بمجرد ما انطلقت فعاليات الدورة 35، المغربية، لنهائيات كأس الأمم الإفريقية، وبمجرد انتهاء حفل الافتتاح، الرائع بشهادة إعلاميي العالم المتقدم قبل غيرهم، واختتام المباراة الأولى التي جمعت المنتخب الوطني المغربي بنظيره القُمُري، بدأت تطفو على السطح طفيليات لم تفاجئ في حقيقة الأمر أحداً، لأن المتتبعين والمتخصصين في مجال الإعلام الكروي كانوا ينتظرون شطحاتهم ويتوقعونها... فكيف ذلك؟!
كان أوّل المتنمّرين المفتَضَحين الإعلامي الجزائري الناقل والمحلل، الذي يصفه اليوتيوبر المغاربة ب"الطعارجي"، والذي بدأ يبث سمومه بوصف حفل الافتتاح بالعادي، بل بالهزيل، وزاد على ذلك فوصف انتصار المنتخب المغربي بالمفبرك، وطفق يتكلم عن التحكيم الإفريقي، والتأثير الذي ادعى أن المغرب يمارسه على فعاليات هذا التحكيم لكي يقود نتائج المباريات، على حد قوله، في الاتجاه الخادم لمشروع فوز المغرب بهذه البطولة، حتى أنه قال إن المغرب سيمارس كل أشكال الترغيب والترهيب ليحقق ذلك الحلم، بل قال إن هذه الدورة تبدو منذ البداية معمولةً خصّيصاً من أجل أن يفوز المغرب بها في جميع الأحوال !!
بعد الجزائري الدراجي، خرج علينا من أرض الكنانة صحافي مصري يعتبر نفسه محللاً رياضيا، قال هو الآخر بعظمة لسانه إن انتصار المنتخب المغربي على نظيره القُمُري تم بفعل فاعل، وزاد على ذلك بأن أكد أن التحكيم في هذه الدورة سيخدم المنتخب المغربي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وقال إن هذه ليست إلا البداية، وأن الباقي سيكون أعظم واغرب... والحال أنني شخصيا لم أسمع يوما بهذا المحلل ولم أتشرف بمشاهدته قبل تلك الخرجة العارية، والظاهر أنه جيء به خصيصاً ليؤدي هذا الدور المُعرّي لعورات الحاسدين في أرض الكنانة !!
ولأن الخير لا يأتي منفرداً، فقد طلع علينا قبل يومين ناقل تلفزيوني آخر، منتدب من لدن إحدى القنوات التونسية، قال هو الآخر إن ملعب مولاي عبد الله، الذي شكّل في الواقع ظاهرة هذه الدورة بلا منازع، على الصعيد العالمي برمته، قال إنه تعرّض لانقطاع كهربائي أثناء حفل الافتتاح، ربما لأنه بغبائه لم يستوعب المؤثرات الضوئية التي استُخدِمت بتقنية عالية في ذلك الحفل، حيث كانت الأضواء تنطفئ بين المشهد والآخر عن قصد، لترك المجال لتغيير وتنويع التشكيلات الفنية التي كان فنانو العروض يقدّمونها فوق أرضية الملعب، المغطاة ببساط بلاستيكي رسمت عليه الفسيفياء المغربية الفاسية، التي كانت بمثابة خطوط بيانية يستعملها الفنانون المنفذون للوحات البشرية كدليل إرشاد أثناء تحركاتهم وتموقعاتهم، أو أن ذلك الصحافي التونسي تعمّد فحسب، نقل أكاذيبه لأن لديه دوافع خفية، لا يستبعد أن تكون لها علاقة ببعض المؤثرين الجزائريين الذين استقبلهم المغرب بحفاوة زائدة، بل مفرطة، خاصة وأن الجميع يعلم أن تونس الرسمية هي الآن، وبشكل من الأشكال، طَوْعَ بَنان المخابرات الجزائرية، وهو الواقع الذي يردده التونسيون الأحرار، أنفسهم، بقولهم جِهاراً إن تونس أصبحت "ولاية جزائرية" تحت حكم رئيسها الذي استولى على السلطة بمساعدة النظام الجزائري، وما زال يأتمر بأوامر ذلك النظام لقاء شيكات لا تخفى على أحد... ذلك الصحافي أيضاً، راجت أخبار بأنه عمد إلى بث أكاذيبه بسبب منعه من الالتحاق بالمرفق الإعلامي المخصص للصحافيين المعتمدين من طرف الكاف لكونه جاء متأخراً عن الموعد... نفس الأخبار راج فيها كذلك أن القناة التي يعمل لها اضطرت بإيعاز من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى استدعائه للعودة إلى تونس بنية تعويضه بمراسل آخر !!
كل هذا، دونما حاجة إلى الوقوف عند التفاهات التي ما زال الإعلام الجزائري الرسمي والذبابي يبثها ليل نهار، في محاولة يائسة للتشويش على هذه الدورة، وتبخيس الإنجازات التي حققها المغرب وأبهر بها زواره من كل الجنسيات، بما فيها الأوروبية والأمريكولاتينية، الشهيرة بتطورها المُهوِل في هذا المضمار.
كل هذا وذاك، لم ينقص شيئا من الانبهار الذي عبر عنه أغلب الوفود والزوار والإعلاميين، العرب، والأفارقة، والأوروبيين، والأسيويين وغيرهم، إزاء البنيات الأساسية التي أعدها المغرب لاستضافة هذه التظاهرة، وجعلها بحقّ، تبزّ وتتفوق على كل الدورات السابقة بلا استثناء، بل قد أثبتت المنشئات الرياضية التي تجري فيها مباريات هذه الدورة أنها أفضل حتى من نظيرتها القطرية والأوروبية، بفضل تقنية تصريف مياء الأمطار، التي استُعملت في بناء أرضيات الملاعب التسعة، والتي تحتفظ بالعشب خاليا من البرك المائية رغم غزارة الأمطار، التي لم تنقطع منذ بداية الدورة إلى غاية ساعة الله هذه...
نهايته... لقد فضحت هذه الدورة عورات كثيرين ممن كنا نعدهم إخوة وأصدقاء، فضلا عن الخصوم التقليديين، الذين قضّت نجاحاتُنا مضاجعَهم، وأجفلت النومَ عن عيونهم... والباقي لا محالةَ أفظع... عجبي!!!
محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي متقاعد

