي تعطي أفضلية لموظفيها ومستخدميها مما يشعرهم بفخر الإنتماء كما هو معمول به في قطاعات أخرى تستفيد من منتوجاتها كامتياز  تسهيلات ولوج الفنادق في قطاع السياحة وتخفيض رسوم استهلاك  الماء والكهرباء في المكتب الوطني للماء والكهرباء إن لم يكن التزود المجاني أحيانا، ومنح سعر القرض التفضيلي بالنسبة للأبناك،  وامتيازات الولوج للقطارات والحافلات في قطاع النقل وحتى الطائرات والإتصالات.. وغيرها.
يحز في نفسي،  ولا أعلم سبب لعدم توجيه الإهتمام لموظفي وزارة السكنى من الإستفادة من منتوج سكني دائم يلائم الحاجيات السكنية المتزايدة لقبر الحياة. قد يقول البعض، كانت محاولات سابقة لكن قليلة ومتفرقة.. تمت بمحدودية ولم ترق لمستوى التعاقد الإتفاقي الدائم وتشريع الأفضلية بين العمران وأهل الوزارة.
آمل في القريب العاجل.. ونحن اليوم مقبلون على استكمال هياكل المؤسسة الإجتماعية للوزارة والمؤسسات التابعة لها، أن تكون فرصة جديدة على عاتق من يسارعون للظفر بمقعد في الإدارة القادمة، أن يضعوا أمام أعينهم السكن كمطلب أساسي للترافع حوله والتفاوض مع العمران بشأنه، وعليه، حان وقت العمل للتحرك خصوصا مع إحداث المؤسسة الإجتماعية القادمة بالوزارة، بجعل السكن التفضيلي ضمن الأولويات والمطالب الملحة.
وأختم قولي هذا بقوله تعالى {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون}.
 
عتيقة الموساوي كاتبة مختصة في السكنى والسكن الاجتماعي.. رئيسة قسم مكلفة بمهمة بمديرية الشؤون القانونية بوزارة إعداد التراب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة