الثلاثاء 23 إبريل 2024
فن وثقافة

الممثل والمخرج إدريس الروخ: نابضة 2.. الفرجة في ابهى حلة

الممثل والمخرج إدريس الروخ: نابضة 2.. الفرجة في ابهى حلة الممثل والمخرج إدريس الروخ إلى جانب مشاهد من مسرحية نايضة 2 
استمتعت ليلة البارحة بمشاهدة عرض مسرحية نايضة 2  بمسرح ايت ملول في إطار مهرجان المسرح وفنون الفرجة المقام بآكادير fitas.
المسرحية من إخراج المبدع أمين ناسور وتشخيص ثلة من النجوم الكبار (عادل ابا تراب، عبدالحق بلمجاهد، وسيلة صبحي، هاجر الشركي، وزهير  ايت بن جدي. 
مسرحية بآليات محكمة في تقريب الحدث من الجمهور والانخراط في المشاكل التي يعيشها المواطن المغربي وتقريب الرؤية بشكل فرجوي يحيلنا على تقنيات الاداء من جسد مرن يتحرك كالدمى داخل رقعة اللعب ، كما لو كانت اياد خفية تلعب به وتسيطر على مصيره ، تجده مشدود بقوة الى الارض كما لو كانت تمنعه من الانطلاق في عوالم الحياة حتى لا يفكر بطريقة مريحة أو يجد لنفسه مخرجا ليعيد ترتيب ذاته وأفكاره ، فهو في دوامة لا يستطيع الخروج منها ، يلف فقط حول نفسه ، يرقص يغني ، يغضب ، يضحك ، يتكلم كالببغاء بكلمات ومفردات متقطعة أحيانا دون أن يقدمها كحل بل هي في حد ذاتها تشكل أساس مشاكلنا اليومية حينما تخرج من أفواهنا دون أن نأطرها بماهو مهم في حياتنا ( الصدق والايمان بالتغيير من أجل غد افضل ). 
عندما تشاهد تلك الشخصيات / الدمى تلعب في فضاء مؤتت بما هو صالح لعرض مثل نايضة 2 تعرف أنها شخصيات عبثية تذكرنا بمسرح العبث وعوالم بيكيت  يونيسكو وارابال وهارولد بنتر واداموف وجان جونيه وإدوارد البي . الكل كان يعرف أن الحيلة لم تعد لها قيمة وأن الانسان مصيره الانتظار حيث لا أمل ..لا مفر ..لا مستقبل ..مجرد شبح مظلم ابعد الشمس عن العقول وأزال الدفء عن القلوب وأرغمها على التفكير في الانتحار كوسيلة للهروب من واقع مايحدث ومن هول ما سياتي
عامة العبث يقلق ويقضي على البعد المنطقي للحياة ..ويسخر منها وربما هذا هو الأهم . وخلافا للمصطلح ولما هو معترف به ..فالبعد الفلسفي للعبث يحيلنا على اهم مدارس المسرح
منذ ان تبناها (ألبير كامو) الذي انسلخ عن الوجودية وكتب ( أسطورة سيزيف) هنا ظهر بعد اخر للمصطلح وأصبح مفهومه مفارقة فلسفية ..أعطى شحنة من الصراع بين أضداد الحياة في تقابلات اجتماعية وفكرية واقتصادية ..
في نايضة 2 نجد أنفسنا أمام ضياع آخر  انطلاقات من الاسم / الهوية للإبن الضائع في مجتمع تتعدد فيه الإيديولوجيا الى شخصيات ليست لها انتماء فعلي تتحارب مع نفسها من أجل مصلحتها دون أن تغير الآخر اهتماما، تستخدم كل الوسائل المباحة والغير مباحة من أجل أن تسيطر على العالم ، تتلوى كأفعى من أجل فرض سيطرتها على الفضاء الذي تمكنت من الوصول إليه بطريقة ما، أنها اللغة العبثية الحديثة في اقتحام الإنسانية بل انها العبثية المطلقة لتدمير الهوية وتشتيتها كلية .
هكذا استطاع امين ناسور أن يدخلنا في هواجسه في قناعاته في أفكاره ليزيل الغطاء عن أسرار وأحوال شخصياته التي تشبه الى حد كبير فرقة المسرح المتجول الذي يجوب القرى والبوادي من أجل الفرجة.
هكذا كان المسرح فيما مضى وهكذا هو المسرح دائما، رحلة يومية هنا وهناك، يثير النقع اينما حل ويخلق الجدل ويبعث على طرح السؤال الفلسفي / الوجودي : من نحن؟ 
بلغة بصرية وايقاع يشد الأنفاس ويجعلنا نحن الدمى في حضرة ممثلين يسيطرون على الركح ويقتحمون الجمهور ليسيطروا على اجسادهم وأفكارهم ، فيلعبون لعبة ذهنية توحد الممثلين  والجمهور ليصبح العرض في فضاء واحد ينخرط فيه الجميع، الكل يشارك، الكل يفعل والكل يستمتع.