الجمعة 29 مارس 2024
جالية

خروج الأمهات المغربيات لحراسة الأحياء بأمسترام.. نقمة أم نعمة؟!

خروج الأمهات المغربيات لحراسة الأحياء بأمسترام.. نقمة أم نعمة؟! صاحبة المشروع فاطمة الزهراء بابا وأخوها مصطفى بابا وأمهات مغربيات لحراسة الأحياء ليلا بأمستردام
الكل لا يزال يتذكر المواجهات التي عرفتها مقاطعة سلوترفارت بين الشباب المغربي و البوليس الهولندي بساحة أوكوست بلاين في عام2000 بعد الاعتداء العنيف الذي تعرضت له أسرة من أصول مغربية على يد شرطي الحي وهي النقطة التي أفاضت الكاس.

بلدية أمستردام انذاك، وأمام ضغوطات الشارع وحدة المواجهات المشتعلة، دفعت بالبلدية إلى تعيين البرلماني السابق بإسم الفريق النيابي لليسار الأخضر، بيتر لانكهورست، لتكوين لجنة للتحقيق في الأوضاع التي يعيشها الشباب المغربي في أحد المقاطعات الأكثر فقرا وتهميشا بمدينة أمستردام الغربية.

اللجنة المذكورة قدمت 56 مقترحا للمدى القريب والبعيد للنهوض بالشباب المغربي ومحاربة التأخر المفروض عليهم آنذاك.
ولا زالت الأوضاع كما كانت من قبل وزادت في التفاقم ولم تنفع تلك المقترحات الأسر المغربية والمهاجرة في شيء. بل إن الأموال التي تم توظيفها لم تحقق الأهداف التي طالب بها أبناء الأحياء في مقاطعة سلوترفارت.

ولإرغام الشباب الغاضب إلى بيوتهم، تم خلق " مشروع Buurtvaders " من آباء مغاربة للتفاهم مع أبناء الحي وًهي مبادرة أقل ما يمكن القول عنها أنها جاءت لذر الرماد في العيون أمام غياب سياسة شبابية بالمدينة. وقد تعالت أصوات سياسية ومدنية عدة آنذاك تطالب البلدية بسحب هكذا مشروع لأن مهمة الآباء هي العمل على دعم ومساندة أبناءهم تربويا في حين تبقى لسلطات مطالبة بتوفير فرص الشغل والتدريب Stages للشباب ومحاربة التمييز العنصري الذي ينخر المجتمع الهولندي. في حين طالب اخرون بضرورة إبعاد الآباء عن الحي لأن ما يرتبط بأمور استقرار الأحياء هي من مهمة الشرطة.
 
