الخميس 25 إبريل 2024
خارج الحدود

بقيمة 100 مليون دولار: تبون يريد شراء بكارة فلسطين لفك العزلة عن الجزائر

بقيمة 100 مليون دولار: تبون يريد شراء بكارة فلسطين لفك العزلة عن الجزائر عبد المجيد تبون، ومحمود عباس
فجأة يتذكر جنرالات الجزائر اليوم أن هناك قضية اسمها فلسطين، وأن هناك شعبا مسلوب الهوية والحقوق والإرادة على أرض محتلة تعاني ظلما تاريخيا منذ عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي. 
فجأة يصحو الجنرالات وينهضون من قاع النسيان، أما قبلها فقد كانوا مشغولين بالحرب الأهلية على امتداد العشرية السوداء، وبتفاعل مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والدفع به نحو عهدة خامسة، فقط من أجل مواصلة انهماكهم بهندسة خراب البلاد بعد أن صادروا خيراته. ثم انشغالهم، قبل هذا وذاك، بمشروع فصل صحرائنا عن محيطها المغربي الطبيعي عبر خلق كيان وهمي ضمن جمهورية وهمية تقيم على جزء من التراب الجزائري.
نورد هذه الكلمات على ضوء الزيارة الرسمية التي يقوم بها، هذه الأيام، محمود عباس رئيس دولة فلسطين إلى الجزائر، وبشكل خاص على ضوء كلمة عبد المجيد تبون التي ألقاها في الندوة الصحفية التي جمعته مع محمود عباس يوم الاثنين 6 دجنبر 2021.
تبون أعلن في هذه الندوة عن تقديم شيك عبارة عن مساهمة مالية من الجزائر بقيمة مائة مليون دولار لرئيسِ دولة فلسطين. كما أمر بتخصيص 300 منحة دراسية لفائدة الطلبة الفلسطينين. ثم أعلن كذلك عن قرار استضافة بلاده لندوة جامعة للفصائل الفلسطينية " بعد أخذ الرئيس عباس".
هنا كان واضحا أن تبون يكشف عن عمق موقف الجنرالات، ورؤاهم الدبلوماسية القائمة على النفاق، وعلى التعاطي الفصامي مع قضايا العرب ومع إفريقيا والعالم. إذ كيف يعقل أن يتحدث مندوب الجنرالات عن نصرة الوحدة الفلسطينية، و تدعيم العربي المشترك وبلاده تمتهن، منذ قرابة خمسين سنة، خططا جهنمية لطعن المغرب في وحدته وأمنه واستقراره؟
وكيف له ذلك وهو أحد معاول هدم مسلسل الاستقرار في ليبيا  وفي مالي، وفي غيرها من الامتداد الإفريقي؟
وكيف له ذلك وهو أحد عوامل تشتيت الوحدة الفلسطينية عبر دعمه منذ عقود لخط التشدد ضد خط القائد التاريخي ياسرعرفات؟
يتضح الجواب عن هذه الأسئلة من خلال صياغة أسئلة أخرى أكثر بلاغة مما سبق:
هل كان الجنرالات سيتذكرون فلسطين اليوم لو لم تكن هناك قمة عربية في الأفق يريدون لها أن تلتئم مع أن كل الوقائع والمعطيات تؤكد أنها لن تنعقد، أو أنها ستكون نصف قمة أو ربعها، وأنها حين تنعقد ستؤذن بنهاية القمة لا بانبثاقها من جديد؟ تبون نفسه يفضح نفسه حين يقول في الندوة نفسها "ارتأينا ونحن نتأهب لاحتضانِ القمة العربية المقبلة، أن نسعى جاهدين لوضع القضية الفلسطينية فـي صلب أولويات هذا الحدث الهام الذي نأمـل أن يكـــون شاملا وجامعا وأن يشكلَ انطلاقة جديدة للعمل العربي الـمشترك".
هل كان الجنرالات سيستقبلون محمود عباس لولا وجودهم اليوم في حالة عزلة سياسية ودبلوماسية عربية وإفريقية ودولية بعد قطع العلاقة مع المغرب، وبعد توتر العلاقات مع عدد من الدول العربية على خلفية خدمة المشروع الإيراني؟ وكذلك بعد تدهور علاقاتها مع فرنسا وإسبانيا...؟
من هناك يتضح ترهل واهتراء المقاربة الدبلوماسية القائمة على فكرة تبديل القناع والقناعة المضاد كلما تبدل الظرف والسياق.
إن من يحب فلسطين يحبها دائما وإلى الأبد، لا فقط حين يكون منبوذا من محيطه العربي والإقليمي والدولي،  ومن شعبه أولا وأخيرا.