الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

منعم وحتي: القرصنة الإيبيرية للجزر المغربية..

منعم وحتي: القرصنة الإيبيرية للجزر المغربية.. منعم وحتي، وجزر "إشفارن"
 تسمى باللغة الأمازيغية جزر "إشفارن"، بمعنى جزر اللصوص، وقد احتفظت بنفس الإسم بالإسبانية "إسلاس تشافاريناس" Islas Chafarinas بعد احتلالها من طرف الإسبان، وهي متواجدة قبالة قبيلة كبدانة براس المال "قابو ياوا"، على مسافة 3,5 كلم من شواطئ مدينة الناظور. كانت هاته الجزر ملاذا لكل الهاربين من بلدانهم والملاحقين في دولهم قصد الاحتماء من المتابعة، خصوصا مع قوة الدولة المغربية في ذلك العهد، وتطورت هاته المجموعة لتشكل فرقا من القراصنة تسطو على السفن العابرة للبحر الأبيض المتوسط، ومن هنا جاءت التسمية الأمازيغية "إشفارن". 
قامت إسبانيا بعدة محاولات فاشلة لاحتلالها عندما كانت سيادتها مغربية، الأولى عقب احتلال مليلية في 1497، لكن هواجس الإسبان استفاقت مرة أخرى بعد حصار المغرب لمليلية سنة 1774 في محاولة لتحريرها، وبالضبط في 1786 حين جهزت إسبانيا حملة للاستيلاء على الجزر الجعفرية لكن المحاولة باءت بالفشل مرة ثانية. ويبقى الانعراج التاريخي المحدد كان سنة 1847 حين وصل الجيش الفرنسي الذي كان يحتل الجزائر للحدود الشرقية المغربية، ومخافة أن يسبق الفرنسيون للسيطرة على الجزر الجعفرية، عجل الإسبان بانعقاد مجلس الحكومة في 26 يونيو 1847 فقررت احتلال جزر إشفارن المغربية، حيث توجه الأسطول الإسباني من ملقا عبر مليلية لاحتلال هاته الجزر في 01 يناير 1848، وكان لها ذلك مع ترهل الدولة المغربية. 
تعتبر الجزر الجعفرية الآن منطقة عسكرية محتلة من طرف إسبانيا، وليست تابعة لأي حكومة ذاتية إسبانية محددة، وحتى المقيمون بها جنود وأمنيون إسبانيون، في حدود حوالي 600 شخص عسكري، أغلبهم في جزيرة إيزابيلا حيث الثكنة العسكرية، وهي ممنوعة من زيارة الإسبان إلا بإذن خاص. وقد حاولت الدولة الإسبانية طمس معالم الحضارة والتسميات المغربية للجزر الثلاث وهي كالتالي :
- جزيرة أسني : في الجهة اليمنى وقد حولوا إسمها لتصبح جزيرة "ري".
- جزيرة عيشة، وهي الكبرى في الجهة اليسرى، وتظهر على شكل أسد، وهي معروفة بهاته الميزة عند كل ساكنة الجهة الشرقية، أصبح إسمها الإسباني "كونكريسو"، ويبلغ طولها 900م.
- جزيرة إيدلو في الوسط، وقد غير الإسبان إسمها لتصبح جزيرة إيزابيلا ويبلغ طولها 600م.
بالإضافة للتاريخ، فلفهم تفاصيل الأزمة الجديدة بين المغرب وإسبانيا حول هاته الجزر، من المهم ضبط المعطيات الدولية والقانون البحري الذي يؤطر هذه القضية، فالجزر الجعفرية ليست لها حدود مع المياه الإقليمية المغربية الممتدة على 12 مايلا، وأي زيارة لهاته الجزر جويا أو بحريا تمر بالضرورة عبر التنسيق بين السلطات المغربية والإسبانية، لأنها في المياه الإقليمية المغربية.  
سلمت وزارة الخارجية الإسبانية، في الأيام القليلة الماضية مذكرة احتجاج للسفارة المغربية بإسبانيا، تخص بناء شركة لمزرعة متخصصة في صناعة الأسماك قبالة الجزر الجعفرية، الرسالة وُضعت في سفارة المغرب بمدريد، رغم أن سفيرة المغرب انسحبت من السفارة بشكل رسمي !!!!، وقد صرح خوسي مانويل ألفاريس وزير خارجية إسبانيا، أن إقدام المغرب على الترخيص لهذه الشركة يشكل خطرا على سلامة الملاحة والبيئة وقال أنه احتلال غير قانوني وغير شرعي للمياه الإقليمية الإسبانية، رغم أن المغرب لا يعترف بالمياه الإقليمية للجزر الجعفرية وسبتة ومليلية باعتبارها مناطق محتلة من طرف إسبانيا.. 
تفاصيل الحكاية تعود لما ورد في الجريدة الرسمية المغربية، التي مُنح بموجبها في 7 مارس 2021 لشركة مغربية، مقرها الأم بالنرويج ولها الإدارة في كاتالونيا رخصة استغلال أقفاص تربية الأسماك في المنطقة المقابلة للجزر الجعفرية بإقليم الناظور، ومع تخوف إسبانيا من خطة مغربية جديدة للتضيق على هاته الجزر، كما وقع في الحصار الاقتصادي لسبتة ومليلية، فقد خرجت السلطات الإسبانية بقرار يمهل الشركة 20 يوما لسحب أقفاصها المنصوبة بمحاداة جزر "إشفارن"، والقضية مرشحة لتطورات جديدة مع سياسة شد الحبل التي تنتهجها الديبلوماسية المغربية اتجاه إسبانيا منذ الأزمة المعروفة بتهريب "بطوش"، خصوصا وأن إسبانيا تتجنب ما أمكن زيادة تأزيم الوضع مع المغرب، في محاولة لعودة المياه لمجاريها.
للتذكير فمجموع الصخور والجزر والمناطق المحتلة في المياه الإقليمية المغربية تبلغ 21، موزعة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وهي بالتفصيل :مليلية، سبتة، 3 جزر جعفرية، 3 جزر في الحسيمة، جزيرة باديس، جزيرة ليلى، جزيرة البرهان، بالإضافة ل 13 جزيرة بجزر "الكناري" 8 مؤهولة و 5 محتلة بدون ساكنة، ولمزيد من المعطيات فالساكنة الأصلية لجزر الخالدات "الكناري" من الغوانش الأمازيغية بمنطقة سوس. 
ملحوظات لها علاقة بما سبق :
- جبل طارق، صخرة مستعمرة منذ 1704 من طرف بريطانيا، وتطالب به إسبانيا كتراب ممتد في الأراضي الإسبانية، فلماذا ازدواجية التعاطي الإيبيري مع حقوق المغاربة فيما يخص المناطق والجزر والصخور المغربية التي تحتلها إسبانيا ؟
- يجمعنا واليهود الموريسكيين، نفس الإضطهاد الإيبيري، الذي كان فيه المغرب ملاذا آمنا لهاته المجموعات، إنها نفس التقاطعات مع المغاربة من أصول مغربية ب "إسرائيل"، التي ترتكز عليها بعض التحليلات، والتي يجب أن لا تنسينا الحقوق الثابتة للفلسطينيين.