بعد مضي اكثر من عشرين عاما بالتمام و بمبادرة من مؤسسة SAAM التي يديرها مصطفى بابا وأخته فاطمة الزهراء بابا بسلوترمير، تم خلق مبادرة فوطوكوبي لما عرفته مقاطعة سلوترفارت ومدن هولندية أخرى، و لكن هذه المرة مبادرة بصيغة المؤنت حيث تم تسخير حوالي ست نساء مغربيات، غالبيتهم ينتمين الى مقاطعة اخرى و يحصلن على التعويضات الاجتماعية ) Uitkeringen ). أمهات غادرن البيوت لمراقبة وحراسة الأحياء و التحدث الى الشباب المغربي ليلا و دعوتهم للعودة الى بيوتهم .
وحسب تقرير أنجزته بلدية أمستردام خلال سنوات مضت، تعد مقاطعة خوزنفيلد سلوترمير من أفقر المقاطعات بأمستردام، ويعاني شبابها خاصة من أصول مغربية و تركية، الحرمان والإحباط و معدل البطالة جد مرتفع كما ان التعاطي والاتجار في المخدرات يتزايد امام استغلال البارونات، للشباب العاطل في المنطقة المذكورة. فالشباب قد فقد الامل في المستقبل وًمطالبته بالعودة الى البيت أمر يدعو للغرابة لأن بقاءه بين الجدران يزيده تعاسة و احباطا وخروجه الليلي هو عبارة عن متنفس بعيدا عن مضايقة الآباء له و المجتمع الذي لم يحقق له انتظاراته واحلامه .
بخصوص هذا الموضوع كان لدي لقاء بالعديد من نساء الأحياء ممن عبرن عن رفضهن واستنكارهن لخروج الأمهات ليلا و اعتبرن هذه الخرجات ستزيد من تعميق الجراح، و هناك من النساء من دعن قائلات بان الامهات لهن أجندات يومية مكثفة وهن ملتزمات بتربية الأطفال والأبناء و ان السلطات محليا ووطنيا مطالبات بتوفير مناصب الشغل للشباب الهولندي من اصول مغربية وتركيةً و كذلك محاربة العنصرية التي تمنع التلاميذ المهاجرين من الحصول على أماكن التدريب في المؤسسات بالمدينة .
خديجة من خوزنفيلد، أم لخمسة أولاد، تقول متسائلة: هل لهاته الأمهات أسرة أم لا؟ فكيف يمكن للأم أن تغادر ليلا لتقوم بحراسة الأحياء وتترك ادأبناءها لوحدهم ؟ 
وأضافت بأن الأم و الأب معا يتحملان المسؤولية التربوية والعمل على ضمان مستقبل الابناء وعلى الدولة أن تستجيب لحاجاتهم و تضمن الرفاهية و الأمن لهم .
أما الشاب أنس، الساكن في سلوترمير عبر عن مبادرة SAAAM بقوله : " أكون مضطرا الى مغادرة البيت لكي اترك المكان لاخواني واخواتي لمراجعة دروسهم فمنزلنا صغير و لا يتسع للجميع ، منذ سنوات و انا أبحث عن العمل وأحس بعزلة تامة في هذا المجتمع الذي لايرحم ! انا أساعد أمي وأقف الىً جانبها للتخفيف من كثرة الأعمال المنزلية خاصة وأننا فقدنا والدنا منذ سنوات عدة. أنا لا اريد لأمي ولا أية ام أن تخرج الى الشارع لتحل محل الشرطة و تقوم بالحراسة الليليةً، لان هاته الاخيرةً هي من مهام الشرطة و الاجهزة الامنية و انته الكلام !"
اما الاستاذ محمد عمراوي، مدير مؤسسة "أمرونيس"، المتخصصة في المناهج والبرامج التعليمية و البيداغوجية، فكان له راي لخصه في رسالةبعثها يقول فيها : " أولا تعقيبا على البرنامج، الملاحظ هو أن بعض النسوة في البرنامج لايجدن اللغة الهولندية التي يتحدث بها كثير من الشباب في الشارع. النساء يتحدثن على الاولاد وليس على البنات، مع العلم أننا نعرف بأن هناك حالات مع البنات وليس مع الأولاد فقط. هذا من جانب، أما من الناحية الاخرى، هل هذا سيقتصر على الكلام فقط مع الشباب أم أن الهدف هو خلق فضاء اخر لهولاء الشباب من أجل إيجاد حلول للمشاكل وايجاد الفرص الاخرى والتي هي من مسؤلية الدولة/الحكومة وليست من مسؤلية الاحياء.
من الجانب الاخر هو ايضا مهم جدا لطرح السؤال هو هل النساء/الامهات ليس لديهن اولاد صغار في المنزل وبالخصوص عندما يتعلقالامر بالمساعدة ليلا في الشوارع؟
فالصغار في امس الحاجةً بالمنازل الى العناية والاهتمام المستمر .
وحتى وان كانت النوايا حسنةً فان قراءة الوضع و ايجاد اجوبة عنه و يتطلب تفكيرا سليما وجديا لايجاد حلول ناجعة، لما يحدث في الاحياء الشعبية بأمستردام."